قضايا شبابية - مقالاتمقالات

شبابنا والمحنة والبشر

متاجرون ومتألمون

عشنا أيامًا صعبة وسط أجواء مؤلمة حزينة، إذ كيف تجرد شاب من آدميته وذبح فتاة في الشارع وسط المارة؟! كما انتشرت ظاهرة انتحار الشباب في مشهد مأساوي مؤلم حزين، والناس في متابعة تلك الأحداث انقسموا قسمين:

القسم الأول: عشاق الميديا المتاجرون بالأحداث المولعون بالترند، لا اعتبار عندهم لأي قيم أو أخلاقيات، ومعهم نرى القصص والحكايات والفبركات والخزعبلات لزوم الترند وعدد المشاهدين، ولتذهب مشاعر الناس الحزينة إلى الجحيم!

القسم الثاني: المتابعون في صمت، ومعظمنا من هذا النوع، نشاهد ونرى ونتألم ونتحسر وننتظر القصاص العادل.

بين هؤلاء وهؤلاء تظل الحوادث المؤلمة عالقة في الأذهان يومًا أو عدة أيام، ثم تدفن في مقبرة النسيان انتظارًا لكارثة جديدة في مشهد عبثي مريب.

هنا لا بد من وقفة حاسمة تتضمن الإجابة فورًا عن سؤالين محددين، هما ما الأسباب؟ وما الحلول؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أسباب انحراف الشباب

أما عن الأسباب تعالوا نناقشها بهدوء:

  • لاحظوا معي أن معظم الأحداث أبطالها شباب بين 18 إلى 22 عاما، وهذا يؤكد أن شبابنا في خطر داهم وشديد.
  • لاحظوا معي أن شبابنا ضحايا دراما العنف لنماذج مفسدة أفسدت منظومة القيم وضربتها في مقتل.
  • لاحظوا معي انهيار دور المدرسة وانهيار دور المؤسسات التربوية، رسمية وغير رسمية، وغيابهم جميعًا عن المشهد التربوي التثقيفي التنويري، فكانت تلك الكوارث.
  • لاحظوا معي غياب الرقابة الأسرية في زمن الميديا الافتراضي بكل كوارثه، حتى غدت الميديا سرطانًا ينهش في أجساد شبابنا دون هوادة أو رحمة!
  • لاحظوا معي تدهور منظومة الخطاب الديني، والذي جعل كثيرًا من الناس يفقدون الثقة في كثير من الثوابت الدينية، بسبب أناس يتصدرون مشهد الفتوى والدعوة ولا علاقة لهم بالدين سوى الطلة البهية والترند الجميل.
  • لاحظوا معي التدمير الممنهج من الخارج لعقول شبابنا تحت مسمى الحداثة والتنوير والحرية الشخصية!

تلك ملاحظات سريعة تشخص الأزمة، وهنا السؤال الثاني: ما الحلول؟

اقرأ أيضاً: بين مثالية الشباب وزهد الشيوخ

تعرف على: دور الشباب تجاه مجتمعاتهم

اقرأ أيضاً: الشباب وكسر التابوه

ما هو علاج انحراف الشباب؟

انحراف الشباب

الحلول أوجزها في نقاط ثلاث هي:

أولًا: الخطاب الديني

دعم الخطاب الديني المستنير، وتلك مسؤولية الأزهر والدولة معًا، فلنضرب بيد من حديد على منظومة الخطاب الديني المترهل المعاصر، وليتصدر المشهد علماؤنا الثقات فقط بعيدًا عن مراهقي التدين الذين أفسدوا ودمروا ونشروا الفتن!

ثانيًا: دور المدرسة والتعليم

إعادة الاعتبار للمدارس المصرية والتعليم المصري بإجراءات حاسمة وسريعة، فلن ينصلح حال شبابنا إلا من خلال منظومة تعليمية قوية، قادرة على بناء الإنسان وصيانة الهوية وبناء العقل المستنير، وتلك مهمة المدارس داخل أسوارها وليست في حجرات دروس المعلمين الخصوصية.

ثالثًا: المنظومة الإعلامية

غلق منابع الفتنة؛ الإعلام المدمر، الدراما المشبوهة، النماذج البشرية المفسدة التي دمرت تلك الأجيال الشابة، ولتخضع المنظومة الإعلامية بكل مكوناتها لرقابة الدولة، فلا وجود لحرية الإبداع مع ضياع شبابنا وانهيار قيمنا وثوابتنا.

تلك إطلالة سريعة على المشهد العبثي الحزين.

رحم الله الابنة نيرة ورحم الله كل شاب فارق الحياة منتحرًا، نسأل الله لهم العفو والغفران ولأسرهم الصبر والسلوان.

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ.د/ محمد جمعة

أستاذ أصول التربية ووكيل كلية التربية جامعة دمياط لشئون التعليم والطلاب