مقالاتقضايا وجودية - مقالات

وعاء النفس والروح

الإنسان منذ بدء الخليقة وهو فى سعى دائم ومستمر فى محاولة الوصول إلى حقيقة الجسد والروح البشرية وما الذى يربط بين الاثنين!؟ وهل هما متصلان أم منفصلان؟!

حيث أن الجسد هو الذى يتحرك ويُبدى المشاعر الظاهرة من حب وكره وغيرها من المشاعر المختلفة، ولكن هل تلك المشاعر هى حقًا صادرة من الجسد ذاته؟! أم أن الروح هى المؤدية لمثل تلك الانفعالات؟!

وهل حقًا توجد صلة بين الاثنين؟! أم أنهم هم الاثنين وجهان لعملة واحدة؟!

الجانب الأكثر أهمية في الإنسان

إن أول الأمور التى تجعل الفرد يُظهر الاهتمام بتلك القضية وهى أن الجسد لا يظل ثابت لا يتغير بل إن أول الامور التى تتغير بعد وفاته مباشرة هى الجسد من حيث الجوهر الخاص به؛

فيتحول إلى جثة ميتة لا تقوى على الحركة وتبدأ فى التحلل، وتلك كانت المقدمة التى استخدمها علماء المادية فى الفصل بين الروح والجسد وإظهار الاختلاف بينهم؛

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فالجانب المادى الظاهر لنا فى حياتنا اليومية ليس هو الأساس، إنما يوجد جانب آخر وهى ما قد يُسمى بالروح أو النفس وهو ما سوف يتم إيضاحه بشكل كبير فى جولتنا فى هذا المقال.

العلاقة بين النفس والروح

يتجه بعض الفلاسفة فى العصر الحديث إلى الفصل بين الروح والنفس؛ حيث أن النفس تكون أكثر علاقة بالأعضاء البشرية والوظائف الحيوية لدى جسم الإنسان من حيث التنفس وضربات القلب وغيرها.

أما عن الروح؛ فهى منفصلة ولها كيانها الخاص بها المنفصل عن الجسد ولهذا اعتبر البعض أن النفس فانية وزائلة عند موت الإنسان، ولكن ما يتبقى منها هو الروح البشرية.

نظرة أفلاطون إلى النفس البشرية

يُعد أفلاطون هو أول من قسم النفس البشرية إلى ثلاثة أقسام حيث أنه كان يرى أن الجزء الأول من النفس وهو (العقل ) وهو الذى يقوم بالمهام المختلفة من حيث الفهم والإدراك، أو ما أطلق عليه الفلاسفة فيما بعد “القوى العقلية” وهى المسئولة عن البحث عن القيم والأخلاق والفضيلة ومحاولة الوصول إلى الكمال الإنسانى.

أما القسم الثانى من النفس؛ فهو مرتبط بالعاطفة والانفاعلات البشرية أو ما قد يسميه الفلاسفة القوى الغضبية والشهوية وهى القوة التى تتحكم فى الانفعالات من حب وكره أو حقد وغيرها من الانفعالات المختلفة،

أما القسم الأخير فهو الجسد وهو الجزء المادى الذى له أيضًا العديد من الرغبات والاحتياجات التى بحاجة إلى الإشباع بشكل كاف وكان من أهم ما يميز نظرة أفلاطون أنه كان يرى الانفصال بين الثلاثة أنواع التى تم ذكرها وذلك على عكس ما وضحه وذكره سقراط.

نظرة سقراط للجسد والروح

نظر بعض الفلاسفة إلى الجسد كونه وحدة واحدة فقط؛ فانطلق “ديمقراطس” إلى القول بأن الجسد ما هو إلا كتلة واحدة من الذرات فقط متجمعة فى شكل معين إطار خاص بها،

ولكن “سقراط” كان ينظر من منظور مختلف؛ حيث أقر أنَّ الإنسان يشتمل على جزئين منفصلين، وليس كتلة واحدة هما الجسد والروح البشرية أو كما أطلق عليها البعض النفس؛

حيث أن “سقراط” مال فى بحثه إلى أن الجسد هو الإنسان المادي صاحب الحواس المختلفة؛ فهو يرى لأنه يمتلك مُكون ماديّ وهو العين يستطيع من خلاله التمييز بين الأشياء وهو يسمع؛ لأنه يمتلك مُكون مادي وهو الأذن يستطيع من خلاله أن يستمع إلى الأحاديث التى تدور من حوله.

فمال إلى وصفه بأنه الإنسان الذى يتفاعل مع الطبيعة، ويكتسب منها ويعطى لها حتى يسخر كل ما هو موجود من حوله لخدمة ذلك الجسد المادى.

وعلى الجانب الآخر نجد الروح حيث وصفها بأنها شئ ممنوح من الإله الكامل، ولكن به نقص فهو لا يرقى للوصول للكمال الإلهى؛ ولذلك فسر “سقراط” أن تلك الروح البشرية قد تقع فى الخطأ وتقوم بأفعال غير سليمة فهى تحمل جزء من النقص.

كيف يحدث التكامل الإنساني

إن الإنسان يسعى دائما للوصول إلى الكمال ومحاولة الفهم الكلى لما يدور حوله وما يؤثر عليه وما يتأثر به، ولكن فى تلك الرحلة عليه أن يتخذ من العقل السبيل والطريق فى الوصول إلى الحقيقة الكاملة وما يمكن استخلاصه من خلال ذلك المقال؛ هو أن الإنسان يتكون من جزء مادى وهو الجسد المادى.

وبالطبع فإن ذلك الجزء له رغباته التى تحتاج إلى الإشباع. فالإنسان يسعى إلى إشباع ذلك الجزء المادى من حيث الشهوات فى الدنيا من الطعام والشراب والمأكل والملبس وكذلك أيضًا جزء معنوى لا ينفك عن ذلك الجزء.

وكذلك هو يحتاج إلى الارتقاء ويكون ارتقاء ذلك الجزء عن طريق العلم والمعرفة وتلك هى السعادة الحقيقية ليست بسعادة الجسد المادي فقط؛ بل إن الجسد المادي ما هو إلا وعاء لذلك الجزء المعنوى؛ لذلك وجب علينا اتباع الطريق السليم فى البحث دون إغفال أى جزء من الجانبين؛ حتى يحدث التكامل المطلوب.

اقرأ أيضا:

هواجس النفس وسمومها

بين الشهوات وعطش الروح

الإنسان بين الغاية والوسيلة

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

مصطفى عاطف

عضو بفريق بالعقل نبدأ الصعيد