مقالات

نحو مشروع للسلام العلمي العالمي – الجزء الثاني

بنية وثيقة السلام العلمي العالمي وبنود مقترحة

مقدمة:

كتبت في مقال سابق مقدمة تشاورية لمشروع في السلام العلمي العالمي الدائم، حيث أشرت إلى أن المقال استرشد في بنيته بمقالة الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط “نحو سلام دائم: مخطط فلسفي”، واسترشد كذلك بوثيقة “شِرعة أخلاقيات العلوم والتكنولوجيا في المنطقة العربية”، وأوصيت بضرورة إعداد وثيقة ضابطة للسلوك العلمي العالمي، تكون هذه الوثيقة خطوة أولى لمشروع السلام العلمي العالمي المنشود.

من ثم، أتناول في هذا المقال بنية مقترحة لهذه الوثيقة المقترح إعدادها، وبعض البنود المقترح إدراجها في هذه الوثيقة.

مفهوم الوثيقة:

الوثيقة في اللغة العربية هي كلمة مشتقة من الفعل وثِقَ، ووثق الشيء – يوثق وثاقه، أي قوي وثبت وصار مُحكمًا. والميثاق هو العهد، وجمعها مواثيق، ومياثيق ومياثق، والوثيقة هي مؤنث الوثيق، وهو ما أحكم به الأمر([1]).

فالوثائق هي كل ما يعتمد عليه ويرجع إليه لإحكام أمر وإعطائه صفة التحقق والتأكد من جهة، أو يؤتمن على وديعة فكرية أو تاريخية تساعد في البحث العلمي أو تكشف عن واقع ما ولها قيمة إثباتية أو علمية من جهة أخرى.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

بنية وثيقة “شِرعة أخلاقيات العلوم والتكنولوجيا في المنطقة العربية”:

وعلى غرار وثيقة “شِرعة أخلاقيات العلوم والتكنولوجيا في المنطقة العربية” التي أشرنا إليها في المقال السابق، والتي يمكننا الاسترشاد بها في تحديد بنية وثيقة السلام العلمي العالمي الدائم.

يجب علينا في البداية الإشارة إلى أن وثيقة “شرعة أخلاقيات العلوم والتكنولوجيا” اهتمت في بنيتها بثلاثة سياقات أساسية للعلوم والتكنولوجيا، وهي كالآتي:

أ- سياق أخلاقيات إنتاج العلوم والتكنولوجيا في المنطقة العربية.

ب- سياق أخلاقيات نقل وتوطين العلوم والتكنولوجيا في المنطقة العربية.

ج- سياق أخلاقيات تسخير العلوم والتكنولوجيا واستخدامها في المنطقة العربية.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

كما جاء تقسيم هذه الوثيقة إلى الأقسام الأربعة التالية:

القسم الأول: المبادئ الأخلاقية العامة التي تستند إليها الوثيقة.

القسم الثاني: أخلاقيات إنتاج العلوم والتكنولوجيا.

القسم الثالث: أخلاقيات نقل وتوطين العلوم والتكنولوجيا.

القسم الرابع: أخلاقيات تسخير واستخدام العلوم والتكنولوجيا.

من ثم يقترح الكاتب أن تحتوي الوثيقة على ثلاثة أقسام أساسية:

القسم الأول: مبادئ أخلاقية علمية عالمية عامة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

القسم الثاني: مسئوليات الأطراف المعنية بالوثيقة في السياقات المختلفة للعلوم.

القسم الثالث: عقوبات للسلوكيات –الفردية أو الجماعية– غير المسؤولة، ومكافآت للملتزمين ببنود الوثيقة.

كما يقترح الكاتب أن تكون سياقات وثيقة مشروع السلام العلمي العالمي الدائم هي نفس سياقات وثيقة “شِرعة أخلاقيات العلوم والتكنولوجيا في المنطقة العربية”، وذلك على النحو الآتي:

أ- سياق أخلاقيات مراحل إنتاج العلوم في العالم.

ب- سياق أخلاقيات نقل وتوطين العلوم في العالم.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ج- سياق أخلاقيات تسخير العلوم واستخدامها في العالم.

بعض البنود المقترحة للوثيقة:

إن العلميين والفلاسفة ومختصي الأخلاقيات مدينون للمجتمع العلمي العالمي بوضع وثيقة عالمية شاملة لأخلاقيات العلوم، تضمن هذه الوثيقة الاحترام المتبادل بين كل فرع علمي وبين فروع العلوم المختلفة (فرع العلوم الإنسانية وفرع العلوم الاجتماعية وفرع العلوم الطبيعية.. إلخ).

من ثم يصبح العلماء مسؤولين أمام البشرية أجمع عن العمل على بحوث من شأنها الضرر بالبشرية أو أي جزء منها، أو الإخلال بنظام الطبيعة أو أي جزء منه، كما أنهم مطالبون بعدم استخدام نتائج العلم في تأجيج الحروب بأنواعها.

ولا بد أن تراعي البحوث العلمية المرأة والأقليات ولا تتغافلها. كما أن العلماء مدينون لمواطنيهم بتفسيرات لما يفعلونه، حيث يجب على العلماء الكشف لمواطنيهم عن نتائج أبحاثهم، لكن يجب عليهم الكشف لأقرانهم من العلميين عن نتائج أبحاثهم وتدابير البرهنة على هذه النتائج أيضا.

إن وثيقة السلام العلمي العالمي هي السبيل لترسيخ سلام علمي إنساني وبيئي عالمي شامل، لذلك يرى الكاتب أن لفلاسفة العلم دور كبير في وثيقة السلام العلمي، حيث إن لفلاسفة العلم دور فاعل وتنويري من أجل تبصير العلماء بواجباتهم، كما أن العلماء مدينون لمواطنيهم بتفسيرات لما يفعلونه، حيث تقع هذه المهمة على عاتق فلاسفة العلم،

إضافة إلى تعريفهم بقواعد التفكير العلمي وأساليب التفكير المختلفة، وكذلك المغالطات المختلفة كي لا يقعوا فيها، فهم القادرون على تبسيط العلوم لغير العلماء ونشر الثقافة العلمية في المجتمعات المختلفة. كما يقع على عاتق فلاسفة العلم مهمة وضع وتطوير منهجيات جديدة تساعد العلماء على تحقيق أهدافهم بسهولة ودقة ويسر.

وتأسيسا على ما سبق فإن الهدف الرئيس من وثيقة السلام العلمي العالمي الدائم –المنشود من المختصين إعدادها– هو تنظيم المجتمع المدني والمجتمع العلمي العالمي بما يكفل للجميع ممارسة أنشطتهم العقلية والعلمية بحرية ومسؤولية وأمان، مما يعمل على دفع عجلة التنمية المحلية والعالمية، والتشجيع على العمل العلمي العالمي المشترك، الأمر الذي ينتج عنه النجاح في التصدي للمخاطر التي قد تتعرض لها البشرية حاضرا –مكافحة جائحة كورونا على سبيل المثال– ومستقبلا.

المصادر:

[1]– مجمع اللغة العربية: المعجم الوسيط ط 4، القاهرة: مكتبة الشروق الدولية،2004م، ص 1011، 1012.

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اقرأ أيضاً:

الجزء الأول من المقال

الناشط الأوروبي الطيب الحنون

السلام العالمي

د. وائل صبره

عضو هيئة تدريس بجامعة سوهاج، مدرس الفلسفة ومناهج البحث كلية آداب

مقالات ذات صلة