كتبنا العربية في مكتبة الأسكوريال
بعد وفاة أحمد المنصور الذهبي تنازع ابناه مولاي زيدان ومولاي الشيخ على الحكم، وكان مولاي زيدان من المحبين للعلم واقتناء الكتب، فخشي أن تتلف كتبه بسبب الحرب، فعهد بها إلى ضابط فرنسي، حُملت الكتب إلى سفينة فرنسية وقفت في عرض البحر.
في ذلك الحين كانت إسبانيا في حرب مع فرنسا، فلما شاهدت سفينةٌ حربية إسبانية السفينةَ الفرنسية دون حماية كبيرة استولت عليها، وحملت محتوياتها إلى إسبانيا.
انتهت الحرب أخيرًا بين ابني أحمد المنصور، وتولى مولاي زيدان مقاليد الحكم في فاس، فكان أول همه أن يستعيد الكتب. أرسل السفراء إلى مدريد فقال أهل الحكم في إسبانيا إن مولاي زيدان ليس له أن يطالبهم بشيء، لأن السفينة التي استولوا عليها فرنسية، وهي تابعة لدولة معادية، وعليه فإن الكتب تعد غنيمة حرب.
المطالبة باسترجاع المخطوطات المغربية بالأسكوريال
لم يفقد مولاي زيدان –ولا أصحاب السلطة في المغرب من بعده– الأمل في استعادة الكتب، فأرسلوا السفارة تلو السفارة، وكان المطلب واحدًا: عودة الكتب إلى موطنها. لكن إسبانيا لم تفرّط في المكتبة.
أمام إصرار المغرب على مطلبه حدّثوا السفير المغربي عن حريق شب أتى على الكتب، وأطلعوه على مكان الحريق: قيل إن موضوع الحريق ذلك لا أساس له من الصحة، وإن السلطات الإسبانية أرادت أن تضع حدًا لمطالبة المغرب بالكتب.
يبدو أن الحريق لم يأت على المكتبة بأكملها، بل على جزء يسير منها، وقيل إن الحريق لم يحدث أصلًا. على أية حال، فإن من يزور دير الأسكوريال يمكنه أن يرى مكتبة مولاي زيدان –كلها أو معظمها– هناك.
أهمية المغرب بالنسبة لإسبانيا
هذا الفصل من تاريخ العلاقات الإسبانية المغربية –الشائكة في كثير من الأحيان– كان له صداه في الأدب الإسباني، فقد كتب خوسيه كادالسو كتاب “رسائل مغربية”، وهو عبارة عن مجموعة مقالات على شكل رسائل يكتبها رجل مغربي كان في رحلة إلى إسبانيا، إلى أستاذه في المغرب، يصف فيها مختلف جوانب الحياة في إسبانيا ويقارنها بالحياة في المغرب.
حين كنت في زيارة إلى زميلتي الإسبانية مرثيديس غارثيا أرينال، في مكتبها في المجلس الأعلى للبحث العلمي في مدريد –وكنا نتحدث عن رسائل مغربية أخرى– قالت: “لنتأمل أن كادالسو قد اختار المغرب، ولم يختر دولة أخرى، وفي ذلك دليل على أهمية المغرب بالنسبة إلى إسبانيا”.
مقالات ذات صلة:
الجندي المغربي في أشعار الحرب الأهلية الإسبانية
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا