أسرة وطفل - مقالاتمقالات

التكامل بين الزوجين وآثاره على استقرار الأسرة المصرية

انتشرت في الأيام الأخيرة الماضية عدة حملات في مصر تنادي بعدم التزام المرأة ببعض الأعمال، وعلى رأسها الأعمال المنزلية وغيرها من الأعمال، وفي هذا المقال سوف أركز على أهمية التعاون بين الزوجين في بناء الأسرة.

تعد الأسرة من أهم المؤسسات في البناء الاجتماعي لأي مجتمع رغم صغر حجمها، ذلك لأن قوة المجتمع ونهضته من قوة الأسرة وتماسكها، وضعف المجتمع من ضعف الأسرة وتفككها.

إذا ساد التفكك الأسري أي مجتمع فإنه يفقد أهم روافد قوته واستقراره، ويعاني من الضـعف والاضطراب، كما أنه يعطل الطاقات البشرية عن الإنتاج ويدفعها إلى مجالات أخرى تضـر بالمجتمع مثل: انتشار الجريمة، والتخريب، وأطفال الشوارع، إلخ، الأمر الذي يعرقل مسيرة التنميـة في المجتمع.

بما أن الأسرة تؤثر في المجتمع فإنها هي الأخرى تتأثر به وبالتغيرات التي تحدث في النظم السائدة فيه، فالأسرة هي العمود الفقري للنسق الاجتماعي والخلية الأساسية التي يتكون منها جسم المجتمع البشري، إذا صلُحت صلُح المجتمع وإذا فسدت فسد المجتمع.

هناك أشكال من العلاقات بين البشر منها

التنافس

حالة من فوز الطرفين وحصولهما على مكاسب معينة يرضى بها كِلا الطرفين، معنى ذلك أن هناك طرفين متنافسين والنتيجة النهائية هي فوز كليهما بشيء من الخيرات.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

 الصراع

في الصراعات لا يتقبل كلا الطرفين وجود الطرف الآخر إطلاقًا، ويسعى إلى إنهائه تمامًا، والخروج بفوز نهائي ساحق، بينما يخرج الطرف الثاني من الصراع متألمًا خاسرًا، وهذه صراعات صفرية أي طرف فائز وطرف خاسر.

لا أعتقد أن شكل العلاقة بين الزوجين هو حالة التنافس ولا حالة الصراع، ولكن أنسب ما يقال في شكل العلاقة بين الزوجين هو التكامل، فلكل من الزوج والزوجة دور في الحياة الزوجية، وبأداء هذا الدور يحدث تكامل الأدوار بينهما، وهذا التناغم في أداء الأدوار يشبه حركة التروس.

إذا تأملنا حركة التروس والفراغات التي تتداخل مع بعضها أثناء تحركها لتنتج لنا حركة الموتور، وجدنا نوعًا غريبًا ومتناسقًا من التناغم بين التروس لإحداث الحركة المطلوبة.

 توزيع الأدوار في الأسرة

توزيع الأدوار داخل الأسرةتوزيع الأدوار في الحياة الزوجية منطلق من الحديث النبوي الشريف: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته” (رواه البخاري)، وغياب طرف سيكون على حساب الطرف الثاني، والإدارة العائلية تتوخى تحقيق أعلى درجات الوئام بين الأم والأب والأطفال من جهة، والعالم الخارجي من جهة ثانية.

أيضًا اختلال توزيع المسؤوليات والأدوار في الأسرة نذير بتفككها وخرابها، ويبتدئ ذلك ببزوغ الأنانية والإهمال والسيطرة والابتزاز المالي والنفسي، وينتهي بالتفكك.

يجب ألا ينفرد الزوج باتخاذ القرار لأن قراره سيكون ناقصًا، وليتذكر كل زوج أنه المدير الإداري في المنزل، أما المدير التنفيذي فهي الزوجة، لأنها أكثر اتصالًا منه بالمنزل، كما أن بعض المشاركات من قبل الرجل في الأدوار المنزلية لها مفعول الدواء بالنسبة للزوجة.

كيف يتم توزيع الأدوار داخل العائلة؟

الإدارة الناجحة هي الإدارة القائمة على التشاور والتفاهم، والالتزام الدائم بالأسرة والمرونة في التعامل بين الزوجين، وأنجح القرارات الأسرية هو ما اتخذ بالتشاور بين جميع الأطراف المعنية.

إن توزيع الأدوار ضمن الأسرة الواحدة وفق الخطوط الأساسية التي شرعها الله، إنما هو تكامل للأسرة وعامل قوة ذاتية فيها، وهو أحد متطلبات المودة الإنسانية والتراحم والتكافل الإسلامي، فبالتفاهم والمصارحة بالمسؤوليات نحقق أسباب الاستقرار والحفاظ على الأسرة هادئة.

