مقالات

المعلمون والتنمية المهنية في بلادنا العربية

أحلام وأشواك

يسعدني جدا أن أرى كثيرا من المعلمين في بلادنا العربية مهتمين بالتنمية المهنية، يحدوهم الأمل نحو التميز والرقي المهني والوظيفي، ولكن مع أحلامهم تتراكم أمامهم الأشواك التي تؤخرهم وتحبطهم وتجعل توقعاتهم في غد مهني أفضل أمرا صعبا نوعا ما.

وعن أحلامهم المشروعة أقول:

يسعى المعلمون في بلادنا العربية إلى التميز المهني، يلتحقون بالدبلومات المهنية والخاصة، ويسجلون درجات الماجستير والدكتوراه في كل تخصصات التربية، تتنوع وتتعدد أحلامهم ما بين نقلة نوعية في الحياة المهنية، وآمال في تميز وظيفي أفضل لتأمين المستقبل، أو اعتداد بالذات الطامحة دائما للتفوق والتميز، أو انطلاق نحو تنافس شريف في عالم المقارنات مع الأقران، أو غير ذلك من أحلامهم المشروعة والتي هي سمة في كثير من المعلمين في بلادنا العربية، الذين لا ننكر تميزهم ولا ننكر قدراتهم ولكننا نغفل عن الارتقاء بهم ومواكبة تطلعاتهم المشروعة.

وعن آلامهم المفجعة أقول:

واقع مؤسف يحياه كثير من هؤلاء المعلمين، علمته منهم ولمسته في حواراتي ومناقشاتي مع كثير منهم بحكم التدريس لهم والإشراف عليهم في مصر وخارجها، يتمثل بعض ذلك في:

* تعنت وتشدد إداري يمنعهم من الانتظام في متابعة الدراسة في الجامعة، وتفرغ صعب المنال للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه.

* تعنت كثير من المدراء معهم، وكذلك من بعض الأقران بداعي الغيرة من الراغبين في التميز المهني والوظيفي.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

* جهل إداري بأهمية التنمية المهنية للمعلمين، بل واعتبار توجه المعلمين نحو التنمية المهنية في بلادنا العربية نوعا من أنواع الترف غير المستحب.

* تربص دائم لهم بالشكاوى والإحالات الدائمة للتحقيق، ومن ثم فكثير من المعلمين في بلادنا العربية يعملون تحت ضغط شديد خوفا من الوقوع تحت مقصلة العقاب الإداري.

* إحباط مستمر لهم بعدم جدوى ما يفعلون، وأن تفوقهم وتطلعاتهم المهنية المشروعة لن تفيدهم في شيء، وخصوصا في معظم بلادنا العربية لا يقدر ماليا أولئك الحاصلون على درجات عليا أثناء الخدمة، وتلك نقطة مهمة تحتاج إلى مناقشة مستفيضة في كل الأنظمة التعليمية في بلادنا العربية.

وغير ذلك كثير، وأشد ما يؤلمك أن ترى المعلمين من حملة الماجستير والدكتوراه في كثير من مدارسنا يقيمهم ويتابعهم إداريا مدراء ووكلاء ومتابعين لا يرقى مستوى تعليمهم إلى درجة إصدار الأحكام والتقييم المنطقي السليم، وإن كانوا يتشدقون بأن سنوات الخبرة أفضل من ألف ماجستير وألف ودكتوراه، وهكذا سول لهم شيطانهم الرجيم!

ومع إحساسي بهم، وتضامني المطلق معهم، من حقي أن أحلم لهم بغد أفضل، غد للمتميزين منهم فقط، فليس الكل على درجة مطلقة من التميز والجدارة والاستحقاق؛ بعضهم يتقدم للجامعة للشو والاستعراض ولقضاء وقت الفراغ والمنظرة الفارغة -إن جاز التعبير- دون تجن عليهم!

 ومن أحلامي للجادين منهم:

* تواصل فوري مع وزارت التعليم في بلادنا العربية لتمكين هؤلاء المعلمين بالقانون من حقهم الدستوري المشروع في التنمية المهنية، وأن تذلل أمامهم العقبات احتراما وتقديرا لهم، لا قهرا وإذلالا.

* كادر مالي مميز في كل بلادنا العربية يعادل ما وصلوا إليه، وما تكبدوه من معاناة مالية وذهنية واجتماعية ونفسية.

* كادر إداري قيادي مميز يكسر قيود الروتين العفنة التي يتشدق بها كثير ممن لا علاقة لهم بفنون الإدارة في كثير من الأنظمة التعليمية في بلادنا العربية.

*سيطرة كاملة على التدريب والمتابعة والقيادة للأكاديميات المهنية للمعلمين في بلادنا العربية، والمدربين المعتمدين التربويين في كل بلادنا العربية، ولا يمارس تدريبا إلا هؤلاء المعلمون من حملة الماجستير والدكتوراه، بالإضافة إلى حصولهم على الدورات المؤهلة الأخرى، وهنا نكون قد حققنا أمرين:

– الأول: بناء دوافع متجددة للتميز المهني المستنير لدى المعلمين العرب.

– الثاني: إنقاذ الكفاءات التدريسية العربية في كل ربوع بلادنا العربية من وضعها المترهل المؤسف والذي لا تنكره كل عين ترى.

أحلامي لهم مشروعة..

ولكل المهتمين بإدارة أمور المعلمين العرب أقول:

– ادعموا التميز.

– ادعموا المخلصين.

– شجعوا الطاقات.

– حاربوا المتسلقين.

بلادنا العربية تستحق العمل، وتحيا بالطاقات الواعدة، لا بالشعارات الجوفاء. من حقنا أن نحلم للمعلمين العرب في كل ربوع العروبة بتميز مهني يواكب الحداثة وينفتح على الآخر، ويؤمن بمبادئ التربية الدولية، تربية الحوار والحب والتسامح، وإجمالا لن نحقق أحلامنا المهنية المشروعة إلا من خلال الاهتمام بالكوادر المهنية العربية من المعلمين، فهل ينصفنا المستقبل؟!

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اقرأ أيضاً:

دور المدرسة في نشر ثقافة المشاركة المجتمعية

تنشئة الأجيال الجديدة وعملية التعليم

دور المعلم في إحداث التنمية

أ.د/ محمد جمعة

أستاذ أصول التربية ووكيل كلية التربية جامعة دمياط لشئون التعليم والطلاب