مقالات

العقل والألفاظ .. الجزء الثالث

المفرد والمركب

تحدثنا -صديقي القارئ صديقتي القارئة- في الدردشتين السابقتين (العقل والألفاظ ج 1، ج 2) عن تقسيمات مختلفة للألفاظ، والتي تمنع معرفتُها من وقوعنا في الخطأ عند التفكير.

وفي هذه الدردشة نتحدث عن أقسام الألفاظ من حيث الإفراد والتركيب. والذي يهم المنطقي من دراسة الألفاظ هو دلالتها على المعاني، لأن بحث المنطقي في المعقولات، والمعقولات معانٍ. وينقسم اللفظ باعتبار دلالته على معناه إلى مفرد “كزيد”، و”الإنسان”، ومركب “كزيد قائم” و”الحيوان الناطق”.

أقسام الألفاظ من حيث الإفراد والتركيب

أقسام الألفاظ

أ. المفرد:

هو كل لفظ لا يدل جزؤه على جزء معناه، مثلا: “شرف الدين” اسم مركب من كلمتين والمسمى به شخص معين، وهذ الاسم لدى المناطقة هو “اسم مفرد”، ولدى النحويين هو اسم مركب.

ونظر المنطقي يكون إلى المعنى، في حين يكون نظر النحوي إلى اللفظ. وهذ يعني أن المركبات النحوية إذا كانت أسماء أعلام هي -في رأي المناطقة- مفردات لا مركبات، وكذلك المثنيات، والجموع، وأسماء الجموع، وأسماء الأجناس، فإنه ليس شيء منها يدل جزؤه على جزء معناه.

ب. المركب:

أما اللفظ المركب فهو كل لفظ يدل جزؤه على جزء معناه، فإذا قلنا “شرف أستاذ جامعي” فإن “شرف” تدل على معنى معين، المتمثل في ذلك الشخص المسمى بهذا الاسم، و”أستاذ جامعي” تفيد الدلالة على معنى آخر غير اسم الشخص.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أقسام المفرد:

في علم النحو الكلمة تنقسم إلى الاسم، الفعل، الحرف، ولكن في علم المنطق اللفظ الموضوع المفرد على ثلاثة أنواع: أ. الاسم، مثل منزل، كتاب، سماء.. أو ب. الكلمة، مثل: يكتب، كتب، اكتب (تساوي الفعل في النحو) أو ج. الأداة، مثل: في، على، إلى، … (تساوي الحرف في النحو،

ونحاة الكوفة يسمون الحرف أداة) وقد أدخل المناطقة الأفعال الناقصة مثل: كان وأخواتها في الأدوات، لأنها لا تدل على معنى مستقل في نفسها لتجردها عن الدلالة على الحدث، فلذلك تحتاج إلى خبر يدل على الحدث، مثل: كان زيد قائمًا.

أقسام المركب:

واللفظ المركب على نوعين: المركب التام والمركب الناقص:

أ. المركب التام:

وهو الذي يصح السكوت بعده، بمعنى أنك إذا تكلمت مع شخص آخر بهذا اللفظ التام فقط ثم سكت، ولم تقل بعده شيئًا، لا يكون كلامك ناقصًا. ويعبر عنه في علم النحو بـ”الجملة المفيدة”. والمركب التام على قسمين: إما مركب تام خبر، وإما مركب تام إنشاء:

المركب التام الخبري:

هو الذي يصح أن يقال فيه “هذا صدق” و”هذا كذب”، أي كل جملة تحتمل الصدق والكذب، مثل: “زيد قائم” يصح أن يقال فيه هذا صدق أو هذا كذب. ويسمى المركب التام الخبري في المنطق بالقضية. إذن القضية هي الجملة الخبرية التامة التي تحتمل الصدق أو الكذب.

المركب التام الإنشائي:

وهو الذي لا يصح أن يقال فيه “صدق، ولا كذب”. أي كل جملة لا تحتمل الصدق والكذب، مثل “اضرب” فإنه لا يصح أن يقال فيه “هذا صدق”، ولا يصح أن يقال فيه “هذا كذب”، لأن الذي يتطرق إليه الصدق والكذب هو الإخبار عن شيء أما الأمر بشيء فليس كذلك.

فإن طابق الخبر الشيء المخبر عنه فهو صدق وإن لم يطابق الخبر الشيء الخارجي فهو كذب، وليس ما وراء الإنشاء شيء حتى يطابقه أو لا يطابقه.

والإنشاء أقسام متعددة: 1. الأمر، مثل: “اكتب”. 2. النهي، مثل: “لا تكتب”. 3. الاستفهام، مثل: “هل تكتب؟”. 4. التمني، مثل: “ليتني كنت طائرا”. 5. التعجب، مثل: “ما أجمل السماء!”. 6. النداء، مثل: “يا زيد”. 7

. العقد، مثل: عقد البيع والإجارة والنكاح، ونحوها، مثل: “بعت، أجرت، نكحت”. 8. الإيقاع، مثل: صيغة الطلاق والوقف، وغيرها. وهذه المركبات الثمانية ليست لمعانيها حقائق ثابتة في نفسها، وإنما معانيها تنشأ وتوجد باللفظ. إذن لا يصح وصفها بالصدق ولا بالكذب.

ب. المركب الناقص:

وهو الذي لا يصح السكوت بعده، بمعنى أنك لو تكلمت مع شخص آخر بهذا اللفظ التام فقط ثم سكت، ولم تقل بعده شيئًا، يكون كلامك ناقصًا.

ويعبر عنه في علم النحو “الجملة غير المفيدة”، مثل: “إذ جاء زيد”. ففي هذا المثال يظل السامع منتظرًا حتى يتم المتكلم كلامه.

الخلاصة:

أقسام الألفاظ

اللفظ: مفرد ومركب، والمفرد: اسم وكلمة وأداة. والمركب: تام وناقص. والتام: خبر وإنشاء. والمركب التام هو المعتبر في التصديقات أو القضايا أو الاستدلالات.

والمركب الناقص هو العمدة في التصورات والتعريفات، ولا بد من التمييز بين اصطلاحي كل من النحوي والمنطقي حتى لا نكون عرضة للغلط والمغالطة.

اقرأ أيضاً:

هل للغة علاقة بصناعة الفكر؟

نحو فهم أشمل للغة وفلسفتها

10 عيوب في تفكيرنا

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ.د شرف الدين عبد الحميد

أستاذ الفلسفة اليونانية بكلية الآداب جامعة سوهاج