قضايا شبابية - مقالاتمقالات

ازدواجية الفعل بين الواقعي والافتراضي

تعد ظاهرة الواقع الافتراضي من الظواهر الأكثر أهمية في عالمنا المعاصر، ونقصد “بالواقع الافتراضي” الواقع غير الحقيقي الذي يتم التعامل فيه افتراضيًا، أي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أصبح لكل إنسان واقعٌ افتراضيٌ يتعامل من خلاله مع من يعرفهم، وكذلك مع من لا يعرفهم، يتعامل معهم بمختلف أنواع التواصل، سواء بالرسائل أو بالصور أو بمقاطع الصوت والفيديو، إلخ.

كذلك يمكن من خلال الواقع الافتراضي أن يعبر الإنسان عن آرائه وأفكاره واعتقاداته من خلال نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وكل هذا من الأمور الحسنة التي أنتجتها مواقع التواصل الاجتماعي، ومن البديهي أن رغم أهميتها وإيجابياتها إلا إن لها سلبيات كثيرة.

الاتساق بين العالم الافتراضي والعالم الحقيقي

سنتطرق إلى أمر هام يتغلغل في هذه الظاهرة ألا وهو مدى الاتساق بين ما يقدَّم افتراضيًا وبين ما يقدَّم واقعيًا، هل يوجد اتساق بين الاثنين عند الإنسان؟ أي هل لدى الإنسان اتساق داخلي بين ما يطرحه افتراضيًا وبين ما يطرحه واقعيًا في حياته العملية؟ وهل ما ينشره عبر منصات التواصل الاجتماعي، يعبر عن الحقيقة الموجودة في الواقع؟

إن الإجابة عن هذه الإشكاليات لهُوَ أمر يصعب تحديده بدقة، فكل إنسان يملك إجابة وفقًا لتجربته الداخلية واتساقه العقلي والنفسي، فيجب على كل إنسان أن يسأل نفسه هذا السؤال، ويجب عليه بطبيعة الحال أن يقدم إجابة عنه، والإجابة أعتقد أنها لا تخرج عن ثلاثة بدائل:

الأولى: “نعم يوجد اتساق بين معاملاتي الافتراضية والواقعية”.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الثانية: “لا يوجد اتساق بين معاملاتي الافتراضية والواقعية”.

الثالثة: “أحيانًا/ إلى حد ما يوجد اتفاق بين معاملاتي الافتراضية والواقعية”.

كيف يؤثر العالم الافتراضي على حياتنا؟

العالم الافتراضي والعالم الحقيقيمن خلال استقراء هذه الإجابات، نجد أن الإجابة الأولى –إن كانت صادقة– هي التي تعبر عن الاتساق المنطقي والعقلي والنفسي لصاحب تلك الإجابة، وهو ما يجب أن يسود.

أما الإجابة الثانية تعبر عن مدى الفجوة والانفصام الذهني بين ما يُطرَح افتراضيًا وبين ما يُقدَّم واقعيًا، وفي الغالب يدرك نموذج الحالة الثانية حقيقة ما يقوم به من تناقض وقد يعتقد أن هذا ذكاء منه، رغبةً لتجميل ذاته وأفكاره بسمات وخصائص يفتقدها ومفتقر لتحقيقها، وذلك من أجل تحقيق مكاسب مختلفة باختلاف الشخص الذي يقوم بذلك، ووفقًا للسياقات التي يعيش فيها من ناحية والتي تهيمن عليه إراديًا أو لا إراديًا، لكن، مع مرور فترة من الوقت وفي ضوء المراقب الخارجي وما يحيط به من متعاملين، تنكشف حقيقته وحقيقة التنافر بين الممارسات الافتراضية والممارسات الواقعية.

أما إذا كانت الإجابة على التساؤل الذي سبق طرحه تتمثل في الإجابة الثالثة، وهي “أحيانًا/ إلى حد ما يوجد اتفاق بين معاملاتي الافتراضية والواقعية”، فهذه الإجابة تعني أنه يوجد تطابق شبه تام أي ليس تطابقًا كاملًا، بمعنى أنه توجد قلة من حالات عدم المطابقة بين الممارسات الافتراضية والممارسات الواقعية، وهي الأقل خطرًا مقارنة بالإجابة الثانية، وإن كانت توجد حاجة ماسة من أجل جعل هذه النسبة البسيطة وتلك الحالات التي تحدث فيها عدم المطابقة.

مقالات ذات صلة:

الكائن الافتراضي

في كل أسبوع يوم جمعة

نوع جديد من المخدرات

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. غلاب عليو حمادة الأبنودي

مدرس اللاهوت والفلسفة في العصور الوسطى ، قسم الفلسفة كلية الآداب جامعة سوهاج