إن الزوجين بحاجة إلى تحديد الحقوق والواجبات على أساس إدارة الأسرة، من أجل الوصول إلى حالة من الاستقرار، يكونان فيها قادرين على إدارة المنزل وتربية الأطفال، بعيدًا عن التعصب للأدوار التي ينبغي أن تناقش بينهما قبل إقرارها.

من صور التكامل

يعتقد كثير من الناس أن نقاط الاختلاف بين المرأة والرجل سبب للصدام والمشاكل، مع أنها هي سبب للوئام والتكامل وليس للصراع، وهي حكمة ربانية لتوزيع الأدوار في الحياة.

اقرأ أيضاً:

المرأة بين الأسرة والفكر الغربي

إرتفاع معدلات الطلاق في المجتمع المصري

المشاكل الزوجية.. أسبابها وكيفية التعامل معها

توزيع المسؤوليات على الأدوار

يقوم الزواج الإيجابي على توزيع مسؤوليات الأسرة بالتساوي على أدوار الزوج والزوجة في الحقوق والواجبات، مع المحافظة على تغاير الأدوار لا تشابهها، وعلى تكاملها، لأن الحياة في الأسرة تتطلب التغاير في الأدوار أكثر من التشابه بينها، ولأن طبيعة الرجل والمرأة تجعل مهمات كل منهما في الأسرة تكمل مهمات الآخر.

تفهم الأدوار داخل الأسرة

تتلخص مسؤوليات الأسرة الخاصة بالزوجين في أربعة أنواع هي:

  • رعاية حقوق الزوجين وإشباع حاجاتهما.
  • أعمال البيت وتدبير شؤون المنزل.
  • تربية الأطفال ورعايتهم حتى يكتمل رشدهم.
  • كسب الرزق وتوفير حاجات الأسرة وتحسين ظروف معيشتها.

الأدوار والمراتب داخل الأسرة

إن كِلا الزوجين يسهم في القيام بهذه المسؤوليات بدرجات متفاوتة، بحسب ما هو مهيأ له وبما يحقق التكامل بينهما في تحقيق أهداف الزواج، وهذا يعني أن دور الزوج والزوجة ليس دورًا بسيطًا بل دورًا مركبًا من أربعة أدوار فرعية هي:

  • دور الزوجية: وهي الواجبات نحو الآخر.
  • دور البيت: وهي الأعمال المنزلية.
  • دور الأب أو الأم: وتخص تربية الأولاد.
  • دور العمل: ويتعلق بكسب الرزق وتوفير حاجات الأسرة.

أهمية التفاعل بين الزوجين؟

توزيع الأدوار داخل الأسرةيتقاسم الزوجان مسؤوليات الحقوق الزوجية وتربية الأطفال، بينما تزداد مسؤولية الزوجة على مسؤوليات الزوج في الأعمال المنزلية، وتزداد مسؤوليات الزوج على الزوجة في الكسب والإنفاق على الأسرة، سواء كانت الزوجة تعمل خارج البيت أو لا تعمل، لأنه مسؤول من الناحية الشرعية عن الإنفاق.

يتأثر التفاعل بين الزوجين بكفاءة كل منهما في القيام بهذه الأدوار الأربعة، إذ يتعاون الزوجان وتترابط الأسرة إذا كان كل منهما كفئًا في أداء مسؤولياته الزوجية والبيتية والأمومية (أو الأبوية)، وكسب الرزق في حدود ما هو متوقع منه.

مبدأ المنفعة للجميع

“لا يؤمن أحدكم حتى يُحبّ لأخيه ما يُحبّ لنفسه” (رواه البخاري)، عبارة نبوية محكمة موجزة، لن يكتمل إيمانك حتى تحب لأخيك ما تحب لنفسك، إنه البعد عن الأنانية والتمحور حول الذات أن المؤمن تتسع نظرته، لتشمل العالم كله ويصير همه تحقيق المصلحة لنفسه وللآخرين، ويصبح تفكيره المنفعة للجميع.

هذا المبدأ في التعامل بين الأزواج يتلاقى مع التكامل بين الزوجين في أداء الأدوار والمسؤوليات.

هذا ما يؤكده ستيفن كوفي حين يقول: “أغلب المواقف في الحقيقة تكون جزءًا من واقع يتطلب التعاضد والتعاون بيننا وبين الآخرين، وعندئذ تكون فلسفة المنفعة للجميع هي الخيار الوحيد من الخيارات الخمسة القابلة للتطبيق”.

ماذا بعد؟

تجنب التنافس والصراع في حياتك الزوجية لأنها طريقة غير مناسبة على الإطلاق.

التكامل بين الزوجين هو أن للزوج دور وللزوجة دور، ويتضح ذلك في الحقوق والواجبات، فعلى كل منهما أداء الواجبات ليأخذ الحقوق، وهذا العدل من أسباب النجاح في الحياة الزوجية.

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. اسماء الشاعر

معلم أول لغة عربية بالأزهر الشريف