وكالة ناسا تعين علماء دين!
من وقت قريب، وفي صمت وسكات تام، ووسط ما العالم كله منشغل بالأحداث السريعة اللي بتحصل على سطح الكوكب، من كوارث طبيعية وزلازل وأوبئة وحروب، وكالة ناسا الأمريكية بقالها فترة بتعمل حاجة غريبة وغير مفهومة، وممكن ترعبك لو فكرت فيها!
الحاجة دي إنهم بيعينوا علماء دينيين وخبراء في اللاهوت والأديان المقارنة، وقساوسة حقيقيين، وبيستثمروا فيهم وبيدفعوا مئات الآلاف من الدولارات عشان يطلبوا منهم طلب غريب شوية، إنهم يدرسوا رد فعل الناس على فكرة الإعلان عن وجود كائنات حية ذكية غير البشر، جايين من أعماق الفضاء!
مش بس كده، ده الهدف والغاية الكبرى اللي عايزين يوصلوا لها من تعيين العلماء دول وتمويل أبحاثهم وشغلهم، إنهم يحضروا العالم والناس، والمجتمع الموجود على كوكب الأرض كله، لاحتمالية الإعلان عن أي اكتشاف في المستقبل القريب لحضارة فضائية من خارج كوكب الأرض!
ده حقيقي فعلًا زي ما سمعت، مش خيال ولا نظرية مؤامرة، ولو عايز تعرف إزاي بيحصل، وإيه اللي هُمَّ بيعملوه بالظبط وليه، هات كوباية شايك الحلوة ونعناعك في إيدك، وتعالى أحكيلك..
علماء أديان في خدمة وكالة ناسا
بص يا سيدي، الموضوع كله بدأ سنة 2015 تقريبًا لما وكالة ناسا استثمرت تقريبًا 1.1 مليون دولار في مركز اسمه مركز الاستفسار اللاهوتي (Center for Theological Inquiry) أو اختصارًا (CTI)، التابع لجامعة برينستون في نيو جيرسي في الولايات المتحدة الأمريكية، والكلام ده كله اتسرب من وثائق سرية كشفوا عنها من قريب من جوه الحكومة الأمريكية، بسبب قانون حرية كشف المعلومات في أمريكا، وهتلاقي بعض الوثائق دي هنا في اللينك ده بصيغة ملف pdf لو عايز تحملها وتشوفها بنفسك:
https://documents2.theblackvault.com/documents/nasa/20-HQ-F-00617.pdf
طيب هنا بقى ييجي السؤال المهم، هو الاستثمار ده كان هدفه إيه بالضبط؟! وإيه اللي ممكن يدفع ناسا للاستثمار في مركز لاهوتي ديني، بعيد كل البعد عن شغلهم العلمي اللي بيهدف في الأساس لدراسة الفضاء والكواكب؟!
الحقيقة إن الاستثمار ده يا سيدي كان موجه في الأساس لعلماء اللاهوت والتفسير الديني التابعين للمركز ده، وكان هدفهم منه إنهم يعملوا دراسات مكثفة ومفصلة عن الطريقة اللي الناس من أتباع أديان العالم الكبرى هيتصرفوا بيها، ورد فعلهم هيكون إيه، لو في يوم من الأيام قريب اكتشفوا حياة فضائية غريبة غير البشر، على كوكب آخر في مكانٍ ما من الكون.
هل يعتقد البشر في وجود حياة خارج كوكب الأرض؟
يعني تخيل مثلًا لو بكره الصبح صحيت لقيت خبر في التليفزيون بيقولك إن في كائنات فضائية ظهرت أخيرًا على كوكب الأرض، وإنهم عايزين يتعرفوا علينا ويعملوا معانا معاهدة سلام، ويفتحوا معانا حوار حضاري ما بين الشعوب والأجناس، هتحس بإيه وهتفكر في إيه؟ ولو أنت مؤمن بدين معين، هتفسر الموضوع ده إزاي وعلى أي أساس؟!
هل يمكن أن يكون الله قد خلق حياة أخرى في مكان تاني من الكون غيرنا؟! ولو اكتشفنا إن ده صحيح، طب هيكون تأثيره إيه على فهمنا لقصة الخلق الدينية في الإسلام والإنجيل والتوراه؟! وهل ده ممكن يكون سبب كافٍ لإن الأديان نفسها تعاليمها وتفسيراتها تتغير، وتتفهم بشكل تاني مختلف عن اللي بقالنا آلاف السنين عارفينه؟!
هو ده السؤال اللي البرنامج المدعوم من ناسا ده بيحاول يطرحه ويجاوبه، واللي إنت متعرفوش بقى، إنه في الواقع كان بيضم تقريبًا 24 عالم ومتخصص ديني، منهم المسلم والمسيحي واليهودي، وبقالهم فترة طويلة بالفعل بيحضروا أبحاث وأوراق مهمة عن الموضوع ده، وأبحاثهم دي كشفت معلومات وحقايق مهمة جدًا وغير متوقعة.
اقرأ أيضاً: وكان إيه لازمته نطلع الفضاء؟
لماذا الحاجة إلى علماء اللاهوت والفقه؟
بناء على كلام واحد من الخبراء الدينيين دول، عالم بريطاني وحائز على الدكتوراة في علم الكيمياء الحيوية من جامعة أوكسفورد (Oxford)، اسمه د. آندرو ديفيسون (Andrew Davison)، قال إن بناءً على الأبحاث اللي عملوها، فالناس اللي مش متدينين أوي أو غير مؤمنين بالأديان، بيبقوا دايمًا فاكرين إن المتدينين هيرفضوا تمامًا احتمال وجود كائنات فضائية، أو هينبذوا أديانهم ويكفروا بيها لو اكتُشِفت حياة خارج كوكب الأرض، رغم إن ده في الغالب مش هيكون صحيح ولا هيحصل.
طب إزاي؟!
اللي قاله د. ديفيسون إن في حالة اكتشاف حياة فضائية، فكتير من الناس هيرجعوا لأديانهم ويحاولوا يوصلوا لأي نوع من أنواع الإرشاد ليهم من خلال التعاليم المكتوبة في الأديان دي، بطريقة تخليهم يقدروا يتعاملوا مع المفاجأة المذهلة دي، ويفهموها ويستوعبوها في إطار القناعات اللي عاشوا مصدقين فيها طول حياتهم، وإن دي حاجة ممكن تخلي الناس تؤمن بربنا أكتر مش العكس.
بس الفكرة بقى إن مش كل علماء الدين والخبراء اللي في المشروع ده موافقين على كلامه، بل في خبراء تانيين ناقضوا الكلام ده، وقالوا إن لو ده حصل، فعدد كبير من الناس هينبذوا الدين بتاعهم، وهيتجهوا للإلحاد أو على أقل تقدير عدم الإيمان بالأديان، يعني هيبقوا شايفين إن في خالق، بس مش مؤمنين بدين معين، اللي هُمَّ يعني بيسموهم اللا دينيين أو الـ(Agnostics).
مش بس كده، دول ممكن كمان يشوفوا إنه لا يوجد ما يمنع إن تكون الطريقة اللي جئنا بيها للحياة تكون مختلفة عن تلك اللي حكت عنها الأديان! بمعنى إن قصص وحكايات الخلق الموجودة في الكتب السماوية تكون مش حقيقية ومجرد تأليف، والقصص الحقيقية مختلفة عنها تمامًا!
تعرف على: قراءة في “دليل أكسفورد في الدين والعلم”
موظفو ناسا والتليسكوب “جيمس ويب”
عايزك بس تتخيل أنت مدى حساسية وخطورة موضوع زي ده قد إيه على المجتمعات المتدينة، سواء الكاثوليكية أو الإسلامية أو حتى اليهودية، وإزاي حاجة زي دي ممكن تتسبب في جدل وفتنة ضخمة ما بين الناس، محصلتش قبل كده في أي فترة من فترات التاريخ تقريبًا! جدل ممكن يؤدي إلى حروب ومذابح حرفيًا!
لاحظ إن هُمَّ بدأوا كل المشروع ده في وسط التطور السريع اللي بيحصل في تكنولوجيا استكشاف الكون والكواكب البعيدة، وفي الوقت اللي أُطلق فيه تليسكوب جيمس ويب الفضائي، من سنة تقريبًا، واللي واحدة من ضمن مهماته الأساسية البحث في أصل الكون وكيفية تكونه، وما إذا كان في كواكب تانية عليها حياة فضائية غيرنا ولا لأ.
طبعًا كل ده بيقربنا أكتر من احتمال كشف آثار حياة فضائية غيرنا في الكون الواسع ده، وعايز أقولك إن عدد كبير جدًا من علماء الفلك في وكالة ناسا مؤمنين إيمان تام إن ده مش مجرد احتمال، بل حقيقة واقعة وهتحصل، وكل الحكاية مسألة وقت بس.
وفقًا لكلام كارل بيلتشر (Carl Pilcher)، المدير السابق لقسم دراسة الأحياء الفضائية أو الـ(Astrobiology) في ناسا، فمستحيل يكون الكون الواسع ده كله مفيهوش حياة غيرنا، ده المجرة بتاعتنا بس فيها 400 مليار نجم على الأقل، ولو قلت إن ده رقم متوسط بما إن مجرتنا هي مجرة متوسطة الحجم، وجيت طبقت الرقم ده على الكون كله، هيطلعلك رقم خزعبلي من النجوم يقدر بـأكتر من 10 سيكستيليون (Sextillion) نجم.
اقرأ أيضاً: لغز الكائنات الفضائية
احتمالية وجود كائنات فضائية على الكواكب الآخرى
لو إنت مش عارف يعني إيه السيكستيليون ده، فخليني أقولك إنه رقم كبير عليك وعلى طموحك، وكبير على خيال أي حد إنه يستوعبه أصلًا، واحد وقدامه 22 صفر! أنت ممكن تكون متخيل إنك قادر تفهمه، بس الحقيقة إنت لو جيت وجربت بس تتخيله كده في دماغك، فمخك هيعجز عن استيعاب الرقم عشان هو فوق القدرات العقلية للبشر من الأساس!
يعني مثلًا، خليني أقولك إن الرقم ده كبير لدرجة إنك لو حاولت تقارنه بعدد حبات الرمل اللي على كوكب الأرض كله، هيبقى قصاد كل حباية رمل واحدة على الأرض، في تقريبًا أكتر من 10 آلاف نجم في الكون المرئي! وخلي بالك إني هنا بقولك الكون المرئي بس، الكون اللي إحنا بنقدر نشوفه عشان الضوء اللي خرج منه لحق يوصلنا، لسه في جزء كبير جدًا من الكون إحنا مش شايفينه ومنقدرش نستوعب وجوده أصلًا، ومعندناش فكرة حجمه قد إيه من الأساس!
تخيل بقى إن وسط العدد الخزعبلي ده، في تقريبًا 20 مليار نجم مثلًا شبه الشمس بتاعتنا وقدها في الحجم، ومن وسط الـ20 مليار دول، في تقريبًا 4 مليار شمس زي بتاعتنا، بتدور حواليها كواكب في المنطقة الصالحة للحياة، اللي هو مش بعيد أوي فالكوكب يتجمد، ولا قريب أوي فيتحرق.
لو إنت جيت وافترضت مجرد افتراض صغير إن 0.1% بس من الكواكب دي عليهم حياة زينا، هتلاقي إن المفروض يبقى عندك عشرات الملايين من الكواكب اللي المفروض موجود عليها كائنات تانية غيرنا، أصل مستحيل بكل المقاييس والاحتمالات كل دول يكونوا مهجورين وغير صالحين للحياة، أو تكون الحياة نشأت مرة واحدة بس على كوكبنا الأزرق الصغير، اللي في حجم ذرة رمال وسط محيط مظلم شاسع ومترامي الأطراف، اسمه الكون!
هل لدى ناسا معلومات بعينها عن الفضائيين؟
يا ترى بقى أنت رأيك إيه في الكلام ده؟! وتفتكر إيه سبب إنهم يبدأوا يستثمروا المبالغ دي كلها في مسائل حساسة، زي تحضير المجتمعات والناس والأديان نفسها للقاء كائنات أخرى غيرنا، في نفس الوقت اللي مهمات استكشاف الفضاء فيه بتتطور وبتزداد دقة وسرعة؟!
هل الناس دول عارفين حاجة إحنا لسه منعرفهاش؟! وهل فعلًا متوقعين إن في حاجة معينة تحصل في المستقبل، ممكن تغير شكل المجتمع البشري، وطريقة تفكير الناس في الكون، وأهم المسائل الأساسية اللي في حياتهم للدرجة دي؟! يعني متوقعين ده ومستنيينه، ومهتمين به لدرجة إنهم يدفعوا المبلغ ده كله في شوية أبحاث عن ردود فعل الناس؟!
السؤال الأهم بقى، يا ترى فعلًا لو كشفوا عن حياة فضائية، إزاي ممكن مجتمعنا وثقافتنا ونظرتنا لأصولنا البشرية، وبداية الحياة على كوكب الأرض نفسه تتغير؟! هل هنفضل شايفين نفسنا الجنس المميز الوحيد في الكون، ولا غرورنا البشري ممكن يتلقى ضربة في مقتل، تغير شكل حضارتنا كلها؟!
كل دي أسئلة مهمة جدًا بيطرحها الموضوع ده، وكلها هتحدد فعلًا مستقبل الكوكب بتاعنا رايح على فين، خصوصًا إن فعلًا في توجه عالمي ماشي دلوقتي في الإعلام، وخصوصًا على المستويات الحكومية في أمريكا نفسها، إن فعلًا في ظواهر وأجسام غريبة بتظهر في سماء الأرض بقالها فترات طويلة ومحدش عارف هي إيه ولا عارف يفسرها، ومستحيل الأجسام دي تكون طائرات تجسس لإن عندها قدرات عالية ومتطورة جدًا لدرجة إنه يبدو عليها إنها بتخالف قوانين الفيزياء والطيران المعروفة نفسها!
الله أعلم المستقبل مخبي إيه، بس مش بعيد خالص التصور اللي تخيلناه مع بعض ميطلعش مجرد خيال، وييجي يوم من الأيام تفتح عينك على خبر ظهور كائنات تانية، وييجوا فجأة ويغيروا حياتك وحياتنا كلها للأبد.
مصادر:
https://www.inverse.com/science/no-nasa-didnt-hire-a-theologian
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا