مقالات

الإعلام حصان طروادة الجديد 3

مغالطات إعلامية

يذكر لنا التاريخ أن قصة حصان طروادة الشهيرة، هي تعبير على ما يبدو ظاهريا مفيد وجيد، لكنه يحمل بداخله الفخ الخبيث الذي يخدم أهداف المؤامرة.
فأغلب إعلام اليوم -للأسف الشديد- يحمل في رسالته الإعلامية الكثير من الرسائل السلبية التي لا تقدم ما يفيد المجتمع في زيادة وعيه، سواء على المستوى الاجتماعي أو الثقافي وحتى السلوكي، فلو دققت النظر في مضمون الأعمال السينمائية على سبيل المثال؛ نجد الدعوة لقيم العنف والبلطجة والخيانة هي الغالبة على تلك الأعمال .

الدراما التلفزيونية حدث ولا حرج

كذلك الدراما التليفزيونية حدث ولا حرج، يكفي أن تتابع مجموعة من المسلسلات حتى تتعرف بسهولة على كم القيم المنحرفة التي يقوم العمل الدرامي بنقلها للجمهور سواء بطرقة مشروعة أو غير مباشرة.

والغريب في الأمر والذي جعل الكثير بالقول أن هذا التوجه غير برئ؛ بل يحمل رسائل مقصودة للمجتمع، عندما ارتفعت أصوات النقد لمثل هكذا أعمال، كان التبرير من القائمين على تلك الأعمال أنهم ينقلون السلبيات الموجودة بالمجتمع ويسلطون الضوء عليها حتى ينصلح حال المجتمع.

في الحقيقة قد يبدو هذا الرد مقنع وجميل؛ بل يحمل صاحب هذا الرد رسالة سامية للنهوض بالمجتمع، لكن الحقيقة غير ذلك أيها السادة. فمن يحمل هم المجتمع يجب أن يعرض الإيجابيات ويحبب ويرغب الناس فيها، وهذا لا يعني الإغفال عن عرض السلبيات، لا ليس المقصود أن ندفن رؤوسنا في الرمال بل المقصود أن يكون عرض السلبيات في إطار ينفر منها ويؤكد على قيمة الإيجابيات.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ليس المطلوب التركيز على تاجر المخدرات وإنجازاته واحترام الناس له وقدرته على فرض رأيه وحياته المترفة طول العمل، وفي نهاية العمل نأخذ مشهد لا يتعدى ثواني معدودة على ندمه، بل الذي يجب أن يحدث هو العكس التأكيد على الفضائل وعرض القبائح على سبيل الإشارة. فما تم عرضه على مدار العمل الفني قد ترسخ في أذهان المشاهدين.

 البرامج والتوجيه غير المباشر

كذلك لم يمكن إغفال الدور التي تقوم به البرامج سواء الترفيهية منها وحتى البرامج والنشرات الإخبارية؛ فجودة تلك البرامج مرتبط ارتباط وثيق بمضمون المحتوى الذي تقدمه. وما نشاهده من توجيه مباشر وغير مباشر لقيم وعادات وسلوكيات مخالفة لهويتنا وثقافتنا يظهر مدى خطورة تلك البرامج

والدور المشبوه الذي تمارسه بغرض خلق حالة من عدم الوعي داخل المجتمع تسمح فيما بعد بتمرير ثقافة الغرب المادية الاستهلاكية داخل المجتمعات مما يجعلها سوقا استهلاكيا لمنتجات الشركات العملاقة العابرة للقارات وتقليد الثقافة المادية في نمط الحياة بشكل عام مما يجعل المجتمع وأفراده تحت سيطرة تلك الثقافة.

