سرعة التعافي من هذا المرض تعتمد على أربعة عوامل
الاستعمار الأوروبي في القرن التاسع عشر وأول القرن العشرين يعده المؤرخون مثل المرض أو الحالة الشاذة في التاريخ. هذا المرض أصاب كثيرًا من بلاد العالم في القرن التاسع عشر وأول القرن العشرين، لكن نجد اليوم بلادًا حققت التعافي من هذا المرض مثل الصين والهند.
في حين أن بلادًا أخرى لا تزال في مراحل المرض تستبدل أسيادًا مكان أسياد وتستمر في العبودية، مثل الشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية!
التعافي من الاستعمار الأوروبي
فرصة التعافي من هذا المرض وسرعته تعتمد على أربعة عوامل:
أولًا: مستوى قوة البلد وحضارتها قبل الاستعمار.
ثانيًا: طول مدة الاستعمار أو قصرها.
ثالثًا: هل كان استعمارًا عسكريًا مباشرًا متغلغلًا في مفاصل الدولة؟ أم سيطرة من الخارج؟
رابعًا: حضارة البلد أو الشعب وتاريخه ولغته.
النضال ضد الاستعمار الأوروبي
مثلًا:
وسط إفريقيا: لم يكن متقدمًا حضاريًا قبل الاستعمار الأوروبي، واحتُل مباشرة لمدة طويلة، ولا يملك حضارة قديمة واضحة لها إنجازات، لذلك فالتعافي من الاستعمار بطيء جدًا.
في المقابل مثلًا تجد الصين، كانت متقدمة حضاريًا قبل الاستعمار، والاحتلال المباشر لأراضي الصين حدث لمدة قصيرة، ولديها لغة وحضارة قديمة.
في حين أن الهند لها حضارة قديمة وكانت قوية قبل الاستعمار، لكن احتُلت مباشرة لمدة طويلة، لذلك نجد تعافي الهند أكثر بطئًا من تعافي الصين.
بلد مثل إيران أو تركيا، كانا متقدمين حضاريًا قبل الاستعمار، والاستعمار المباشر استمر لمدة قصيرة نسبيًا، ولديهما لغة وحضارة، في حين أن أغلب الدول العربية لديها أيضًا حضارة لكنها لم تكن بالقوة والتقدم المماثل لإيران وتركيا، كما أن الاستعمار المباشر استمر فيها لمدة أطول، لذلك فالتعافي في إيران وتركيا من الاستعمار أسرع من البلاد العربية.
في حين بلاد وسط آسيا (مستعمرات الاتحاد السوفيتي السابقة) لا تزال تعيش في استعمار عقلي، لكن نحو روسيا بدلًا من غرب أوروبا وأمريكا!
نجد أن أمريكا الجنوبية تعاني من غياب لغة وطنية مستقلة عن الاستعمار الإسباني والبرتغالي، وضياع حضارة سباقة، واستعمار لأزمنة طويلة جدًا.
الاستقلال من الاستعمار الأوروبي
لذلك تجد أغلب المثقفين العرب دائمًا ينتظرون الأفكار من الاستعمار، ينفذون أوامره، ليس بدافع الخيانة لكن بدافع العبودية، شعارهم: في أوروبا يفعلون كذا ويقولون كذا، إذًا فهذا هو الصحيح والحق العظيم في عقولهم التابعة المستعبدة.
يسير وراء هؤلاء المثقفين العبيد بقية الشعب، يفكرون مثلهم، يتعلمون منهم في الأفلام والإعلام والتعليم، وتصل أفكارهم التابعة إلى الحكام وصناع القرار ومفاصل الدولة، يعيشون في استعمار عقلي.
في حين أن التعافي عادة يظهر في الإيجابية في عقول الشعب، في الثقة بالنفس، في السعي نحو القيادة والسيطرة، وليس العبودية والتبعية.
السعي نحو الاستقلال، الاستقلال الحقيقي، استقلال عقلي وحضاري يتحول إلى عمل استقلال اقتصادي، ثم سياسي وعسكري.
الاستقلال يبدأ بإحياء الحضارة الإسلامية واللغة العربية، لتتحول هذه المنطقة إلى عقول مستقلة واثقة بنفسها وبقدرتها على العمل والإبداع بدلًا من التبعية والعبودية.
مقالات ذات صلة:
ما هو الاستعمار، وما هي دوافعه؟
الاستعمار الفرنسي ومعركة الوعي في إفريقيا
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا