أسرة وطفل - مقالاتمقالات

التفكك الأسري ضياع للمجتمع

الأسرة هي نواة المجتمع وأُسُّه ولُبُّه وأصْلُه، فإذا صلحت فقد نجح وتقدم، وإذا فسدت وانفرط عقدها تعثّر وتأخر، والزوج والزوجة عماد البيت، فقد خرجوا من بيوت وأُسَر، فهل كانت مُتماسِكة مُترابطة أو مُتفككة مُتفرّقة؟ إنه أمر صعب لا بد من معرفة جذوره لترتيبه وإرشاده وبنائه.

أولادنا هم الثمار التي نجنيها والآمال التي تعقد عليها الأمم والشعوب مستقبلها الذي تنشده وترجوه لهم خاصة، فلم يخطئ الشاعر (حِطّان بن المُعَلَّى الطائي) عندما وصفهم وصفًا دقيقًا فقال:

وإنما أولادنا بيننا                        أكبادنا تمشي على الأرض

لو هبّت الريح على بعضهم          لامتنعت عيني من الغمض

أهمية مرحلة الطفولة

من هذا المنطلق جاءت أهمية مرحلة الطفولة وخطورتها، وكيفية رسمها والغوص في أعماقها ومن ثم توجيهها، إنّ طفل اليوم هو رجل الغد وصانع المستقبل، فلا تظن أبدًا أنّ ولدك صغير كما تتخيل بل العكس تمامًا، فالطفل يعي ويدرك ويفهم ويخزّن وتمتلئ الملفات في رأسه وعقله.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لهذا نُخطئ عندما نكرّر: “الولد ما زال صغيرًا دعه، لم يكبر بعد!”، ونفاجأ بأنّ الولد يتكلم بكلام لا يستطيع الكبير التحدث فيه، ويفعل أفعالًا تُحيّر الكبار من أين أتى بهذا؟ إنه يخزن في الذاكرة منذ صغره.

عامل ولدك كأنه كبير، أعط له الثقة في نفسه أنه يستطيع عمل هذا الشيء، ادفعه وشجعه وحفّزه وقف وراءه حتى يتخرج رجلًا يثق في نفسه معتمدًا عليها يغامر ويجرّب ويخطئ، حتى يتعلم من خطئه ويصحّح ويصوّب. (من كتابي: أنت وطفلك تحت المجهر).

ما أسباب التفكك الأسري؟

التفكك قد يكون له بعض الأسباب أو مجتمعة، مثل: الزواج المبكر غير المدروس، وزواج الأقارب الذي تدخل فيه العواطف والموروثات والعادات والتقاليد، كما كانوا يقولون عن الولد والبنت الصغار: (الولد للبنت)، ثم يقرؤون الفاتحة على ذلك.

أيضًا من الأسباب عدم الكفاءة بين الزوجين، مثل المستوى الاجتماعي أو التعليم والثقافة، أو عدم قيام الزوج والزوجة بتحمّل المسؤولية، مثل سهر الزوج وغيابه عن البيت لفترات طويلة، أو السفر لسنوات وترك الزوجة تعاني وحدها، أو عدم الإنفاق على البيت.

قد تؤدي كثرة الأولاد إلى قلّة الحيلة وعدم ضبطهم من الرعاية والعناية المطلوبة من التربية والتعليم والغذاء والكساء.

المرأة دورها مهم في ترسيخ وتثبيت دعائم البيت إذا استخدمت ذلك في الإطار الصحيح، لكن قد تنشغل ببعض الأعمال خارج المنزل وتترك الأولاد، أو موجودة في البيت بجسدها ومشغولة بفكرها وعقلها بوسائل التواصل والتشتت الاجتماعي.

قد يكون فقر الأسرة عاملًا مهمًا في ضياع الأولاد ومصاحبة أولاد الشوارع وجناح الأحداث، كل هذا وغيره يترتب عليه عدم محاسبتهم وتوجيههم، وترك حبلهم على الغارب يفعلون ما يحلو لهم.

تربية الأبناء في زمن التحديات

التفكك الأسريإنّ الأسرة ينبغي أن تُبنى على أساس متين وقواعد ثابتة كالتنشئة الطيبة الصحيحة، والرجوع دائمًا إلى الأصول والقيم الحق والعدل والمحبة وعدم الظلم والحقد والكراهية.

الغرب يعمل بكل قوة على ضرب المجتمعات الشرقية فكريًا وخلخلة العقيدة والتشكيك لصناعة أجيال هزيلة ضعيفة الولاء والانتماء لوطنها، أجيال لا تحترم الوالدين وترفع صوتها على كبار السن، أجيال تهتم بتوافه الأمور وسفاسفها وتحترف تضييع الأوقات فيما لا يفيد.

أجيال تهتم بالسير الذاتية للفنانين ولاعبي كرة القدم دون الاهتمام ومعرفة رموزها وأبطال أمتها الذين ضحوا بأنفسهم ليصنعوا لهم المجد والرفعة، مما يؤدي إلى غياب وإسقاط الرمز والقدوة والمثل الأعلى المُحتذى.

دور الأسرة في ظل التغيرات الاجتماعية

الأسرة يقع عليها عبء كبير من تعليم الصدق والأمانة ومهارات فن الحياة، ومجابهتها بالعِلم والفهم والصبر والتؤدة، والاحترام وتوقير الكبير وملازمته والوفاء للصديق.

أيضًا تعليم التوازن وتنمية الهواية مثل القراءة والاطلاع واستخدام التكنولوجيا الحديثة في الأمور النافعة والترفيه المحدود، والتحذير من مخاطر العولمة، والحث على ممارسة الرياضة لبناء الجسم،

وتعليم التفكير الإيجابي النافع والتحذير من التفكير السلبي الهدّام، وبث روح العمل في فريق، والنظام والنظافة وأهمية تحديد الهدف لتحفيز الأولاد للإقبال على المذاكرة والعمل لينفعوا أنفسهم ومجتمعهم.

اقرأ أيضاً: علموا أولادكم

تعرف على: أسباب المشكلات الأسرية وحلولها

اقرأ أيضاً: نحو أسرة عاقلة

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. وائل زكي الصعيدي

خبير مناهج وطرق تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها/ جامعة الاقتصاد والتجارة الدولية

محاضر في: جامعة الدراسات الأجنبية كلية العلوم الإسلامية الصينية / بكين – الصين

دكتوراه فى المناهج وطرق تدريس اللغة العربية

ماجستير في أدب الأطفال، ودبلوم خاص في المناهج وطرق التدريس، رئيس قسم الموهوبين بإدارة ميت أبو غالب التعليمية دمياط سابقاً

عضو اتحاد كتاب مصر