هل يقبل كبار علماء الإلحاد ذلكم التحدي؟! – الجزء الأول
يدعي العلماء الملحدون أن كل كائن حي في الكون مرده في الأساس إلى الصدفة، ونحن نجزم أن كل الكائنات، حية أو غير حية هي من خلق الله تعالى، وإذا أرادوا أن يثبتوا بطلان ما نجزم به على نحو يجبرنا على التسليم بسلامة ادعائهم؛ فعليهم أن يقبلوا ذلك التحدي!
ألا وهو: أن يتبعوا في إثبات ادعائهم منهجا صارما ألا وهو المنهج التجريبي.
تجربة بسيطة
ولنطلب منهم أن يصمموا لنا -تبعا لهذا المنهج- تجربة واحدة تثبت صحة نظريتهم القائلة أن الحياة وجدت بالصدفة، ولا نطلب منهم تطبيق ذلك إلا على أبسط المخلوقات وهي الأميبا والتي لا تتكون إلا من خلية حية واحدة، ومن خلال هذه التجربة عليهم أن يجمعوا كل المكونات الأساسية التي يقولون أنها أسهمت في وجود هذه الخلية ، وليحاولوا عبر الخلط الأعمى لهذه المكونات، وفي نفس الظروف التي يدعون أنها صنعت هذه الخلية الحية، وأن يمنحونا في النهاية خلية ميتة واحدة وليست حية، قد يقال: إن هذا الأمر تطلب من الطبيعة ملايين السنين فكيف ننجزه في وقت ضيق؟!
سنقول لهم ليس هناك مشكلة فلنمنحكم فرصة لإجراء هذه التجربة البسيطة عبر تصميم جهاز علمي معقد لإنجاز هذه المهمة، ولكم أن تستنسخوا مئات الألوف من هذا الجهاز، وجعل هذا العدد الهائل يعمل بشكل متزامن لعشرات السنين حتى تختصروا بذلك ملايين السنين التي قطعتها الطبيعة في إنتاج الخلية. لعل إحدى هذه الأجهزة تنجح بعد عقود من هذه التفاعلات التي لا تتوقف أن تمنحكم هذه الخلية!
ولنفترض أنه تم بالفعل لجهاز منها وأنتج هذه الخلية ؛ سوف تواجهكم أيها العلماء هنا معضلة ألا وهي الإجابة على التساؤل التالي: هل يمكن لهذا الجهاز الأعمى أن يدرك بنفسه أنه أنتج هذه الخلية على نحو يجعله يتوقف عن التفاعل وخلط العناصر مرة أخرى، بما يجعل التحطيم والفناء هو مصير هذه الخلية بعد لحظات من الوصول إلى مكوناتها؟
الإجابة بالطبع لا؛ ذلك لأن هذه التفاعلات كما يمكنها أن تسهم معا في تجميع ودمج أجزاء هذه الخلية على النحو المطلوب، إلا أنها ما دامت تفاعلات عمياء، فلا يعقل أنها سوف تتوقف فجأة عن تفكيك وتحطيم هذه الأجزاء مرة أخرى أو دمجها مع أجزاء أخرى على النحو الذي يضيف إلى مكونات الخلية أو يقتطع منها مكونات تفسدها تماما.
هل من الممكن إنهاء التجربة؟
هنا قد يقول قائل: وما الذي يمنع تدخل العلماء المشرفين على هذه التجربة لإيقاف التفاعلات التي يقوم بها هذا الجهاز المحظوظ عند الوصول إلى الهدف المطلوب؟
نقول: إن أي تدخل من قبل هؤلاء العلماء لإنهاء التجربة عند الوصول إلى الهدف المطلوب؛ هو نوع من هدم هذه التجربة من أساسها؛ ذلك لأن هؤلاء العلماء في تجربتهم هذه من المفترض أن يحاكون الطبيعة،
والطبيعة التي يدعون أنها خلقت الخلية هي طبيعة عمياء، ليس لديها ذلك العقل الذي يمكنها إدراك أن ثمة شيئا ما جيدا قد تم التوصل إليه؛ ومن ثم فلا بد من اتخاذ قرار إيقاف التفاعلات التي أنتجته، على النحو الذي يسمح بالحفاظ على هذه الخلية بالصورة التي تكونت عليها.
ولو افترضنا جدلا أن الجهاز الذي أنتج هذه الخلية توقف عبر صدفة عجيبة عن التفاعل بمجرد الانتهاء من إنتاج الخلية على نحو حافظ لنا على مكونات تلك الخلية سليمة معافاة كما هي.
فإننا سوف نواجه هؤلاء العلماء بتساؤل معضل آخر ألا وهو: ما القوة التي وهبت الخلية -ذلك التجمع المادي لذرات ميتة- وعيا يمكنها من إدراك ذاتها وإدراك ما يحيط بها على نحو يجعلها قادرة على تقرير كيفية التفاعل والنمو والتكاثر وغير ذلك من الوظائف التي تقوم بها الخلية الحية فقط… بل لا يمكن أن نقول إنها خليه حية إلا إذا قامت بها؟
ضرب من العبث والجنون
وتتجلى المعضلة هنا أنه لا يمكن لكائن عاقل أن يدعي أن الجهاز الذي لا يحتوي إلا على عناصر مادية تتفاعل فيما بينها، قد منح هذه الخلية وعيا، وهو مكون لا وجود له أساسا بين هذه المكونات المادية التي يمكن أن تخضع للتجربة (هواء وتراب وحرارة وضغط وضوء وغيره…) فهذه المكونات مهما تفاعلت معا، هي في النهاية مواد عمياء صماء لا تدرك حتى ذواتها.
والدليل على أن الوعي شيء مفارق لهذه المكونات المادية أن أعظم علماء البشرية وبكل ما لديهم من عقول جبارة وأجهزة علمية معقدة، مهما منحناهم من وقت لا يمكن أن يعيدوا ما نسميه الوعي لجسد أصغر حشرة أو كائن حي في الوجود بعد مفارقة هذا الوعي له عندما تكتب له الوفاة؛ لسبب بسيط أن ما يمكن أن يسيطر عليه هؤلاء العلماء وأن يتحكموا فيه في المختبرات أو غيرها هي المادة، أما الوعي فهو شيء مغاير للمادة تماما، ولا وجود له فيها.
وإذا كان القول بأن الصدفة العمياء تجعل الطبيعة تصنع من المادة خلية حية معقدة بشكل لا يصدق، هو ضرب من العبث العقلي. فإن القول بأنها تهب أيضا هذه للخلية وعيا هو ليس من مكونات هذه المادة أساسا؛ هو حتما ضرب من الجنون!
اقرأ أيضاً:
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.