مقالات

البحث عن الرأس

الناس ليسوا على شاكلة واحدة فمنهم القوي والضعيف، الذكي والمتأخر، الرئيس والمرؤوس، الذي تتوفر فيه صفات القيادة وصاحب الرؤية والتابع المُنقاد.

القائد إما أن يكون عاديًا تحت مظلة الدولة والمؤسسة فينخرط في العمل العام وتتسم أعماله بالروتينية، أو يكون فريدًا قراره من رأسه يفكر خارج الصندوق، أو في هذه الحالة كما يُقال: يُغرّد خارج السرب.

هؤلاء الناس تواجههم صعوبات في حياتهم فهم يُشبهون فئة الموهوبين من ذوي الاحتياجات الخاصة، من الصعب أن يتواءموا مع الجميع، يُخيّل إليك أنهم غير طبيعيين أو عندهم جنون في تفكيرهم، حتى أن الناس من حولهم يُشفقون عليهم.

ومن هذه الفئة القادة الذين يحملون على عاتقهم عبء الدفاع والذود عن مجتمعاتهم فتراهم يُنظمون الصفوف، ويلقون البيانات، يمتلكون مهارة الخطاب وكاريزما الإقناع والسيطرة على الجمهور، وهذا ما لا تريده بعض الجهات على المستوى المحلي والعالمي وبخاصة أصحاب المصالح. نحن هنا لا نتعرّض لشرح السير الذاتية للأشخاص المؤثرين، لكن نلقي الضوء على دورهم والنتيجة الحتمية لذلك.

أسامة بن لادن

من هؤلاء “أسامة بن لادن”، زعيم تنظيم القاعدة في أفغانستان الذي رصدت أمريكا أموالًا طائلة لمن يدل عليه، وشنت حربًا شعواء على بلد مستقل كامل السيادة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، وضرب البُرجيْن لمركز التجارة العالمي في نيويورك، فطلبت رأسه حيًا أو ميتًا لزعم أنه المخطط لتلك الهجمات.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

صدّام حسين

صدّام حسين، الرئيس العراقي الذي صنعت الولايات المتحدة مسرحية “تحالف دولي” –كعادتها– وهي في الحقيقة دولها الصديقة صاحبة المصالح والأهداف المشتركة، ثم الجلوس لتقسيم الكعكة والصيد الثمين بعد انهيار كل دولة.

لقد بلغ العراق ذروته على الرغم من الحظر “13” عامًا، ورغم ذلك كانت العراق تزرع وتصنّع، وفي الحقيقة فإن الأمر لا يعدو تضييقًا وخنقًا لدولة عربية تمتلك ثروات طبيعية وقوية لها دور فاعل في المنطقة، لكن كل هذا يهون من أجل عيون ابنتها المُدللة إسرائيل وأمنها، ثم يتذرّعون:

-عندكَ أسلحة نووية!

– لا

– لا، عندك سلاح نووي.

-لا، لا يوجد.

-طيب، ينزل عندك مفتشين دوليين.

– تمام.

ثم يعبث المفتشون (الجواسيس) جيئة وذهابًا يُصورون المواقع والأماكن الحساسة في الدولة، وهم يُضمرون في أنفسهم أمرًا دبّروه بليل، كان رأس صدّام هو المطلوب وتفتيت بلد في حجم حضارة العراق وقوتها، وفي النهاية ضحّوا به على مرأى العرب والعالم ومسمعهم ولم يُحرك أحد ساكنًا سوى مصمصة الشفاه وعض أصابع الندم بعد فوات الأوان.

يحيى السنوار

بنفس المنهج في تتبع القادة والرؤوس المفكرة المناهضة للاحتلال المغتصب، ظهر في الآونة الأخيرة اسم “يحيى السنوار”، القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة، فأخذت إسرائيل ذريعة هجوم السابع من أكتوبر لتضع اسمه والبحث عن رأسه من أهم أهداف وأولويات الحرب على غزة.

إن الغرض ليس السنوار كما كان قبله أسامة بن لادن أو صدام حسين، لكن الهدف أكبر وأشمل يتمثل في تفكيك دول وإضعافها ونهب ثرواتها والاستيلاء على مقدراتها، والآن في غزة لتدمير البنية التحتية، وكسر شوكة المقاومة وتفكيكها وعلى رأسها حماس التي تقف حجر عثرة في طيش إسرائيل وعبثها، مثل الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية ومصادرتها والسيطرة على المسجد الأقصى والتحكّم في الاقتصاد الفلسطيني والخدمات والوقود، إلخ.

ومع الشهر الثامن في حرب الاحتلال الشعواء على القطاع واستمرار القتال على مدار الساعة في الشمال والوسط والجنوب، لا نرى سوى هزيمة مُدوّية وتمريغ وجه الجيش الذي لا يُقهر في الوحل وتدمير آلياته وإصابة جنوده وقتلهم، ولم يتعلموا ويأخذوا العِبر من دروس التاريخ السابقة وما أصاب المحتل قبلهم من دمار واندحار في رمال غزة الغائرة.

مقالات ذات صلة:

سلاح الأنفاق

أكثر ما يرعب المسيطرين على العقول

القيادة المُلهمة

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. وائل زكي الصعيدي

خبير مناهج وطرق تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها/ جامعة الاقتصاد والتجارة الدولية

محاضر في: جامعة الدراسات الأجنبية كلية العلوم الإسلامية الصينية / بكين – الصين

دكتوراه فى المناهج وطرق تدريس اللغة العربية

ماجستير في أدب الأطفال، ودبلوم خاص في المناهج وطرق التدريس، رئيس قسم الموهوبين بإدارة ميت أبو غالب التعليمية دمياط سابقاً

عضو اتحاد كتاب مصر