ولم يكتفِ الإعلام بتلك الأعمال الدرامية والسينمائية والبرامج؛ بل استخدم وسائل التواصل الحديثة على اعتبار أن تلك الوسائل هي أداة من أدواته الإعلامية.
ففتح المجال للعديد من الشباب لفرصة التسجيل والبث على تطبيقات مختلفة، لتحقيق نفس الغرض والأهداف السابقة من زيادة حالة عدم الوعي وأضف لذلك وسيلة لزيادة الفرقة داخل المجتمع وزيادة التفرقة الطبقية، ووسيلة للضغط على النظم التي تخالف التوجهات المادية الغربية.

محتوى خالي من القيم

وهنا يجب ألا ننساق حول فكرة أن المحتوى السليم والذي يحمل رؤية سليمة يحقق شهرة واسعة، وأن الكثير من الشباب بمجهوده الخاص وصل لهذا الكم من المتابعين، هذا فخ من خداع الإعلام الحديث.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فمن المعلوم السيطرة التامة للثقافة المادية الأمريكية على وسائل الإعلام من خلال شركاتها العملاقة، فلا يعقل أن ينتشر محتوى مخالف لتلك الثقافة والواقع يثبت ذلك، فلو دققنا النظر لأغلب المحتوى المنتشر والذي يحقق مشاهدات بالملايين سنجده هو من ذلك المحتوى الذي يخلو من أي قيمة تدعو لرقي المجتمع وزيادة وعيه.

كما نقل الإعلام المادي والمجتمعات من ثقافة الاهتمام بالقضايا المحقة في العلم والاهتمام بتحصيل العلم والمعارف والأخلاق على اعتبار أنها وسيلة لسعادة الفرد ورقي المجتمع، إلى الاهتمام بأحوال الممثلين ونجوم كرة القدم ونجوم الغناء، فأصبح من الطبيعي أن يغرق المجتمع في النقاش حول ملابس فنانة معينة أو انتقال لاعب لنادي غير النادي الذي كان فيه، أو أحداث تصوير أغنية لفنان مشهور، ومن طلاق فنانة وزواج أخرى؛ أدخلنا الإعلام في فخ من الإبعاد المتعمد عن كل ما هو مفيد لنا كأفراد أو مجتمعات.

ثقافة ورقة اليانصيب

ولم يكتفِ بذلك أيضا؛ بل بدأ رسم نمط آخر من نظرتنا للمستقبل فبدأ بعمل حملات كبيرة جدا وانتشرت انتشار كبير، حول شخص قام بتصوير نفسه يتكلم عن موضوع معين أو شخص قام بتصوير شخص أو شخص قام بتصوير حدث معين، وأن هذا الفيديو قد تسبب في تغيير حياة صاحبه فقد تفاعل المجتمع وقدم له المساعدات وتغيرات حياته بمجرد نشره للفيديو،

وكأننا أمام ثقافة ( ورقة اليانصيب) التي كانت تُباع قديما ويتم السحب على رقم معين فيكسب الفرد آلاف الجنيهات التي تغير مسار حياته، هذه الثقافة خطيرة؛ فهي ترسخ ثقافة الوهم وانتظار مكسب اليانصيب مما يجعل الفرد أثير الأوهام وتضرب في الصميم قيمة العمل والجد والمثابرة مما يفقد كلا من الفرد والمجتمع روح المبادرة والعمل الجاد و الذي هو السبيل لتقدم أي مجتمع.

للإعلام خدع كثيرة ظهر منها الكثير وخفي عنَّا الأكثر، ولا شك أن الإعلام اليوم وسابقًا من أهم أدوات التأثير والتغيير في أي مجتمع شريطة أن يحمل رسالة نافعة ؛لأنه بكل الأحوال يؤثر سواء تأثير سلبي أو إيجابي.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وعلى الجميع أن يعرف أهمية الرسائل الإعلامية ويُدقق في المضمون نظرًا لخطورة ما يترتب على هذه الرسائل من تغيرات تحدث على المستويات كافة.

أقرأ أيضا:

الجزء الأول من المقال

الجزء الثاني من المقال

الإعلام وأشباح الكهف ..ماذا يقدم لنا الإعلام؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مقالات ذات صلة