مقالات

“هيروشيما وناجازاكي” هل كان من الضروري إلقاء القنبلة الذرية ؟

"قراءة تاريخية"

في هذه الأيام تحل الذكرى الخامسة والسبعون لإلقاء القنبلة الذرية على مدينتي “هيروشيما وناجازاكي” باليابان لإخضاع الإمبراطورية اليابانية وإجبارها على الاستسلام، وكلنا يعلم أنه بعد إلقائها استسلمت اليابان وبقي الإمبراطور الياباني “هيروهيتو” على عرشه مع إلغاء لقب الألوهية عنه،

فاليابان كانت دولة قائمة بالأساس على عبادة الزعيم وهو الإمبراطور، كان اليابانيون يعتقدون أنه يحمل دماء إلهية، وكان اليابانيون على استعداد أن يمضوا مع إمبراطورهم إلى النهاية مضحين من أجله باذلين الدماء في سبيله خادمين لأطماعه الاستعمارية، فاليابان وقتها كان شأنها كشأن غيرها من الدول الاستعمارية الأخري لها مستعمراتها لكن في قارة آسيا .

هل كان من الضروري إلقاء القنبلة الذرية ؟

لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية طرفا في الصراع العالمي “الحرب العالمية الثانية”، ولكنها دخلت الحرب بعد هجوم اليابانيين على الميناء الأمريكي “بيرل هاربر” بجزر هاواي بالمحيط الهادي مما تسبب في مقتل وجرح أكثر من ثلاث آلاف جندي من البحرية الأمريكية وكان ذلك في عام 1941 م،

ومن وقتها دخلت أمريكا في صراع مع اليابان في آسيا ودكت الغارات الجوية الأمريكية المدن اليابانية الكبرى وسوّوها بالأرض كمدينتي “أوساكا وطوكيو” وغيرها من المدن اليابانية الكبرى، وأخيرا ألقت القوات الجوية الأمريكية قنبلتين ذريتين على مدينتين يابانيتين؛ القنبلة الأولى على “هيروشيما” في السادس من أغسطس عام 1945م،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

والقنبلة الثانية المشبعة بمادة البلوتنيوم المشعة ذات الأثر التدميري الكاسح على “ناجازاكي” في التاسع من أغسطس من نفس العام، وعلى الرغم من عرض برنامج أمريكي قبل إلقاء القنبلتين الذريتين؛ يظهر استواء المدن اليابانية بالأرض بفعل الغارات الأمريكية المستمرة بعد هجوم “بيرل هاربر”وتدمير الأسطول البحري الياباني وتدمير مقدرات دولة اليابان وبنيتها التحتية، مما حدى بالقادة اليابانيين دراسة خطط الاستسلام بشروط ومن أهمها الحفاظ على العرش الياباني وعلى حياة الإمبراطور؛

الأمر الذي أشار إليه السياسيون وقتها أنه لم يكن ثمة ضرورة لاستخدام القنبلتين الذريتين وما ترتب عليهما من كارثة كبرى على اليابان وعلى الإنسان الياباني، لأن اليابان كانت على وشك الاستسلام.

لكن الوقاحة والصلف الأمريكي لا ينظر لأى اعتبار، وظلت حادثة “بيرل هاربر” ماثلة أمام صانع القرار الأمريكي وأنها إهانة للقوة الأمريكية المتعاظمة، و كان رد اعتبارهم قتل وتشويه أكثر من مائتى ألف ياباني في مقابل ثلاثة آلاف جندي أمريكي ما بين قتيل وجريح في الهجوم الياباني على “بيرل هاربر” .

مادة البلوتنيوم المشع:

الكثير منا اليوم يعتقد خطأ بلا أي أساس من الصحة أن الإشعاع النووي الذي سببتة إلقاء القنبلة الذرية في اليابان هو السبب في الشبه الخلقى الواحد لليابانيين لتأثر جيناتهم بهذا الإشعاع، وسمعت ذلك من أكثر من شخص أقربها صديق لي عندما كنا نتحدث عن هذه الحادثة، ولكن هذا غير صحيح بالمرة؛ فاليابانيون هذه أشكالهم قبل إلقاء القنبلة الذرية بآلاف السنين وأغلب الأسيويين غير اليابانيين كذلك ولا علاقة للإشعاع النووي بذلك مطلقا.

