فن وأدب - مقالاتمقالات

أحسن نوع قصة ممكن يأسر عقلك

كل شيء يبدو مستحيلًا نظريًا حتى يتحقق

عشان تتعلم أي حاجة جديدة لازم تفهم أولًا إن التعلم نفسه زي ما شرحه “Josh watkizin” في كتابه “فن التعلم” ينقسم بالنسبة إلى نوعية البشر لقسمين: التعلم بالكينونة والتعلم التدريجي.

يعني إيه؟

القسم الأول يعني: الأشخاص اللي بيعتمدوا بشكل كلي في تجربتهم على قدراتهم الخاصة، وبيشوفوا إن القدرات الذهنية والعقلية الخاصة بيهم مسؤولة تمامًا عن تلقيهم أي معلومة جديدة وقدرتهم على التعامل معاها.

القسم الثاني: يرى إن التعلم بيكون عن طريق “التدريب”، وبذل مجهود وطاقة تدريبية أكبر في محاولتهم للتعلم لأي مهارة جديدة.

العلاقة بين العامل النفسي والعملية التعليمية

يذكر الكاتب في بداية النص تجربة علمية مفادها أن مجموعة من المعلمين أحضروا مجموعة دراسية كبيرة من الطلاب المتفوقين وقسموهم للقسمين دول على حسب دراستهم ليهم قبل التقسيم.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

يعني قعدوا معاهم وبمجموعة اختبارات بسيطة قدروا يقسموهم؛ مجموعة بتعتمد على قدراتها في التعلم، ودول في الغالب أشد ذكاءً وموهبة عن غيرهم، والمجموعة الثانية دي الطلاب فيها بيعتمدوا بشكل كلي على التدريب.

عرضوا على المجموعتين نفس المسائل الحسابية المعقدة لحلها، وكانت المفاجأة، المجموعتين فشلوا في حل المسائل في أول مرة، ومع عرض نفس المسائل لثاني مرة، نجحت المجموعة الثانية (الأقل ذكاءً وموهبة) في حل المسائل، أما المجموعة الأولى طلابها أصلًا محاولوش.

تعرف على: المهارات الحياتية الواجب تعليمها للطلاب

هل يأتي النجاح من الممارسة أم الموهبة؟

كتاب فن التعلمنفسيًا بدراسة النمط السلوكي للأشخاص متقدي الذكاء أو شديدي الموهبة في مقابل الأشخاص شديدي الكفاح والجهد، بنكتشف إن الأذكياء أو الموهوبين غالبًا ما بيرجّعوا أي نجاح شخصي بيحققه أي فرد لذكاء وموهبة الفرد، عوضًا عن التركيز على مقدار التدريب والجهد اللي بذله، وبيختزلوا نجاحه في كلمة واحدة “ذكاء” أو “موهبة”.

في حين الأشخاص المكافحين دايمًا بيدوروا وراء التدريب اللي حصل عليه الشخص، ويؤمنوا بشكل مطلق بإن المجهود اللي بُذل هو السبب الرئيسي في النجاح.

الإنسان لما بيروح (courses) عشان يتعلم مهارة جديدة عنده شغف ليها، غالبًا مش بيحاول يتعلم المهارة نفسها ولا الموهبة ذاتها، لأنه لو مكنتش شغفته بيها مكنش سعى أصلًا لأنه يتعلمها.

الشخص مننا لما بيروح عشان يتلقى تدريب بيكون عايز يتعلم التجربة ذات نفسها بتاعة الحقل أو البيئة المنوط بيها المهارة دي.

خليني أفهمك أكتر..

الاستفادة من قصص نجاح الآخرين

أنتَ لما بتروح تتعلم حاجة زي “التمثيل” أو “الكتابة” أنتَ (already) عندك شغف ناحية المهارة دي وعايز تكون متقن ليها.

بس أنت نفسيًا مش بتدور وراء الإتقان، أنتَ بتدور حقيقي وراء التجربة ذات نفسها اللي بعد المهارة دي.

يعني (what beyond) مش (what beneath)، فبتكون رايح مثلًا تاخد كورس للكتابة عند كاتب ما، وكل اللي أنتَ عايز تعرفه –لا وعيًا– التجربة بتاعة الكاتب ده وغيره من الكتّاب، بس اللي ظاهر لك من نفسك ومن كلامك أنك رايح تتعلم المهارة نفسها.

الحقيقة أنتَ عايز تعرف الكاتب ده أو الفنان عمومًا إيه اللي حصل له عشان يوصل للمكانة دي؟ وإيه اللي مر بيه؟ وامتى قدر يعبر كل الأبواب المغلقة؟ وإزاي تجاوز كل الضغوط؟ يعني إزاي نجح؟

فأنتَ بتدور وراء تجربة كاملة عاشها الفنان أو المبدع عشان تتعلمها منه، ولأننا –لا وعيًا مننا برضه– بنحب قصص الصعود وده مثبت قرآنيًا وعلميًا، فأنتَ دايمًا بتغذيك قصص الصعود بحالة من النشوة النفسية كده، وتندمج معاها أسرع من أي قصة تانية.

اقرأ أيضاً: شماعة التبرير والابتعاد عن طريق النجاح

لماذا نواصل مشاهدة “مسلسل عبد الغفور البرعي” بلا توقف؟

كتاب فن التعلمزي لما بتحب تتفرج على رحلة صعود “عبد الغفور البرعي” وتعيد وتزيد في المسلسل، ومش فاهم أنتَ مبسوط ليه.

الحقيقة بسيطة جدًا..

رحلة صعود عبد الغفور كانت صعبة جدًا وفي نفس الوقت سلسة، فأنتَ بتحسها قريبة منك، والصعود التدريجي اللي حصل في الأحداث للبطل، بيحصلك أنتَ شخصيًا، فتلاقيك قاعد في منتهى السعادة وأنتَ بتتفرج لأنك –لا واعٍ– حاسس بنشوة نفسية من انتصار وتحقيق ونجاح.

زي لما تجيب قطة وتدربها تاكل إزاي، بتحاول تبرمج عقلها تعمل إيه ومتعملش إيه، أنتَ بتكون متبرمج قدام قصة زي دي إنك تتعاطف مع البطل وتنتفض معاه حتى يثور وينتصر ضد المجتمع.

وده اللي بيلعب عليه أغلب الكتّاب.

التجربة والخطأ

ولأن ربنا سبحانه وتعالى عارف إن إحنا كده، قالنا في أول سورة يوسف “نحن نقص عليك أحسن القصص” وكانت بكل بساطة رحلة صعود، يعني ده أحسن نوع قصة ممكن يأسر عقلك.

أنتَ بقى لما بتروح أي كورس بتكون عايز تحقق رحلة صعود خاصة بيك أصلًا، لأن سعي الإنسان الأبدي هو “الترقي”، فأنتَ لما بتروح تتعلم مش بتتعلم المهارة قدر ما بتتعلم “التجربة” ذات نفسها، تجربة فيها صعود وهبوط وصولًا إلى القمة.

كنت عايز أقولك نصيحة بقى في الآخر، أنتَ لو أدركت حقيقة إنك بتدور وراء قصة صعود ليك، وبس كده، أنتَ كده عايش على وهم هياكل من عمرك، لكن لو أنتَ بتحاول تتعلم لأنك حابب الشيء فأنتَ كمل واعرف إن السكة الصح هي بذل مجهود وتدريب كتير.

مقالات ذات صلة: 

وهم الموهبة

الأفول والبزوغ

تنمية مهارات الطفل نهايتها حتما الإبداع

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. مصطفى محمود حسن

باحث وكاتب روائي