قضايا شبابية - مقالاتمقالات

غياب المعنى في حياة الأفراد

مقدمة

يعيش كثير من الأفراد هذه الأيام حالة من الارتباك وعدم الاستقرار في النواحي الاقتصادية والاجتماعية، بصورة جعلت من الاستمتاع بالحياة أمرًا صعب المنال.

فهل الذين يستمتعون بحياتهم يستشعرون السعادة من خلال ذلك الاستمتاع؟ وهل هذا الشعور بالسعادة يجعلهم أكثر تسامحًا، وأكثر رحابة في نظرتهم إلى ذواتهم والآخرين من حولهم؟

الاستمتاع بالحياة مفتاح الحلول

يضفي الاستمتاع بالحياة على شخصية الفرد حالة من السعادة، والإحساس بالهناء والرضا عن كل جنبات الحياة، فتجعله أكثر بهجة وشعورًا باللذة والمتعة حين يضفي الفرد قيمة على حياته عند استمتاعه بها، وبما يجعله أكثر ارتباطًا وتمسكًا بهذه الحياة وبما يجعلها أكثر بهجة ومرحًا وسعادة.

أما هؤلاء الذين لا يستمتعون بحياتهم، فإن الكدر وضيق العيش وذهاب بهجة الحياة ومتعتها ولذتها عن حياتهم، بالصورة التي تجعل هذه الحياة جدباء لا معنى فيها ولا متعة، فيشعرون بقرب النهاية وعدم الرغبة في أن يعيشوا هذه الحياة أو في تغييرها،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أو في السعي لإضفاء معنى عليها والبحث عن كل ما يجعل لها قيمة وتستحق بأن تعاش، ذلك الكدر يجعل هؤلاء الأفراد أكثر حنقًا وعدائية تجاه الحياة والآخرين، فلا يلبسون ثوب التسامح، ولا تنبض حياتهم أو تستضيء بنور المتعة أو البهجة والنشوة، إنها بلا شك تلك الحياة الخالية تمامًا من المعنى.

العوامل المؤدية إلى فقدان المعنى في الحياة

فقدان المعنى في الحياة

الإصابة بالمرض النفسي وخاصة مرض (الإنهيدونيا)

يعد الشعور بالعجز مؤلمًا، ويزداد الوجع حينما يكون العجز عن الإحساس والشعور، بعد القدرة والتمكن من الأشياء التي يظن فيها اللذة والسعادة، مثلما لدى الأشخاص الطبيعيين،

أو الذين لا يعانون مرض التسطح العاطفي، ويعد انعدام اللذة –أو طبقًا للمسمى العلمي الإنهيدونيا– واحدًا من الأمراض النفسية التي تصيب الشخص وتتعدد الأسباب المؤدية إليه.

يمكن القول إن هذا المرض له مظاهر في العلاقات التي يدور حولها الشخص، كعلاقته بنفسه وعلاقته بالآخرين، وكلاهما يجد فيه الشخص نفسه بلا تفاعل أو تجاذب أو رغبة في المواصلة، والعلاج يكون تجريبيًا أكثر منه محددًا تبعًا لكل حالة.

عدم انسجام الفرد مع المجتمع المحيط به (التسطح العاطفي)

يساعد التأمل في معرفة الأعراض التي تظهر على مريض التسطح العاطفي، ولا بد من العلم أنه في كثير من الأحيان يرفض الاعتراف بأنه مريض ويجب أن يعالج منه، إلا بعد مناقشة مستفيضة ومقارنة بين السابق والحاضر، وفي حالة الاعتراف بوجود مشكلة، فإن العلاج يكون في متناول اليد.

تتعدد أعراض الإنهيدونيا، ومنها انعدام الرغبة لدى المصاب بالمشاركة في الأمور الاجتماعية، وربما يظن أنها غير ذات قيمة، ويضيف نفسه إلى الترفع عنها، وذلك تحت دعوى أنها لم تعد تلائمه والأمر خلاف ذلك، ويصبح ميالًا أكثر إلى قطع العلاقات مع الآخرين بل والفرح بذلك، ويسعى جاهدًا لتبرير ذلك لنفسه، على أنهم لا يريدون منه إلا المنفعة الخاصة فقط.

الإصابة بالاضطرابات السلوكية

يحسب الشخص المصاب بالتسطح العاطفي حسابات ذهنية كثيرة حول أسلوبه في الحياة، ولذلك فإنه يتخذ أسلوب حياة مختلفًا كل فترة، ثم يعود على نفسه باللائمة دائمًا،

وهو ما يعرضه للإصابة بالاكتئاب، والذي يعد أحد أعراض الإصابة بهذا المرض، وتنسحب الأعراض على أسلوب حياة الشخص، وطريقة تعبيره عن مشاعره، والتي تأتي دائمًا فاترة وجافة، وفي بعض الأحيان جارحة.