سأل فني نووي كان معاصرا وقتها لإعداد هذه المادة المشعة وتحضيرها وقال كنا ننقلها في أحد المختبرات؛ فسقط منها القليل على أرض المختبر فمات في الحال من كان يقف بجانبها متأثرا بالإشعاع، وكان هناك من يقف على بعد أمتار؛ تساقط كل شعر رأسه حتى رموش حواجبه سقطت وما لبث أن مات بعد قليل متأثرا بالمادة الإشعاعية مما يُبين لك خطورة هذه المادة الإشعاعية.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لجان أمريكية للفحص والدراسة:

شكلت الولايات المتحدة الأمريكية لجان سرية للفحص والدراسة؛ مهمتها دراسة الآثار الإشعاعية على اليابانيين الناجين من الانفجار الذري في المدينتين المنكوبتين “هيروشيما وناجازاكي”.

لم تكن لجان لتقديم المساعدة والنجدة والتقليل من حجم الكارثة؛ الأمر الذي اعتبره من خضعوا لهذه اللجان بإذلال ومهانة، قد كانوا وقت الحادثة مراهقون صغار من الجنسين كانوا يخضعون للفحص أمام هذه اللجان وهم عراة. عاملوهم وكأنهم فئران تجارب، هكذا وصف من خضعوا لهذه اللجان حالهم ومن يموت منهم ترسل جثته للولايات المتحدة الأمريكية لإجراء مزيد من الفحص والدراسة عليه.

ضحايا يتذكرون:

جنرال عسكرى أمريكى بارز أكد وقتها بعد إلقاء القنبلتين أن الرئيس الأمريكي “هاري ترومان” أكد له أن في حال استخدام أمريكا للقنبلة الذرية فإن الاستهداف سيكون للعسكريين والمنشأت العسكرية، لكن ما حدث كان بخلاف ما تعهد به الرئيس الأمريكي، فضحايا القنبلتين الذريتين “الولد المطيع والرجل البدين” هكذا كان الأمريكان يسمون قنبلتيهم.

كان للمدنيين و للضحايا الذين نجوا قصصا تدمى لها القلوب ومنها :-

رجل مسن يتذكر أنه كان طفلا في عمر السادسة من عمره نجى من الانفجار، وذهب للبيت فوجد أمه تشوهت وظهرها مرشوق فيه مئات من شظايا الزجاج المتطاير معقبا على ذلك أنه لم يكن يعرف معنى للبكاء، ولكن من هول منظر أمه، نزل الدمع من عينيه كالسيل ولم يكن يعرف كيف يساعد أمه.

سيدة مسنة كانت في عمر المراهقة وقت الحادثة تحكي أنها كانت وقتها فى ملجأ لتحمي نفسها من القصف، وبعدها ذهبت لمنزلها فوجدت أمها أمام المنزل وهي كومة من جثة متفحمة، ولم تعرف أمها إلا بمشبك شعر كانت قد أهدته لأمها وعرفتها من بعض ملابس لها لم يصبها الاحتراق .

اضغط على الاعلان لو أعجبك

سيدة يابانية ناجية مسنة أيضا تحكي أنها رأت وقتها الكثير من الأطفال الذين فقدوا أباءهم وأمهاتهم في الانفجار وهم يلقون بأنفسهم أمام القطار الذي يمر بجانب بلدتهم للحاق بأبائهم وأمهاتهم المتوفين أينما كانوا وللسيدة هذه أخت صغيرة فعلت بنفسها هذا الفعل.

هذه القصص قليل من كثير من آلاف القصص التي تبين وحشية الإنسان بحق أخيه الإنسان. كم كنت رحيما يا قابيل بالمقارنة بهؤلاء الوحوش فقد هوت يداك على أم رأس أخيك هابيل بحجر فأرديته قتيلا، أما هؤلاء الوحوش فإنهم يلقون على أم رؤوس غيرهم بالقنابل الذرية والقنابل العنقودية والكيماوية والبيولوجية.

وعلى دول العالم دون استثناء أن تتخلى عن السلاح النووي، وأن يعيشوا في عالم بدون سلاح نووي، فنحن سكان هذا العالم لا نصدق أمريكا عندما يقول ساستها أن آخر استخدامنا للقنبلة الذرية كان في الحرب العالمية الثانية وأن ما لديها الآن هو للردع أو للتهديد ولا غيرها من الدول التي تمتلك السلاح النووي، فنحن سكان العالم من المدنيين لا نطمئن ببقاء هذا السلاح تحت سيطرة إنسان ما متقلب المشاعر والأهواء، إنه لشئ خطير وكارثي ومرعب حقًا.

اقرأ أيضاً:

ولم الحرب إذن؟!

الحرب والشرف

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مفهوم السلام العالمي

على زين العابدين

باحث بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة