“قلبي اطمأن”، الخير فينا فطرة
” قلبي اطمأن” هو أحد البرامج الداعمة لمجموعة من المبادرات والمشروعات الخيرية التي تمد يد العون للعديد من الحالات الإنسانية في مختلف البلاد حول العالم تخفيفًا لمعاناتهم، وإثلاجًا لصدورهم، و رسم السعادة على وجوههم. تم عرض ثلاثة مواسم رمضانية منه في الأعوام 2018، 2019 و 2020 ميلادية، خاض -خلالها- فريق عمل البرنامج مغامرات كثيرة، والتقى بنماذج إنسانية رائعة تضرب أروع الأمثال في دروب الكفاح والصبر على تحديات الحياة وعقباتها، وغِنى نفوسهم بكنوز الرضا والقناعة والحمد.
ليس “غيثًا” واحدًا!
تَحرَّى القائمون على البرنامج إخفاء هُويَّاتهم فلا نعرف منهم سوى مُقدِمِه “غيث” ؛ شاب إمراتي الجنسية تم تغطية ملامح وجهه عن كاميرات البرنامج، يحرص على تغيير ملابسه في كل موسم للتقليل من فرص التعرف عليه من قِبل الآخرين، ويحمل خلف ظهره حقيبة السعادة، والأمل المليئة بالمساعدات التي تم التبرع بها عن طريق الجهات القائمة على تمويل البرنامج عبر قنواتها الرسمية المختلفة.
جاء ذلك لأجل تركيز انتباه الجمهور على فكرة عمل الخير دون النظر إلى شخوص مَن يقدمونها؛ ليكون كل من استطاع أن يروي أرواح الآخرين بقطرات الرحمة والمحبة على قدر سعته “غيثًا”.
“قلبي اطمأن” في قفص الاتهام
ظهر على ساحات مواقع التواصل الاجتماعي لهذا العام جدل واسع وتعالت آراء متضاربة حول “قلبي اطمأن”، بين من سيَّس مقاصده لتكون بهدف تحسين صورة الدولة والجهات الرسمية الداعمة له.
واتجاه آخر يرفض إقحام البرنامج في معترك المصالح والصراعات السياسية وتحميله عبء تبيض سمعة بلد أو جهة بعينها، فلا سبيل للكشف عن خفايا نواياهم، واكتفوا بظاهر الرسالة التي يتبناها البرنامج وما يُقدمه من قصص وتجارب مؤثرة يتعاطف معها جمهور متابعيه، تحثهم على شُكر عظيم ما وهبهم الخالق من نِعم، وتدفعهم نحو سلوك دروب العطاء، فالناس للناس والدنيا مازالت بخير.
كما انتقد آخرون إظهار البرنامج هُوية مَن قُدِّمت لهم المساعدات خوفًا مما قد يتسببه ذلك في إلحاق الأذى بهم أو بعائلاتهم بأي شكل كان، وأن نشر صورهم وصور ذويهم هو تشهير وإضرار بهم في حال قبولهم أم لا، الأمر الذي تم التنويه عليه في آخر حلقة بالموسم الثالث بأن كل من ظهر في البرنامج كان بعد موافقته الموقعة، وأنه لم يتم عرض حلقات من لم يوافقوا على البث مع الالتزام بتقديم المساعدات لهم، سائلين من جميع ضيوف حلقاتهم السماح والعفو عمَّا قد صدر عنهم من تقصير في حق أحدهم دون قصد منهم.
خير الإنسان الحقيقي
الاستحسان والميول العاطفي، تحقيق المنافع والمصالح المادية، القبول الفردي، الرضا والتعاطف المجتمعي، وغيرها من المعايير النسيبة المتغيرة باختلاف الأزمنة والأمكنة والمجتمعات، كلها أمور لا تُصيب جوهر الخير الإنساني وسُبل تحقيقه دائمًا، فحينًا يكون الاتفاق حليفهما، وحينًا آخر يكون التعارض قائمًا بينهما.
فربما كان عمل الخير الإنساني وتحقيق كماله وصلاحه الحقيقي في بعض المواقف مخالفًا لما يحب، لا يساير هواه، يدعوه للانصراف عن تحصيل مكسب أو لذة مادية يُريدها.
ابدأ رحلتك!
فرحلة الخير وترقي منازل الكمال تبدأ بمعرفة حقيقة الإنسان، بإدراك ما للأبدان من احتياجات تُقيّمها دون إفراط أو تفريط، وما للروح من عشق فطري لكل كمال وخير، وسعيها الحثيث للبحث والسؤال عن منبعهما المطلق، ومتى أصابت طرف الخيط هامت القُرب، واشتاقت الأُنس، وحاولت التشبه بصفاته وأفعاله بقدر طاقتها.
لعله خير
أخيرًا، بارك واتبع سبيل كل ما أثبت العقل البرهاني كُليةً، و نصوص الدين الصحيح -تفصيلاً- فيها صلاح للإنسان وتحقيق لكماله وسعادته، أَضئ عقلك بقواعد التفكير السليم! اختر من الصحبة ما يعينك على الطريق! ومتى أدركت أو ظننت في شيئ موطنًا للخير والفلاح، فاستعن بالله! أيقظ همتك! واجتهد بقدر ما تمتلك من وسائل وما تُعاونك به من حولك الظروف، لا تتراجع لكسل ولا تستسلم لعُجب نفس أو كبر أو غرور! جاهد تنقية نواياك من شوائب السمعة والرياء، ادْعُ السداد! ارجْ القبول وأحسن الظن في الله! واحتسبه خيرًا بإذنه تعالى.