مقالات

هذا يجعلنا نتعلم أمرين

أنا لا أسكن في مجمعات سكنية مغلقة، أو ما يسمى كمباوند، ليس لأنني فقير، ولكن لأن السكن والحياة في هذه المجمعات لا تناسبني ولا تثير طموحي ولا تستهوي أحلامي.

نظرة الفقراء للأغنياءالفرق بين الفقير والغني - هذا يجعلنا نتعلم أمرين

 

لكن منذ بضعة أيام كنت أركب مع سائق تاكسي، وبينما يمر بسيارته أمام أحد هذه المجتمعات والمجمعات السكنية، قال لي:

“شايف يا بيه البيوت دي والناس اللي ساكنة هنا؟ كلهم حرامية! والفساد عندهم للركب! كلهم بيشربوا خمرة، وخيانة زوجية، وشذوذ، والراجل بيعرف على مراته، والستات بيخونوا أزواجهم، وسايبين عيالهم يشربوا مخدرات!”.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

بصراحة نظرت له بفزع! من أين أتى بهذه النظرة؟! هذا نوع من رمي المحصنات! كبيرة عندنا في الإسلام! وسألته وأنا أصطنع الهدوء: “لماذا؟ عرفت منين؟”،

قال لي: “من الأفلام والتمثيليات، كلها بتحكي عن الناس اللي عايشة في الحتت دي والبلاوي بتاعتهم!”، ثم ختم كلامه بقوله: “الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا”! في الحقيقة انعقد لساني، لم أعرف كيف أرد!

الأسباب وراء نظرة الفقراء للأغنياء

لكن هذا يجعلنا نتعلم أمرين

أولا..

أن كل طرف يحب أن يرى نفسه أفضل، وأنه المدافع عن الحق والفضيلة والطهارة، وأن الآخرين أقل منه في الأخلاق والطهارة، والفقراء كثيرا ما يحبون إقناع أنفسهم أنهم أفضل من الأغنياء، بأن يتخيلوا أنهم أصحاب الفضيلة وسيدخلون الجنة، بينما الأغنياء لصوص فاسدون سيدخلون النار!

ثانيا..

تشويه الإعلام للأغنياء، ورسم صورة غير واقعية، تماما كما رسم من قبل صورة أن كل نساء مصر راقصات في كباريهات شارع الهرم!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لأن هذا يساعد في التوزيع والانتشار، حيث يشبع رغبة الأغلبية الفقيرة في مصر في الشعور أنهم أفضل وأكثر نقاء واحتراما من الأقلية الغنية!

تغذية شعور نحن الطيبون ضد الآخر الشرير! وأن الفقر الذي نعيشه سببه أننا على حق، وأن الرفاهية التي يعيشها الآخر سببها أنه فاسد شرير حرامي، وسوف يلقى عقابا شديدا في الدنيا والآخرة!

ببساطة تنفيس عن الغضب والحقد! وإقناع للذات بالتفوق والتميز على الآخرين! وهذا يفيد الإعلام في التوزيع ونجاح المسلسلات التي تحكي عن عالم الكمباوند الفاسد المخيف!

أين المشكلة وراء نظرة الفقراء للأغنياء؟

المشكلة أن هذا التشويه والتخريف والتخويف يقدم مبررا أخلاقيا لكل فقير كي يؤذي غنيا أو يسرقه أو يخدعه، تحت شعار أن هذا الغني عدو بلا دين ولا أخلاق يستحق الأذى والعقاب!

ربنا يهدي الجميع.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضاً:

اليوم العالمي للقضاء على الفقر

صناعة الجوع وخرافة الندرة 

يوتوبيا العالم المادي والانفصال عن الواقع

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس

مقالات ذات صلة