مقالات

الناشط الأوروبي الطيب الحنون

ناشط سياسي أوروبي يدافع بحماس عن حقوق الإنسان في الدول الفقيرة التي تستغلها دول أوروبا، يهاجم الناشط الحكومات المستبدة التي يساعدها الغرب، يهاجم الشركات متعددة الجنسيات التي تسرق أموال الشعوب وتستغلهم.

مرت بلاده بأزمة اقتصادية بسيطة فشعر أنه مهدد، ربما يستيقظ في الصباح فلا يجد كوب القهوة الذي تعود عليه، أو نوع الجبن والفواكه التي يحبها بأسعار مناسبة، أو لا يستطيع شراء ملابس جديدة أو تغيير سيارته، أو لا يتم تجديد رصف الشارع وطلاء العمارات مثل كل سنة، شعر بخطر شديد! بالرعب!

وفي يوم ما اكتشف الناشط السياسي أنه لولا أن حكومته تسرق هذه البلاد الفقيرة لما استطاعت توفير أكواب الشاي والقهوة والملابس في بلاده بأسعار رخيصة، لولا أن الشركات متعددة الجنسيات تسرق هذه البلاد الفقيرة لما توفرت فرص العمل والأموال في بنوك بلاده، لولا أن حكومته تساعد الديكتاتوريين لما استطاعت توفير المال اللازم للخدمات الاجتماعية في بلاده، لو لم تسرق بلاده البلاد الأخرى لما تحسن اقتصادها وتعافى!

حينها قرر الناشط الأوروبي المتحمس أن يتحلى بالعقلانية! أقنع نفسه أن العيب ليس في الحرامي، ليس في بلاده، لكن العيب في الضحية! في الشعوب الضعيفة، أقنع نفسه أن هذا المصير هو ما تستحقه، أن قانون الطبيعة هو قانون الغاب، هو البقاء للأقوى والأصلح، أن كلمة أخلاق وتراحم وقيم وأديان هي كلمات بالية من الماضي، ليس لها مكان في العصر الحديث.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

من جنس مختلف!

أراح الناشط ضميره بشعار بسيط أنه من جنس مختلف! من عرق مختلف متميز يحمل جواز سفر مختلف، صنع أسطورة غير منطقية عن التفوق والتميز، أسطورة لا تتناسق مع العقل ولا العلم ولا التاريخ لكنها أسطورة تريحه، أسطورة أنه الأب الراعي يرعى كلابا وحيوانات ضالة، وبالتالي فهو وأهله يستحقون المعاملة بإنسانية، يستحقون القيم والمثل الإنسانية، أما الآخرون.. الآخرون لا يستحقون كلمة إنسان! ربما يستحقون بعض العطف الذي يعطفه على كلابه، لكن ليس لدرجة أن يتنازل عن بعض المزايا من أجل الكلاب!

ثم راح يعلم هذا الناشط أسطورته للشعوب المهزومة المستغلة في لحظات ضعفها، أقنعها أن هذا مصيرها التاريخي الذي تستحقه، أنه من مصلحتها أن يتم سرقتها واستغلالها ونهب ثرواتها، أقنعها أنها أقل، أنها غير ناضجة، بينما هو الناضج، تعلمت أن تشكره على سرقتها، أن ترجوه أن يسرقها برقة وحنان!

يعلم أتباعه من هذه الشعوب ويتعطف على المطيعين منهم ببعض الجوائز، بعض الفتات، بينما تجمعت الكلاب على الفتات _فتات الجوائز_ يشكرون سيدهم ومولاهم ويكافئهم بأن يسميهم كلابا متحضرة، أو قرودا طيبة، تقلده بسعادة وتتراقص حوله لتقلد حركاته وطريقته وكلامه!

لكن يتبقى في هذه الشعوب جذوة من النار لا يستطيع الناشط الأوروبي الطيب الحنون أن يطفئها اسمها الدين والهوية.. الإسلام، هو ما سيحرك أجيالا جديدة من الشعوب المستضعفة تعرف قوتها وضعفها وتعرف قوة وضعف عدوها، فتتعلم وتقوي نفسها، وتعالج نقاط ضعفها وتهزم عدوها من نقاط ضعفه الكثيرة المتزايدة لتنتصر في معركة البقاء التي لا تنتهي.

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اقرأ أيضاً:

نحو مشروع للسلام العلمي العالمي

اضغط على الاعلان لو أعجبك

العبودية الحديثة

الغزو الثقافي وضياع المستقبل

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس

مقالات ذات صلة