يلاحظ عند استقراء طريقة حياته، أنه لا يقوم بأي دور فعال ومتزن في المناسبات، التي يجب عليه المشاركة فيها، سواء أكانت مناسبات سعيدة أو غير سعيدة.

اقرأ أيضاً: الاضطرابات النفسية، ما هي؟ وما أسبابها؟ وما علاجها؟

تعرف على: طرق التعامل مع مصائب الحياة

اقرأ أيضاً: إن الماء لا يقتل وكذلك الحياة فلا تخف

دوافع خفية

ترجع أسباب الإصابة بالإنهيدونيا إلى مرور الشخص بمراحل من حياته تعرض فيها لنوبات اكتئابية، ما أدى إلى ترسب الحالة في ذهنه، وبمرور الزمن أخذت قدرته على الاستمتاع بالحياة تتلاشى، حتى يظن أن هذا أمر طبيعي، وأن الجميع مثله.

تعد إصابة الشخص بمرض نفسي معين مدعاة للإصابة بانعدام الرغبة في الحياة أو الشعور بمعنى الحياة، فالنفس البشرية كثيرة التعقيدات، ولا يمكن التعرف إلى السبب المباشر لهذه الحالة،

إلا عند مصارحة المريض التامة، والدقة الشديدة من الطبيب المعالج في التقصي، وربط الأحداث ببعضها البعض، وهنا يكون له نصيب وافر من إمكانية عودته إلى الحياة، لأن الشعور والإحساس يساوي الحياة.

تلعب عوامل أخرى دورًا في الإصابة بهذا المرض، بجانب الأسباب النفسية، فالإصابة ببعض الأمراض كالسكري، ربما تجعل إحساس المريض بالحياة ولذتها مرهونًا بحالته الصحية، وهذا يُصعّب الحياة عليه.

الرؤية السوداوية لدى بعض الأشخاص

تزيد حالات الاكتئاب، فرصة الإصابة بأمراض أخرى، والإنهيدونيا خير دليل، ولكن حين تزداد المشكلة، فإن الشخص ربما يصاب بأخطر حالة يمكن أن تحدث، جراء حالته النفسية، وهو الاستسلام لليأس والزهد الحقيقي في كل شيء، ومن الممكن أن يتطور الأمر إلى رغبة في الانتحار، كما يتأذى الأشخاص المحيطون به نتيجة الاضطراب في سلوكه.

تأتي المضاعفات النفسية متشابكة مع المضاعفات الجسدية، مثل ارتفاع ضغط الدم وزيادة احتمالية حدوث نوبات صرع، وكذلك ارتفاع معدلات الضعف العام، نتيجة العزوف عن الأكل والشرب المتوازن، إلى جانب العديد من الاضطرابات الكثيرة، والتي من أهمها النظرة الانتقامية للمجتمع وتحميل المسؤولية عليه.

يزيد من حدة مضاعفات المرض، وجود انتقادات من المحيطين به أو استهزاءات، ما يجعل الشخص أكثر حدة وعنفًا في التعامل مع نفسه ومع الآخرين، إذ ربما حرم نفسه من الطعام والشراب، أو تفاقمت الحالة إلى أن يتلذذ بإيذاء الآخرين.

كل شخص يختلف عن الآخر في الظروف والبيئة التي كانت حاضنة لمسببات المرض. ويبدأ النقاش مع المريض بعد محاولة التعرف إلى مشاكله التي يجدها في حياته، من خلال علاقته مع نفسه والبيئة المحيطة والناس، وكيفية تفاعله مع الحياة، والمناسبات التي تستدعى وجوده ومشاركته فيها.

العوامل المؤدية لتدعيم الشعور بالمعنى في حياة الأفراد

فقدان المعنى في الحياة

القدرة على تبني أسلوب حياة يشبع رغبات الفرد واحتياجاته.

  • الشعور الشخصي بالكفاءة الذاتية وإجادة التعامل مع التحديات.
  • رقي مستوى الخدمات المادية والاجتماعية التي تقدم لأفراد المجتمع، والنزوع نحو نمط الحياة التي تتميز بالترف.
  • الاستمتاع بالظروف المادية والبناء المعرفي والأخلاقي في البيئة الخارجية والاحساس بحسن الحال وإشباع الحاجات، والرضا عن الحياة، وإدراك الفرد لقوى ومضامين حياته وشعوره بمعنى الحياة والسعادة، وصولًا إلى العيش في حياة متناغمة متوافقة بين جوهر الإنسان والقيم.
  • درجة إحساس الفرد بالتحسن المستمر لجوانب شخصية في النواحي النفسية، والمعرفية، والإبداعية.
  • تحدث حالة شعورية تجعل الفرد قادرًا على إشباع حاجاته والاستمتاع بحياته وبالظروف المحيطة به.

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. اسماء الشاعر

معلم أول لغة عربية بالأزهر الشريف