الأفول والبزوغ
هل من الممكن أن يلمع شخص ويكون كالشمس الساطعة في كبد السماء، أو كالقمر الكامل البدر في الليالي الظلماء؟ نعم، عندما يبزغ نجمه ويكون معروفًا في أمر ما، أو اتجاه ما، أو عمل ما.
مع هذا النور والضوء الواضح والحرارة يأتي وقت على القمر فيأفل، وقد تغيب أخته الشمس عن الوجود فتُشرق في جهة أخرى.
أحوال الإنسان في الحياة
الإنسان عامة والبارز خاصة يشبه الشمس والقمر، قد يأتي عليه وقت يصل إلى ذروة نجوميّته وشهرته وظهوره، ثم تعتريه مصائب أو تحل عليه أثقال وهموم ومشكلات ربما تؤدي به إلى الانزلاق أو ينحدِر شيئًا فشيئًا، أو يخرج من المشهد بالكلية.
إنّ الشخص السّوي في أثناء سيْره ومسيره ينبغي ألّا يغفل الفقراء فيعطيهم، والضعفاء فينتصر لهم، والثكالى فيساعدهم، واليتامى فيكون أبًا وأمًا لهم، كما أطلقها قديمًا الفلاح الفصيح مدوية، وما ذاكَ إلا لأنّ هذا شحذ للهِمم، وتقوية ودافع على إكمال طريقه، بل وهذه الأمور من أسباب البركة وتدفق الخير، واتقاء مصارع السوء.
الصّحة تاج فوق رؤوس الأصحاء لا يعرف قيمتها وقدرها إلا المرضى، فهي كنز من الكنوز التي لا يستطيع الإنسان العيْش بدونها، فبغيرها لا يستطيع الحركة والسعي، فقد تُسلب منه بعد قوةّ وتؤخذ منه بعد مَنْعَة، وقد يكبر في السن بعد شبابه وفتوّته فلا يعلم من بعد عِلْم شيئًا ويصير إلى ضعفٍ وشَيْبَة، ثم إلى مصيره المحتوم.
في تغير الأحوال مواعظ
مع تقلبات الدَّهر وتحوّل الأيام قد يصير الغني فقيرًا فيقع ويُفلِس، وقد يزول المنصِب عن صاحبه والكرسي من تحت الجالس عليه، أو يدخل السجن ظُلمًا مثل تلفيق تُهمة لأمر لم تقترفه يداه، وهنا نبحث ونفتّش فربما لم يراقب الإنسان ربه وضميره فلم يُحسِن إلى والديه، أو يهتم بتربية أبنائه تربية صالحة، أو في ماله وعمله فزال عنه، أو ربما يكون اختبارًا وامتحانًا يختلف قوة وضعفًا حسب تحمُّله.
إنّ الغني الذي بنى نفسه بنفسه وسقط، وصاحب المنصِب الذي حاكَ له زملاؤه فطُرِد من العمل، وغيرهم من النماذج التي نراها في حياتنا، يمكن وبكل بساطة استعادة نفسه من جديد وعمل هذه الأموال مرة أخرى، والبحث عن عمل آخر بالخِبرات والمهارات التي يمتلكها، وقبل هذا وذاك بالدافع والإصرار على النجاح والسطوع مرة أخرى.
التعلم من الخطأ طريقنا للنجاح
وقوع المرء لا يعني فشله وضعفه ونهايته أو نهاية العالم وفنائه، وإنما يعني حدوث خطأ ما في نُقطة ما، ربما فيه أو في سوء إدارته أو المحيطين به، فوجب عليه أن يتعلّم من الأخطاء ويعالجها، ويتلمّس نقاط القوة ويُطوّر إمكاناته ونقاط ضعفه ويبدأ من جديد في مكان جديد، مع ناس جديدة.
إن الناجحين دائمًا وراء كل واحد منهم قصة كفاح، وتجارب مرّ فيها بإخفاقات، وأناس يقعدون له بكل صِراط يوعزون له بأن يلف ويرجع مرة أخرى، ويثبطوه عن هدفه ويعملون على ثني عزيمته وفتورها.
الذي يريد أن يسطع نجمه لا ينظر إلى هؤلاء ولا إلى أولئك، يضع الهدف أمامه وينظر إليه من وقت لآخر، ويعمل على تحقيقه بالإمكانات المتاحة، والظروف الممكنة، ويطرق جميع الأبواب التي يرى فيها شُعاع ضوء يُعبّد له الطريق.
فطريق النجاح والوصول إلى القمة صعب ولذيذ، يتطلب الجهد والعرق والسهر والتغاضي عن أشياء والاهتمام بأشياء، ويحتاج إلى الجلوس مع المخلصين، والاستفادة من خبرات السابقين، بالجلوس معهم والقراءة عنهم، وعن نجاحاتهم وعقباتهم وكيف اجتازوها، فإذا ما فعل كل هذا ووصل إلى مراده وما يرومه، وجبَ عليه المحافظة على نجاحه والعمل على تطويره وزيادته، ثم يبحث عن درجة أخرى أعلى من السلم ليرتقي إليها.
مقالات ذات صلة:
شماعة التبرير والابتعاد عن طريق النجاح
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا