الأطفال اللاجئون غير المصحوبين والمنفصلون عن ذويهم
تعد جمهورية مصر العربية واحدة من البلدان الموقعة على اتفاقية عام 1951م المتعلقة بمركز اللاجئين وبروتوكلاتها لعام 1967م، واتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لعام 1969م، التي تنظم جوانب محددة من قضايا اللاجئين في إفريقيا، وبغياب التشريع الوطني والنظام الخاص باللجوء، كُلفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بالمسؤوليات الوظيفية عن جميع جوانب تسجيل ملتمسي اللجوء واللاجئين ووثائقهم وتحديد وضعهم، بموجب مذكرة التفاهم المبرمة مع حكومة مصر عام 1954م، تمنح الحكومة ا للاجئين وملتمسي اللجوء المسجلين لدى المفوضية تصريح إقامة مدة ستة أشهر قابلة للتجديد بموجب قانون الأجانب رقم 89 لسنة 1960م المعدل بالقانون رقم 88 لسنة 2005م، الذي ينظم الإقامة القانونية ودخول الأجانب إلى مصر، بما في ذلك ملتمسي اللجوء واللاجئين.
في نهاية عام 2007م سُجِّل 219.212 من ملتمسي اللجوء واللاجئين لدى المفوضية في مصر. وينتمي ما مجموعه 92.524 منهم إلى إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بما في ذلك السودان (35.737) وإثيوبيا (14.452) وإريتريا (12.693) وجنوب السودان (10.077) والصومال (6.663)، فضلًا عن العراق (6.663) واليمن (4.585) و50 دولة أخرى.
زادت أيضًا أعداد الوافدين الجدد من الأطفال غير المصحوبين بذويهم والمنفصلين عنهم، الذين تتراوح أعمارهم من 15 إلى17 عامًا، ويفيد معظم مجموعات الأطفال غير المصحوبين من ملتمسي اللجوء من إريتريا والصومال والسودان، ومن المتوقع أن يزيد العدد، وفي ديسمبر 2017م سُجِّل 3695 من الأطفال غير المصحوبين بذويهم لدى المفوضية. وكان ثلاثة أرباعهم تقريبًا من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
تشير تقديرات المفوضية إلى أن أكثر من 15 مليون طفل ولدوا وهم في أوضاع اللجوء، بين عامي 2018م و2021م، أي ما يعادل نحو 280 ألف طفل سنويًا على مستوى العالم، وإذ إنه في عام 2021م قدم 27 ألف طفل من غير المصحوبين أو المنفصلين عن ذويهم طلبات لجوء جديدة، ويمثل ذلك زيادة قدرها 6 آلاف طلب مقارنة بالعام الماضي.
وفقًا للمبادئ التوجيهية المشتركة بين الوكالات المتعلقة بالأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم، الأطفال غير المصحوبين (ويسمون أيضًا القُصّر غير المصحوبين) هم الأطفال المنفصلون عن كِلا الأبوين وعن أقربائهم الآخرين، الذين لا يقوم على رعايتهم إنسان بالغ، ويكون بحكم العرف أو القانون، مسؤولًا عن القيام بذلك.
الأطفال المنفصلون عن ذويهم هم الأطفال المنفصلون عن كِلا الأبوين، أو عن الشخص الذي كان مسؤولًا من قبل عن رعايتهم الأولية، سواء بموجب القانون أو العرف، لكن دون أن يكونوا بالضرورة منفصلين عن أقربائهم الآخرين، لذلك يمكن أن تشمل هذه الفئة الأطفال الذين يرافقهم بالغون آخرون من أفراد أسرتهم.
من المهم التمييز بين الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم والأيتام الذين يعرفون باعتبارهم أطفالًا ويعرف أن كِلا أبويهم متوفيان، غير أن بعض البلدان تطلق اسم اليتيم أيضًا على الطفل الذي فقد أحد أبويه، وجدير بالذكر أن نشير إلى أن فريق العمل المشترك بين الوكالات لا يؤيد استخدام مصطلح القُصّر ويوصي باستخدام مصطلح الطفل بدلًا عنه، لضمان اعتماد التعريف المشترك لمصطلح الطفل على النحو الوارد في اتفاقية حقوق الطفل.
