مقالاتفن وأدب - مقالات

قراءة في فيلم

فضائى يهبط من كوكب آخر ومجرة بعيدة عن الأرض فى محاولة منه لفهم ودراسة وتفسير السلوك الأرضى. ولحسن الحظ فإنه يسقط فى دولة الهند، ولكن مع أول شخص يقوم بمقابلته يتعرض لعملية سرقة؛ حيث يقوم أحد اللصوص بسرقة الجهاز الخاص بالاتصال بالكوكب الخاص به، ويبدأ فى رحلة البحث عن وسيلة الاتصال

ولكنه يجد أغلب العامة ترد عليه ردود قد تبدو تقليدية، ولكنها غريبة بالنسبة له مثل (الله أعلم )، (فقط الإله من يستطيع مساعدتك)، (عليك التحلى بالإيمان وسوف تجد ما تريد ) ومن هذه النقطة ينطلق فى رحلة أقرب إلى الجنون، وهى البحث عن الإله.

ولأنه سقط فى الهند وهى الدولة التى بها أكبر عدد من الديانات؛ فيبدأ بالتشتت وهو يبحث عن الإله فى الإسلام والمسيحية واليهودية والبوذية ويقابل فى رحلة بحثه عن الحقيقة تجار الدين؛ الذين يدعوه لشراء التماثيل المصنوعة من فعل أيديهم؛ حتى يستجيب له الرب ويساعده فى إيجاد ما يبحث عنه ويجد أيضًا من يدعوه للزحف من أجل التقرب إلى الله،

و يحاول الكشف عن حقيقة المتاجرين بالدين الذين يسعون وراء مصالحهم وأهدافهم الشخصية عن طريق استغلال البسطاء واللعب بعقولهم، فيحاولون أن ينشروا السموم في عقولهم، ويرهبونهم بالدين؛ فتكون نتيجة هذه الرهبة والخوف الخضوع التام لهم، ويبدأ يسأل من هو الرب الصحيح إذن؟! وكيف أقدر أن أصل إلى الحقيقة؟!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ويمكن استخلاص بعض الأشياء الهامة من تلك الرحلة مثل:

أولًا :-

إن الانسان الذى يبحث عن الحقيقة ويسعى لها؛ لا بد أن يكون متجردًا من الناحية العقلية، والتجرد يعنى الترك؛ فيقال أن الشخص تجرد من ثيابه أى خلعها وتركها. و هو أيضًا عبارة عن حالة نفسية تُؤهل صاحبها لتقبل الأفكار الصحيحة، حتى وإن صدرت من أعدائه أو ممن يُخالفه فى الاعتقاد، وهي أولى خطوات بناء الإنسان العاقل الباحث عن الحقيقة،

أو بمعنى أكثر ليونة وسهوله حتى يتضح المغزى؛ فهو يعنى التجرد والتخلى والابتعاد عن كافة القناعات السابقة والأفكار المُترسخة فى العقل، والتجرد من الأفكار الشخصية، ونضرب فى ذلك المثل للإنسان؛حين يواجه قضية معينة أو مشكلة؛ فإن كثير من الناس يسعى لإطلاق حكم خاطئ مبنى على اعتقاد سابق؛

فإذا قيل لك كلام سئ عن شخص ما؛ فإنك إن لم تكن متجردًا؛ فسوف ترفض كل ما يقول به الشخص من أفكار حتى وإن كانت سليمة لا جدال عليها، ولكن عند التعامل مع قضية ما؛ فإنه يجب أن يكون الحكم فى القضية من ذات القضية نفسها والابتعاد عن الهوى الشخصي من حيث الحب أو الكره أو النظرة النفعية لتحقيق بعض المكاسب الشخصية؛ وهذا ما يتضح جليًا

وما أحسن العمل الدرامي فى وصفه وتوضيحه؛ فشخصية البطل تكاد تكون ما زالت تقوم بتكوين ثقافة جديدة متجردة فى رحلة البحث عن الإله وهى شخصية متجردة من كل الأفكار والاعتقادات السابقة .

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ثانيا:-

إن الانسان بالفطرة السليمة والطبيعه البشرية؛ يكون دائم التساؤل والبحث عن الإله، ومن هو الخالق الواجد، وما هى هيئته، وما هى صفاته، والإنسان ينطلق فى تلك الرحلة الطويلة بعقله، وعن طريق استخدام القوى العقلية؛ لأنه إذا اتبع وانساق خلف القوى العاطفية؛ فربما يقع تحت إطار الحب أو الكره أو المنفعة الشخصية،

وهذا لا ينطبق على الباحث عن الإله الحقيقي؛ فالإنسان بفطرته وطبعه لا يمكنه الوصول إلى الإله إلا بالعقل والقواعد العقلية السليمة؛ ولذلك كانوا فى قديم الزمان يضربون المثل (ربنا عرفوه بالعقل)! ونضرب فى ذلك المثل؛ إذا أردنا إثبات الوحدانية لله؛ فإنه عقلا إذا افترضنا وجود أكثر من إله؛ فإن ذلك سوف يؤدى بنا إلى الاختلاف،

وكذلك سوف نجد عوالم مختلفة، متناحرة وغير منظّمة، وهذا بواقع الأمر لم يحدث؛ فالعالم واحد وهو عالم منظّم منضبط؛ يسير وفق معايير ثابتة محكمة من إله قدير عليم حكيم،وهذا استنتاج عقلى خالص. بل سوف نجد أيضًا أن وجود أكثر من إله ينفى التكامل عن الإله، وذلك لأنه فى حالة وجود أكثر من إله؛ فإنه يلزم بالضرورة وجود الاختلاف والتباين، لأن الاختلاف فرع التمييز وإن سلمنا وقلنا أنهما واحد فى كل شئ؛ فمن ثَمَّ هما واحد.

فالاختلاف هو نقص وذم فى الكمال الإلهى؛ فالإله كامل فى الصفات والقدرة والعلم والحكمة وهذا ماينفى التعدد فى الإله. ويمكننا القول أيضًا أن تلك الفكرة هى فكرة عقلية خالصة وغيرها من القوانين العقلية التى تصل بنا للمعرفة الحقيقية.

ومع استخدام القوى العقلية يستطيع الإنسان أن يتفادى الوقوع فى فخ المتاجرين بالدين والمستفيدين من التجارة لتحقيق مكاسب شخصية ويصل إلى الحقيقة الكاملة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضا:

دين جديد يُقدمه الفكر الغربي

 البحث عن طريق التكامل

رحلة البحث عن معنى للوجود

مصطفى عاطف

عضو بفريق بالعقل نبدأ الصعيد

مقالات ذات صلة