التكنولوجيا وصراع البقاء
لا شك أن التكنولوجيا وتطورها شيء مهم في حياتنا، ومفيد كذلك؛ فهي كثيرا ما تختصر الوقت، وتختزل الجهد، وتزيد الإنتاج، وتجعل العالم كقرية صغيرة.. إلخ. لكن _ومن منظور آخر_ يمثل تأثير التكنولوجيا خطرا حقيقيا على بقاء الإنسان نفسه، فعلى الرغم من مزايا التكنولوجيا وفوائدها التي لا أغض الطرف عنها، إلا أنها _في حقيقة الأمر_ وحش يأكل لحوم البشر، ويهدد بقاءهم، ويذهب عقولهم، ويبدد مشاعرهم، فهي في صراع دائم معنا على البقاء.
تأثير التكنولوجيا وخطورتها على حياتنا
نعم، إن التطور التقني يجعلنا –نحن البشر– في قلق وخوف دائمين، فكلما تطورت التكنولوجيا، ازداد تهميش الإنسان بشكل ينذر بانقراضه، سواء أكان الانقراض حسيا أم معنويا، فإذا نظرنا حولنا الآن سنجد تأثير التكنولوجيا وخطورتها على حياتنا كلها، فكثير من حالات الطلاق والانتحار وجرائم القتل وغيرها كانت بسبب التكنولوجيا، كما أثرت أيضا على مصادر رزقنا، فكم مهنة ماتت وستموت بسبب التكنولوجيا!
فأين ساعي البريد الآن بعد انتشار الرسائل النصية والإلكترونية؟ وأين بائعو الجرائد الورقية بعد انتشار الصحافة الإلكترونية؟ وأين الطيارون بعد ظهور طائرات من دون طيار؟ وأين المهندسون بعد قدرة الكمبيوتر على تصميم المباني آليا؟
وأين الأطباء بعد أن بات اكتشاف كثير من الأمراض وتشخيصها عن طريق الأجهزة؟ وأين عمال المصانع بعد تطور الآلات التي تعبئ وتغلف آليا؟ وأين عمال اليومية بعد انتشار الآلات الميكانيكية في الحراثة والريّ والحصاد؟ وأين …؟ وأين …؟ وأين …؟
هل قدراتنا تسمح لشغل الأعمال التي تفرضها التكنولوجيا؟
ولاشك أن تطور التكنولوجيا يفتح للإنسان مجالات لأعمال أخرى جديدة، ولكنها _للأسف_ تحتاج إلى قدرات ومهارت عالية. والسؤال هنا: هل نحن مؤهلون لشغل تلك الأعمال؟ وهل نمتلك نحن هذه القدرات والمهارات العالية وموظفونا قد لا يحسنون الإمساك بـ(ماوس) الكمبيوتر مثلا؟
فإن لم نجد حلا لهذا الهجوم المؤكد فسنجد التكنولوجيا شيئا فشيئا تستغني عنا، وتستبدلنا بالإنسان الآلي (الريبوت)، لم لا؟ وهو _في الحقيقة_ مبرمج وقادر على أن يعمل بقدرة فائقة، فينتج أضعاف ما ينتجه الآدمي في وقت قليل، وبتكلفة زهيدة، وكل ذلك بدعوى الرفاهية والراحة، ولكنها الراحة القاتلة يا سادة.