يعد الانفصال عن الوالدين أو الأقارب أو مقدمي الرعاية المعتادين تجربة مدمرة للأطفال، ويعتبر الأطفال المنفصلون عن ذويهم من بين أضعف الأطفال الذين يعانون من حالات الطوارئ، بعد أن فقدوا رعاية أسرهم وحمايتها والقائمين على رعايتهم في وقت هم في أمس الحاجة إلى رعايتهم، فيزيد ذلك من خطر تعرض هؤلاء الفتيات والفتيان إلى خطر الأذى الجسدي والنفسي، والاختطاف والإتجار أو من الجماعات المسلحة، والإيذاء والاستغلال الجنسي، وفقدان الهوية دائمًا، علاوة على ذلك فقد يحملون مسؤوليات الكبار التي تفوق ما يتحمله من هم في سنهم.
بغية كفالة تمتع جميع هؤلاء الأطفال بالحماية الدولية، بموجب مجموعة كبيرة من الصكوك الدولية والإقليمية، واستفادتهم من الجهود الرامية إلى اقتفاء أثرهم ولمّ شملهم بالمسؤولين الرئيسيين عن رعايتهم في السابق– اعتمدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، ولجنة الصليب الأحمر الدولية، والتحالف الدولي لإنقاذ الطفولة وغيرها من الوكالات المعنية، مصطلح “الأطفال المنفصلين عن ذويهم” الأوسع نطاقًا أساسًا لعملها، وسَعَت المفوضية بنجاح إلى حشد الدعم لقبول المبدأ الموسع عالميًا بغرض تسليط الضوء على ما للأطفال المنفصلين عن ذويهم، بمن فيهم المراهقين من احتياجات محتملة للحماية.
من حق الأطفال غير المصحوبين المنفصلين عن ذويهم الاستفادة من الحماية الدولية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي للاجئين، والقانون الإنساني الدولي، ومختلف الصكوك الإقليمية.
يواجه الأطفال خطر الانفصال عن أسرهم أو رُعاتهم المعتادين نتيجة لأي حالة طوارئ، بيد أن عدد الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم، والنطاق الجغرافي للمشكلة، يتوقفان إلى حد كبير على العوامل التالية:
- أنواع حالات الطوارئ والسياقات المختلفة، سواء كانت نزاعًا مسلحًا أو كارثة طبيعية أو اضطرابات سياسية، فقد تحدث تحركات سكانية كبيرة في مناطق شاسعة، بما في ذلك عبر الحدود الدولية، قد تؤدي إلى أعداد كبيرة من الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم.
- التحركات السكانية المتوقعة والمخطط لها والمنظمة قد تؤدي إلى تقليل حجم انفصال الأسر ومن الأشخاص القادرين بطريقة أكثر تنظيمًا.
- الاستجابة الإنسانية قد يكون لها تأثير إيجابي وسلبي على أعداد الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم، أي حجم الاستعداد الذي تسنى القيام به، ومدى صعوبة الوصول إلى السكان المتضررين وإلى أي حد دعمت الاستجابة وحدة الأسرة.
تعرف على: علاج مشكلة إساءة معاملة الأطفال والخدمة الاجتماعية
الخدمات المقدمة للأطفال اللاجئين غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم
أولًا: مفهوم الأطفال اللاجئين غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم
أ- الطفل
وفقًا للتعريف الوارد في المادة 1 من اتفاقية حقوق الطفل: كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر، ولم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه، ومن حيث الإجراءات التي تتخذها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن كلمة “أطفال” تشير إلى سائر الأطفال الذين هم موضع اهتمام المفوضية، ويشمل الأطفال طالبي اللجوء والأطفال اللاجئين والأطفال النازحين داخليًا والأطفال العائدين وعديمي الجنسية، الذين يتلقون المساعدة والحماية من المفوضية.
ب- اللاجئ
الأشخاص خارج دولتهم الأصلية ويطلبون الحماية الدولية لأسباب الخشية من الاضطهاد، على أساس العرق أو الدين أو الجنسية أو الرأي السياسي أو الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة، أو بسبب الصراع أو العنف المعمم أو ظروف أخرى أخلَّت بشكل خطير بالنظام العام مما أجبرهم على الفرار. يرد تعريف اللاجئ في اتفاقية عام 1951م وصكوك اللاجئين الإقليمية، وكذلك النظام السياسي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وتحديد اتفاقية اللاجئين ومسؤوليات الدول، إذ يكون الشخص طالب لجوء حتى يتم تحديده على أنه لاجئ وفقًا للقانون الوطني والدولي، وتسمى هذه العملية تحديد وضع اللاجئ وتُنفذ من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أو الدول.
ج- الأطفال غير المصحوبين (ويسمون أيضًا القُصّر غير المصحوبين)
الأطفال المنفصلون عن كِلا الأبوين وعن أقربائهم الآخرين، والذين لا يقوم على رعايتهم إنسان بالغ، ويكون بحكم العرف أو القانون، مسؤولًا عن القيام بذلك.
الأطفال المنفصلون عن ذويهم هم الأطفال المنفصلون عن كِلا الأبوين، أو عن الشخص الذي كان مسؤولًا من قبل عن رعايتهم الأولية، سواء بموجب القانون أو العرف، لكن دون أن يكونوا بالضرورة منفصلين عن أقربائهم الآخرين، ولذلك يمكن أن تشمل هذه الفئة الأطفال الذين يرافقهم بالغون آخرون من أفراد أسرتهم.
من المهم التمييز بين الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم والأيتام الذين يُعرفون باعتبارهم أطفالًا ويعرف أن كلا أبويهم متوفيان، غير أن بعض البلدان يطلق اسم اليتيم أيضًا على الطفل الذي فقد أحد أبويه.
جدير بالذكر أن نشير إلى أن فريق العمل المشترك بين الوكالات لا يؤيد استخدام مصطلح القصر ويوصي باستخدام مصطلح الطفل بدلًا عنه، لضمان اعتماد التعريف المشترك لمصطلح الطفل على النحو الوارد في اتفاقية حقوق الطفل، ويعد الانفصال عن الوالدين أو الأقارب أو مقدمي الرعاية المعتادين تجربة مدمرة للأطفال.
يعتبر الأطفال المنفصلون عن ذويهم من بين أضعف الأطفال الذين يعانون من حالات الطوارئ، بعد أن فقدوا رعاية أسرهم وحمايتها والقائمين على رعايتهم في وقت هم في أمس الحاجة إلى رعايتهم، فيزيد ذلك من خطر تعرض هؤلاء الفتيات والفتيان لخطر الأذى الجسدي والنفسي والاختطاف والإتجار والتجنيد غير القانوني، أو الاستخدام من القوات المسلحة أو الجماعات المسلحة، والإيذاء والاستغلال الجنسيين، وفقدان الهوية دائمًا، علاوة على ذلك فقد يحملون مسؤوليات الكبار التي تفوق ما يتحمله من هم في سنهم.
المفهوم الإجرائي للأطفال اللاجئين غير المصحوبين والمنفصلين عن أسرهم:
- هم الأطفال اللاجئون خارج دولتهم الأصلية ويطلبون الحماية الدولية لأسباب الخشية من الاضطهاد، على أساس العرق أو الدين أو الجنسية أو الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة، أو بسبب الصراع أو العنف المعمم أو ظروف أخرى أخلَّت إخلالًا خطيرًا بالنظام العام، ما أجبرهم على الفرار.
- الأطفال غير المصحوبين (ويدعون أيضًا القصر غير المصحوبين) هم الأطفال الذين انفصلوا عن الوالدين ولا يرعاهم الكبار الذين هم بحكم القانون أو العرف مسؤولون عن رعايتهم.
- أما الأطفال المنفصلون فهم الأطفال الذين انفصلوا عن الوالدين أو الرعاية الأولية القانونية أو العرفية السابقة، ولكن ليس بالضرورة عن أقارب آخرين.
- كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر ولم يبلغ سن الرشد قبل ذلك، وفق القانون المنطبق على الطفل وذلك في الأطفال اللاجئين.
اقرأ أيضاً: الرعاية اللاحقة لخريجي مؤسسات الأيتام
ثانيًا: الحماية الاجتماعية للأطفال اللاجئين غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم
الحماية صيانة الآخرين من العلل والأخطار والمعاناة التي قد يتعرضون لها، والدفاع عنهم وتزويدهم بالعون والدعم، وعليه فالحماية مجموعة من الضمانات والحصانات الكفيلة باحترام حقوق الإنسان في الحرب، ومنها حقوق الطفل، وهي توفر الحصانة القانونية.
إن حماية الطفولة عبارة عن مجموعة القواعد والأطر والإجراءات التي تُتخَذ لمنع وقوع الإساءة ضد الطفل مثل العنف والاستغلال، والمحافظة على كرامته ورفاهيته باعتبار أن صور الانتهاكات في حق الطفل قد تزايدت عبر عدة بؤر من العالم ومنها المساس بحق حياة الأطفال.
مفهوم الحماية لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين: تعني العمل على توفير الحقوق الأساسية للاجئين جميعًا ويشمل الأطفال، وعدم إعادتهم قسرًا إلى بلد يواجهون فيه الاضطهاد، والمساعدة في العودة إلى وطنهم عندما تسمح الظروف بذلك، إضافة إلى دمجهم في بلد اللجوء، أو إعادة توطينهم في دولة ثالثة، وتوفير كل الحقوق والخدمات من غذاء وماء ومأوى وصحة وتعليم وفقًا للقوانين والمعايير الدولية.
اقرأ أيضاً: كيف تعرف الواجبات المفروضة عليك كما تعرف حقوقك؟
ثالثًا: الخدمات الأساسية للأطفال اللاجئين
التعليم
يعتبر التعليم حق أساسي للاجئين بموجب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وكذلك التشريعات الوطنية التي يجب أن تتوافق مع الاتفاقيات الدولية، وللتعرف على تعليم اللاجئين سنقوم في هذا البحث بإلقاء الضوء على سياسة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في التعليم.
تكمن أهمية التعليم للأطفال اللاجئين بما فيهم الأطفال اللاجئين غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم، في أنه يعطيهم المعرفة ويملكهم مهارات الحياة ليعيشوا منتجين وباستقلالية، فكلما استقر اللاجئ في تعليم جيد زادت معرفته بحقوقه وأصبح قادرًا على الاعتماد على نفسه.
كما يحمي التعليم الأطفال اللاجئين، إذ يمثل الفصل الدراسي ملاذًا آمنًا للأطفال اللاجئين، ويمكنهم من خلق صداقات مع أقرانهم في المجتمع، ويمثل أيضًا فرصة لهم للتعرف على أنفسهم والعالم من حولهم، ويحميهم أيضًا من التجنيد الإجباري، وعمالة الأطفال، والاستغلال الجنسي، والزواج المبكر.
يقوي التعليم المجتمعات بمساعدتهم لبعضهم في أن يحموا أنفسهم أفضل، وذلك بتلقين وتعليم بعضهم بالمعرفة الخاصة بالرعاية الصحية والتوعية من المخاطر.
في هذا الإطار تأتي أهمية المبادئ التوجيهية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التي تعمل على إنفاذ حق التعليم للأطفال اللاجئين، وتحسين قدرة العاملين.
مجال التعليم على تعزيز البرامج وتصميمها وذلك لتحقيق المعايير الدولية المطلوبة في تعليم الأطفال اللاجئين، إذ تشير المبادئ التوجيهية إلى أنه يجب أن يحصل كل الأطفال اللاجئين على فرص متساوية في جميع مستويات التعليم، وأن يتيسر لهم الوصول الآمن إلى المدارس، والعمل على أن تكون جودة التعليم عالية مثل مواطن الدولة المستضيفة.
كما يجب الأخذ في الاعتبار مدى ملاءمة المنهج للغة اللاجئين وثقافتهم، وأن يشمل التثقيف في مجال السلم، وفي الصحة، والنظافة. كما يجب دعم التعليم غير الرسمي الذي يمكن عن طريقه دعم الأطفال اللاجئين بالمعرفة والمهارات، ويجب أيضًا تفعيل أنشطة التدريب المهني مثل خدمة موجهة للشباب الذين لا يواصلون المرحلة الثانوية، وذلك لإكسابهم المهارات التي تعينهم على كسب رزقهم.
كما يجب أيضًا توعية الأطفال اللاجئين صحيًا، وتدريبهم لنقل مهارات الصحة الأولية لرفقائهم، وتشجع المبادئ التوجيهية على تعيين مدرسين من اللاجئين أنفسهم، وتكوين لجان الآباء لتنظيم مدارس تعتمد على المساعدة الذاتية، كما يجب إتاحة التعليم، وتقييم العملية التعليمية باستمرار.
في ذات السياق المتعلق بأهمية التعليم كونه حقًا أساسيًا وحمائيًا للأطفال اللاجئين، بما يشمل الأطفال اللاجئين غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم، اتخذت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بالتعاون مع شركائها من الدول والمنظمات، سياسة قائمة على إعداد برامج تتيح حصول الأطفال اللاجئين على التعليم الجيد، ولتنفيذ هذه البرامج تعمل المفوضية على حماية حق اللاجئين في التعليم عبر مجانية التعليم في مرحلة الأساس، والمساواة في فرص التعليم ومحو الأمية، كذلك تؤكد الدعم للتعليم الثانوي، وتوفير التعليم غير الرسمي للشباب عن طريق التعليم الفني والمهني.
تعمل أيضًا على تعزيز جودة التعليم بتدريب المعلمين، ودعم البرامج المبتكرة في مهارات الحياة، والتدخل المبكر في حالات الطوارئ ووصول الأطفال إلى التعليم، كما تؤكد السياسة على التعاون والتنسيق المحلي والوطني والدولي بين المنظمات والوكالات والشركاء في قضايا تعليم اللاجئين، ويشمل ذلك المواد والشهادات وتدريب المعلمين، ومراقبة كل برامج تعليم اللاجئين وتقييمها باستخدام المعايير والمؤشرات الدولية، إضافة إلى استمرارية التمويل.
قامت المفوضية بإعداد مجموعة من الاستراتيجيات فيما يتعلق بتعليم الأطفال اللاجئين، وسنلقي الضوء هنا على استراتيجية (2012-2016) الخاصة بتعليم اللاجئين، التي هدفت بالعمل مع الشركاء إلى أن يحصل ثلاثة ملايين من الأطفال اللاجئين على التعليم، وتوفير التعليم الثانوي لمليون لاجئ، وتوفير بيئة مدرسية آمنة، والتأكد من حصول 70% من الفتيان والفتيات على تعليم جيد، وتدريب المعلمين المؤهلين بنسبة 80%، وتوفير التعليم غير الرسمى وإتاحة فرص التدريب لـ40% من الفتيان والفتيات، وزيادة عدد طلاب الثانوي بنسبة 100%، وتوفير التعليم قبل المدرسي لـ500.000 طفل بين (3-5) سنوات، وزيادة تعليم القراءة والكتابة بنسبة 50%.
لتنفيذ هذه الاستراتيجية أعدت المفوضية برامج شاملة للتعليم، تعمل منها على تطوير علاقة قوية مع المسؤولين عن التعليم على المستوى الوطني والمحلي، وتطوير قدرات العاملين والشركاء، ووفق الاستراتيجية تعمل المفوضية بالتعاون مع شركائها للآتي:
- حصول الأطفال اللاجئين على التعليم الجيد في المدارس الابتدائية، بتدريب المعلمين، وتوفير الكتب الدراسية والمنهج المناسب.
