مقالات

الهيمنة المادية – الجزء الثاني

محاور وخطط

سنتحدث في هذا المقال عن محاور وخطط الهيمنة المادية في إحكام السيطرة على الكثير من بلدان العالم، معتمدة على تقوفها المادي والاقتصادي والعسكري، بالرغم من أنه ليس من الضروري السيطرة العسكرية المباشرة، فنحن نشهد تأثير تلك الهيمنة المادية وسيطرتها على الكثير من دول العالم دون السيطرة العسكرية.

فمن أهم محاور السيطرة والهيمنة المادية تلك المتعلقة بالسيطرة على القرار داخل البلدان لتحقيق مرادها، وما يشهده أغلب دول العالم في الوقت الراهن يعدل دليل واضح لرهن القرار داخل تلك الدول، ما بين تواجد داخل تلك الدول تحت عناوين ومسميات مختلفة، وبين تشجيع الخلافات وبث روح الفرقة بين مكونات المجتمع الواحد، تبرز خطط المادية للسيطرة وإضعاف الشعوب والمؤسسات.

إن المادية التي لا تردعها القيم الأخلاقية ولا مصلحة باقي شعوب العالم لا تتردد في استخدام أقبح الأساليب التي يمكن أن تحقق لها أهدافها، فالمعايير المزدوجة في الكثير من القضايا حول العالم تظهر بما لا يدع مجال للشك عدم وجود أي رادع أخلاقي يلزم تلك المادية القبيحة،

بالرغم من كم الشعارات الزائفة التي ترفعها بين الحين والآخر، فلا نستطيع أن ننكر دهاء هذا الفكر وصبره وإصراره على تحقيق أهدافه، فهو فكر يعمل وفق خطط قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، ينتقل منها من مرحلة لمرحلة ومن ضغط لغيره بمجرد أن يبدأ بلدا ما بالاستسلام أو التنازل هنا ينتقل لخطة أخرى ويمارس ضغوطات أكثر وأكثر .

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أهم محاور الهيمنة المادية:

  • في الجانب الاقتصادي

ما يحدث في فلسطين والعراق وبلدان العالم لهو خير دليل على شراسة هذا الفكر والرغبة غير المنتهية في المزيد من السيطرة وسلب ثروات بلدان العالم .
كما يعتمد من منطلق تقدمه الاقتصادي ممارسة الكثير من الضغوط الاقتصادية على اقتصاديات بلدان العالم، فعالم لا يستطيع الاكتفاء الذاتي هو هدف وغاية يسعى لها أصحاب هذا الفكر، لا شك أن من لم يستطع إنتاج غذائه لا يملك قراره ،

فقد سعى هذا الفكر بطرق شتى لإفساد الزراعة في الكثير من دول العالم خصوصا المحاصيل الاستراتيجية، من خلال تقديم معونات ومنح تجعل من تلك البلدان غير مهتمة بالعملية الزراعية نتيجة الوفرة التي تقدمها ( في البداية فقط ) أمريكا وغيرها من أنصار هذا الفكر، حتى لا تكون هناك ضرورة من الزراعة، وبمرور الوقت ومع إهمال القطاع الزراعي تصبح الدول تحت رحمة من يقدم لها غذائها.

ومن هنا يبدأ التحول التدريجي نتيجة احتياج الغذاء وعدم القدرة على زراعته، تبدأ السيطرة وفرض الشروط وزيادة معدلات الاستهلاك في تلك الدول، فمجتمعات استهلاكية هي أفضل منفذ لترويج المنتجات التي تنتجها دول الاستعمار، فقد عمل هذا الفكر من جهة على عدم اكتفاء تلك الدول من احتياجاتها الأساسية، ومن جهة أخري جعلها أسواق استهلاكية لمصانعه ومنتجاته، والتي لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فقط بل تتجاوزه للجانب الثقافي أيضا.

  • في الجانب الثقافي وطمس هوية الشعوب

من أهم خطط ووسائل تلك الهيمنة هو الحقل الثقافي، بما يمثله من محدد للهوية الوطنية للبلدان، ومحفز ومشجع للكثير من القيم المرتبطة بالأخلاق والعلاقات وأنماط العمل والإنتاج.

ولما كان هذا الحقل من أهم محددات الهوية للمجتمعات، لم يغفل الفكر المادي خطورة تأثيره في مواجهة الشعوب له، فكان من أهم المحاور التي يجب العمل عليها حتى يتم طمس أي هوية تخالف المادية وتقف عقبة أمام هيمنتها على العالم.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فمن التشكيك في سلامة وقيمة باقي ثقافات العالم، وصولا لبث روح الإحباط بين مكونات الشعب الواحد، والتركيز على القضايا الخلافية ، وإبراز الثقافة المادية على أنها حلم الشعوب والأفراد وأنها سبيل السعادة الحقيقي.

كل هذا يسمح لهم كمحصلة إجمالية بتخريج أجيال لا تدرك شيء عن ماضيها ولا مستقبلها لا تستطيع أن تحدد ما يجب وما لا يجب مما يضمن لتلك الهيمنة مزيد من السيطرة والتغلغل داخل دول العالم.

اقرأ أيضاً:

 الجزء الأول من المقال

في نقد المادية الراديكالية

مدى خطورة الفكر المادي الغربي

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مقالات ذات صلة