مقالات

ما بين الأثر والتشابه قديمًا وحديثًا

هناك من الكلمات ما يثير حفيظة كثيرين، وذلك عند استخدامها استخدامًا غير دقيق، مثل كلمة “أثر”، فمتى يستخدم هذا اللفظ؟

مفهوم الأثر

كلمة “أثر” تعني تأثير شيء على شيء آخر، ويحدث التأثير عند تقديم جديد يخلو الشيء الآخر المؤثَر فيه منه، مثل أثر فكرة على فكرة أخرى، أو أثر مفكر على مفكر آخر، أو أثر شخصية ما على شخصية أخرى، أو أثر ثقافة على ثقافة أخرى، إلخ.

يطلق لفظ “أثر” لفظًا صحيحًا عندما يثبت أثر الأول “المؤثِر” –فكريًا أو تاريخيًا وجغرافيًا، إلخ– على الآخر “المؤثَر فيه”، وذلك بواسطة قنوات كثيرة مثل الترجمة أو التبادل الثقافي عبر الأفراد أو المؤسسات أو عن طريق التبادل التجاري أو الحروب والمعارك إلى آخره من قنوات نقل المعارف. فعند ثبوت وجود هذه القنوات يمكن أن يوجد الأثر، وتتحول عملية التأثير عندما نجد في الشيء الآخر أشياء وأمور وأفكار وعمران ومظاهر ثقافية وتراثية مثل تلك التي كانت موجودة في الذي أحدث الأثر.

عوامل التأثر والتأثير

360 F 397081124 Whp8qDiaAzcUvnBIi7gXEAQ1tAfJaHax - ما بين الأثر والتشابه قديمًا وحديثًايمكن ذكر أهم العوامل التي من شأنها أن تثبت الأثر، والتي من أهمها رصد الأقدمية الزمنية، وكذلك ثبوت التواصل الثقافي والحضاري.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الأقدمية الزمنية

بالنسبة إلى الأقدمية الزمنية، والتي تعني أن يكون صاحب الأثر أقدم زمنيًا وتاريخيًا على الذي كان محل الأثر، أو الذي وقع عليه الأثر، وتأثر به وقبل تأثيره عليه، ونتج عن هذا الأثر والتأثير تغير معين في الذي كان محل الأثر، وهذا التغير إما أن يكون تغييرًا جزئيًا، فيكون الأثر والتأثير ضعيفًا، وإما يكون تغييرًا جذريًا، وهنا يكون الأثر والتأثير قويًا.

ثبوت التواصل الثقافي والحضاري

أما بالنسبة إلى ثبوت التواصل الثقافي والحضاري، فيعني أنه عند إثبات وجود تواصل بين صاحب الأثر وبين المؤثَر فيه، سواء كان تواصلًا مباشرًا كما هو الحال عندما يسافر أحد المفكرين والفلاسفة من مكان إلى آخر، أو كان التواصل غير مباشر كما هو الحال عند نقل المؤلفات، سواء كانت بلغتها الأصلية المؤلَفة بها أو بتراجم لها أو دراسات عنها، من موطن صاحب الأثر إلى موطن المؤثَر فيه، وذلك عبر كثير من الطرق مثل التجارة والمعارك والحروب، إلخ.

لكن، هل كل تشابه بين فكر شخص وشخص آخر أو بين ثقافة وثقافة أخرى يعد أثرًا؟ بالطبع لا، لأنه قد يحدث تشابه بين فكر شخص وفكر شخص آخر من باب توارد الخواطر، وقد يحدث تشابه بين ثقافة وثقافة أخرى نتيجة تعرضها لنفس السياقات المكونة لها، مثل السياقات السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والتاريخية وغيرها من السياقات الأخرى.

وإن كان هذا يُدرس أنه تاريخ للأفكار وللحضارات، لكن الآن وفي ظل العولمة والثورة التكنولوجية والمعلوماتية، وإتاحة كافة المعلومات والمعارف على شبكة الإنترنت، أصبح الأثر والتشابه من سمات العصر، ونحن الآن في القرن الحادي والعشرين من الألفية الثالثة، فيمكن لأي فرد ولأي مؤسسة ولأي دولة أن تكشف المظاهر الفكرية و السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلخ، لأي منطقة في العالم.

مقالات ذات صلة:

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ظاهرة التأثير والتأثر في الفكر الإنساني

 الإنسان وعلاقته بالمجتمع

الثقافة المادية اليوم تطلب منا أن لا نتطور

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. غلاب عليو حمادة الأبنودي

مدرس اللاهوت والفلسفة في العصور الوسطى ، قسم الفلسفة كلية الآداب جامعة سوهاج

مقالات ذات صلة