- توفير بيئة آمنة للأطفال في المدارس بتدريب الموظفين والشركاء، ودعم وجود مدونة السلوك، والتأكد من سلامة مباني المدرسة وزيادة عدد المدرسات الإناث.
- الحصول على التعليم الثانوي عن طريق دعم تكلفته، وتوفير برامج دراسية قصيرة للذين هم خارج المدرسة، وتقديم الحوافز للإناث اللائي أكملن الثانوي، وتوفير تدريب للطفل في اللغة.
- الحصول على التعليم العالي عن طريق زيادة فرص المنح والكورسات المتقدمة.
- توفير التعليم لكل الأعمار عن طريق دعم التعليم قبل المدرسي، وتوفير فصول دراسية لتعليم القراءة والحساب خصوصًا النساء، وتوفير التعليم الرسمي وغير الرسمي ودعم الرياضة.
- الاستجابة في الطوارئ للتعليم بتخصيص موظفين لتصميم وتنسيق الاستجابة للتعليم، ودمج إعدادات الطوارئ، وتقليل المخاطر في التعليم، وتوفير مساحات مؤقتة للتعليم، ودعم التأسيس السريع للتعليم الرسمي عن طريق الدمج في المدارس الوطنية. وتقوم المفوضية بمراقبة النتائج عن طريق مراقبة التسجيل والتسرب من المدارس.
هذا وقد أشار تقرير للمفوضية في 2016 إلى أن هناك 6.4 مليون لاجئ في سن الدراسة، سجل منهم فقط 2.9 مليون لاجئ، أي أن هناك 3.5 مليون لاجئ لم يدرسوا، وقد بلغ معدل التسجيل للابتدائي 61% في 2016، بينما كان 51% في 2015، أما في الثانوي فقد كان 23%، والتعليم العالي 1%، مما يشير إلى الحاجة الماسة إلى بذل مزيد من الجهود.
الصحة
تعتبر الصحة من القطاعات الهامة جدًا في العمل الإنساني، خصوصًا للأطفال الأكثر عرضة للأمراض والإصابات والاعتداءات في أثناء حركة اللجوء نتيجة الحروب والنزاعات، ومن ثم فهم أكثر حاجة إلى الرعاية الصحية الجيدة والفورية. وللتعرف على العمل الصحي فيما يتعلق باللاجئين عمومًا بما فيهم الأطفال سنقوم في هذا الجزء باستعراض استراتيجية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للصحة العامة (2014-2018).
تشمل استراتيجية المفوضية في الصحة العامة للاجئين أربعة قطاعات رئيسية لها أهمية حيوية في تقديم الخدمات والحماية للاجئين، وتشمل هذه القطاعات كلًا من الصحة العامة، والأمن الغذائي والتغذية، والماء والصرف الصحي والنظافة، والصحة الإنجابية، ومرض نقص المناعة المكتسبة (HIV).
هذا وقد حددت الاستراتيجية ستة أهداف رئيسية ترتبط بكل القطاعات المذكورة أعلاه، وأول هذه الأهداف حصول اللاجئين على خدمات صحية جيدة، والهدف الثاني تقليل الحالات المرضية الناتجة من الأمراض المعدية وكذلك الأوبئة، والهدف الثالث إنقاذ الأطفال، والهدف الرابع توفير الحصول على الوقاية والسيطرة على الأمراض غير المعدية بما فيها خدمات الصحة العقلية، والهدف الخامس توفير الرعاية الخاصة، أما الهدف السادس دعم أنظمة الصحة الوطنية وتطويرها(1)، وفيما يلي وصف لكل أهداف الاستراتيجية في القطاعات سابقة الذكر التي تشمل:
الصحة العامة
ترتكز برامج الصحة العامة للاجئين على مبادئ الصحة العامة المتضمنة في إعلان المأتا 1978، الذي عرّف الرعاية الصحية الأولية بأنها: “الرعاية الصحية الأساسية القائمة على التطبيق العملي والعلمي، والطرق المقبولة اجتماعيًا، والتكنولوجيا التي تسهل عالمية حصول الأفراد والأسر على الخدمة في المجتمع عبر مشاركتهم في كل المراحل”.
يكمن الهدف الأول المتعلق بتحسين الحصول على برامج جيدة في الرعاية الصحية الأولية في تقديم الدعم لوزارات الصحة لضمان حصول اللاجئين على خدمات الرعاية الصحية العلاجية والوقائية، بغض النظر إن كانوا يقيمون في المعسكرات أو في المدن في البلدان ذات الدخل المنخفض.
في المعسكرات تستمر برامج الصحة العامة في التأكيد على جودة هذه البرامج، بالتركيز على مقابلة الاحتياجات والجودة المثالية وفقًا للمعايير الدولية، وتوفير الأدوية والمعامل الجيدة والموظفين المؤهلين والمدربين وفقًا للمعايير الدولية والتعاون مع الشركاء.
أما الهدف الثاني يتعلق بتخفيض الحالات المرضية الناتجة عن الأمراض المعدية والوبائية، التي تعتبر السبب الرئيس للأمراض والوفيات وسط اللاجئين بخاصة في مرحلة الطوارئ مثل الإسهالات، والالتهابات الحادة والحصبة والملاريا والسحائي وحمى الضنك والإنفلونزا والتهابات الكبد (A.E)، ففي مثل هذه الظروف تقوم المفوضية بإعداد منهج منظم للتحكم وضبط الأمراض المعدية بالإعداد الجيد للاستجابة.
كما يجب التأكد من أن كل معسكرات اللاجئين تجدد باستمرار، استعدادات تفشي الأمراض (Out break)، وخطط الاستجابة وتفعل نظام الإنذار المبكر، وتربط كل القطاعات بالوقاية في برامج الاستجابة بخاصة قطاع الماء والصرف الصحي والنظافة. وفيما يتعلق بالملاريا وضعت الاستراتيجية برامج شاملة للسيطره على الملاريا عن طريق التدخلات المناسبة للوقاية والعلاج، وأيضًا لوحظ أن التهابات الجهاز التنفسي الحادة تسببت في حالات مرض ووفيات وسط اللاجئين الأطفال أقل من 5 سنوات، وفي هذا الشأن عملت الاستراتيجية بالإضافة إلى العلاج على إعداد برامج التوعية المجتمعية، وتوفير السكن الكافي والبطانيات وتصريف المياه الراكدة.
هذا وقد ترتفع إصابات السل وسط اللاجئين نتيجة لعدم الكشف عن المرض، بسبب اضطراب خدمات الصحة في بلدهم بسبب النزاع، لذا يتم تسجيل اللاجئين في البرنامج الوطني لعلاج السل.
يتعلق الهدف الثالث بتحسين صحة الأطفال، إذ يموت الملايين من أطفال العالم بسبب أمراض الإسهال والالتهاب الرئوي والملاريا، وتقع النسبة الأكبر في الأطفال اللاجئين، لذا عملت الاستراتيجية على توفير الفحص والعلاج وربط كل ذلك مع قطاعات التغذية والصحة الإنجابية، والعمل على تدريب العاملين.
يكمن الهدف الرابع في توفير الرعاية الكاملة والسيطرة على الأمراض غير المعدية والصحة العقلية، عبر دعم الوسائل وتطويرها التي تساعد على حماية مرضى القلب والأمراض المزمنة عن طريق تقديم الخدمات العلاجية في الصحة الأولية.
يتعلق الهدف الخامس بتوفير الرعاية الخاصة، وهذا يتحقق بضمان إحالة الحالات الخاصة عبر وجود نظام إحالة فعال.
الصحة الإنجابية ونقص المناعة المكتسبة
يتجسد الهدف الأول في هذا القطاع في تقليل انتقال فيروس نقص المناعة (HIV) باستخدام وسائل الحماية، إذ تعمل الاستراتيجية على تقديم برامج ترتبط بالحماية والتعليم وسبل كسب العيش، والتوعية الجنسية وسط الشباب وخدمات الفحص المجاني.
أما الهدف الثاني تسهيل الحصول على العلاج المضاد والعمل مع وزارات الصحة، ومنظمة الصحة العالمية.
والهدف الثالث تسهيل إزالة انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل.
يتمثل الهدف الرابع في تحسين الحصول على الخدمات الصحية الشاملة للصحة الإنجابية والأمومة وحديثي الولادة ودعم برامج تغذية الأطفال.
الأمن الغذائي والتغذية
يهدف هذا القطاع إلى توفير الأمن الغذائي والتقليل من نقص التغذية وسط اللاجئين وبخاصة الأطفال والمجموعات الهشة.
تتمثل أهداف الاستراتيجية في هذا القطاع في الوقاية الفعالة من النقص في الغذاء والقصور في المغذيات الدقيقة، بضمان حصول اللاجئين على الغذاء الكافي والجيد، وأيضًا بتحسين وضع الماء والصرف الصحي والنظافة والأوضاع الصحية.
كما تهدف الاستراتيجية إلى المعالجة الفعالة لسوء التغذية الحاد عن طريق توفير العلاج للمرضى داخل المستشفى أو في المعسكرات، وبالتنسيق مع اليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي لتوفير المواد الغذائية المطلوبة لسوء التغذية الحاد والمعتدل، وعن طريق مشاركة المجتمع والتوعية المستمرة، تهدف الاستراتيجية أيضًا إلى توفير المعلومات المتعلقة بالأمن الغذائي والتغذية باستمرار لتساعد على تحديد الاحتياجات والبرامج.
الماء والصرف الصحي والنظافة
الغرض من هذا القطاع حصول اللاجئين الآمن على الماء الجيد والكافي، وتحسين الصرف الصحي والنظافة. إن التدخلات التي ينجزها هذا القطاع لها أثر إيجابي في كثير من مناطق التدخل، يظهر ذلك في الحماية: إذ إن المسافات البعيدة لنقاط المياه يمكن أن تعرض الفتيات والفتيان للاعتداء الجنسي.
في التغذية: فالمرأه التي تحمل لأسرتها 80 لترًا من الماء من بئر تبعد 200 متر عن منزلها تستخدم تقريبا 17% من السعرات الحرارية المحددة بـ2100 کیلوکالوريز/اليوم، وفق المعيار الدولي.
في التعليم: يظهر في عدم انتظام الأطفال في المدرسة بسبب جلب المياه. وفي الأمن الغذائي وسبل العيش: يظهر في قضاء المرأه لكثير من الوقت في جلب الماء مما يقلل من فرصها في المشاركة في النشاطات الإنتاجية، وفي البيئة: يظهر في إساءة استخدام الماء مما يؤدي إلى استنزاف الموارد المائية.
أما التخلص من الفضلات يعتبر عنصرًا أساسيًا في أي برنامج خاص بالماء والصرف الصحي والنظافة، لأنه يقلل من التلوث المحتمل لمصادر الماء ويوفر بيئة صحية، وتهدف الاستراتيجية في هذا القطاع إلى حصول اللاجئين الآمن على الماء الكافي والجيد بالتخطيط ووضع الخرائط لتصميم نظام إمداد مائي يلبي كل احتياجات اللاجئين.
كما تهدف الاستراتيجية إلى حصول اللاجئين على صرف صحي جيد بتطبيق المعايير المتعلقة بالبنية التحتية للصرف الصحي، وتهدف الاستراتيجية أيضًا فيما يتعلق بالنظافة إلى توعية اللاجئين باستخدام مرافق الصرف الصحي، وأن يشعروا بأن هذه المرافق ملكٌ لهم ويجب أن يحافظوا عليها، وتهدف الاستراتيجية إلى تحسين الماء والصرف الصحي والنظافة في المؤسسات، وبخاصة في المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية ومراكز التغذية.
اقرأ أيضاً: نحو معايير قومية لجودة التعليم والتعلم الإلكتروني
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا