أين حرية الاختيار؟
ذهبت إلى البائع لشراء قميص، وقال لي أنني حر في الاختيار بين القميص الأبيض والقميص الأسود. فسألته، أين حرية الاختيار؟ ماذا عن القميص الأصفر والقميص المزركش والقميص الأخضر؟ أو أن لا أشتري أصلًا منك وأذهب إلى محل آخر؟ أو لا أشتري قميصًا أو أي شيء!
هل لأنك تقدم لي اختيارين فقط، وتترك لي حرية الاختيار بينهما، تحسب أنني بذلك حر في الاختيار؟
هل نمتلك حرية الاختيار؟
عقول البشر تجد دائمًا من السهل أن تختار بين أمرين، وتعد هذا الاختيار نوعًا من حرية الاختيار! وتتحول عقول البشر إلى التفكير بين الاختيارين، وتنسى أن هناك بدائل أخرى أكثر بكثير، لكن تجد الأسهل أن تفكر في الاختيارين، وتنحصر بينهما!
يقول لك البائع: يمكنك الاختيار، لك مطلق الحرية، شراء زجاجة عصير برتقال أو زجاجه عصير جوافة، وماذا عن لو كنت لا أريد عصيرًا وأريد بدلًا منه كوب شاي؟ أو لا أريد شرب أي شيء، وأريد بدلًا منه كوب لبن أو فطيرة؟!
مثلًا في الولايات المتحدة الأمريكية، يقولون للناس أن لديهم حرية الاختيار، بين الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي! وماذا عن اختيارات أخرى؟ لا يوجد! أو بمعنى أصح، غير مسموح لها بالتواجد!
في إنجلترا، حزب العمال وحزب المحافظين، وما بينهما منسي أو مردوم عليه وملغي بفعل فاعل!
يقول لك الديكتاتور وإعلام الديكتاتور، إما أن تكون معنا، أو ضدنا! لكن ماذا عن الاختيارات الأخرى؟ أن أوافق على بعض الأمور وأختلف في أمور أخرى؟ هذه الاختيارات ملغية من القاموس. إما أنك وطني مع حكام الوطن، أو خائن وعميل!
رغم أن بين الطرفين موافق وغير موافق، مع أو ضد، يمين أو يسار، يوجد اختيارات أخرى لا نهائية، موافق بنسبة صفر في المائة! موافق بنسبة 10%، موافق بنسبة 20%، إلخ إلى أن نصل إلى موافق بنسبة 100%.
الحق في الاختيار
حين يخدعك التاجر أو النصاب ويقدم لك اختيارين ويقول لك أن عليك الاختيار بينهما، ولك مطلق الحرية في الاختيار بينهما، عليك أن تسأل: وماذا عن الاختيارات الأخرى الكثيرة التي تختلف عن هذين الاختيارين؟!
حين يقولون لك إنه يمكنك أن تمشي يمين أو شمال، تذكر أن بينهما كثيرًا من المسارات.
حين يقولون لك أنك توافق على آراء المفكر فلان أو العالم فلان أو الفرقة الفلانية أو الفقيه الفلاني، أو لا توافق عليها، تذكر أنه من الممكن أن توافق على البعض وتترك البعض! عادي جدًا.
حين يقولون لك مسلم ملتزم ومسلم غير ملتزم، تذكر أن بينهما كثيرًا من الدرجات.
الدنيا ليس أبيض وأسود، بينهما كثير من أطياف الألوان.
مقالات ذات صلة:
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا