علم نفس وأخلاق - مقالاتمقالات

هل أنت بحال جيد؟ .. الجزء الثاني

عندما يصيب جسد الإنسان مرض ما فإنه يبحث عن السبب، ويبدأ في تناول المضادات الحيوية والعلاجات اللازمة، ومع الاستمرار في تناول العلاج يزول المرض بفضل الله، الذي جعل من العلاج سببًا من أسباب الشفاء.

حل جذور المشكلة

سوء حالنا يشبه إصابتنا بمرض يسبب لنا الألم، والذي يستوجب منا البحث عن جذور هذا المرض والعمل على إزالة الألم، فسوء الحال يوجه ضربة كبيرة ومضرة، ويزلزل اتزان الإنسان، ولا نبالغ إن ذهبنا إلى أن الحال السيئ للإنسان قد يزلزل أيضًا اعتقاداته.

لذلك يجب التصدي لسوء الحال بشكل تلقائي، لا بد من اعتباره حالة خطرة يجب الحذر منها بشدة، فلا ينبغي انتظار أن يزول سوء الحال من تلقاء نفسه، وعلى الرغم من كل الأسباب الداخلية والخارجية للحال السيئ لا بد من التصدي لها وعدم انتظار تغيير الظروف دون تدخل منا.

محاسبة النفس ضرورة

في بعض الأحيان يكون الحديث مع النفس ومحاسبتها عند البعض منا ضعيفًا جدًا، وتكون السيطرة على أنفسهم أيضًا ضعيفة، إذ يغفلون عن أنفسهم لدرجة لا تجعلهم يدركون أنهم في حال سيئ، ولا غرابة أن نجد كثيرًا ممن يظنون أنهم بحال جيد هم في الواقع غير ذلك، فقد اعتادوا على الحال السيئ لدرجة اعتبروه حالًا جيدًا.

يمكن ملاحظة ذلك في كثير من النماذج التي نقابلها في حياتنا، فكم من مرتشٍ يعد نفسه إنسانًا طبيعيًا، وأن ما يقوم به أمر عادي وليس رشوة يحاسب عليها القانون وترفضها الأخلاق الحسنة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

كثير من الأزواج والزوجات يتخلون عن أبسط مسؤولياتهم في التربية ورعاية الأسرة، تاركين لوسائل التواصل والتليفزيون مهمة تشكيل عقول أبنائهم ورغباتهم، معتبرين ذلك أمرًا طبيعيًا وأنهم غير مقصرين، إن الاعتياد على سوء الحال هو في الحقيقة أسوأ ما قد يصل إليه الإنسان.

منافع وأضرار قابلية التعود

اعتياد النعم

هناك تفسيرات لعلم النفس حول الاعتياد على سوء الحال هذا، بأن الإنسان الذي اعتاد القيام ببعض الأفعال السلبية وارتاح لذلك يجد صعوبة كبيرة جدًا في تركها، حتى لو توفرت له عوامل مساعدة للتوقف عن تلك الأفعال السلبية، فقد اعتاد على التفكير السلبي لدرجة لا يسمح له بتحسين حاله، لذلك نجد من اعتاد سوء الحال لا يلتفت بسهولة إلى أن حاله سيئ ويحتاج تغيير ذلك.

هنا نجد أن سوء الحال يصل بالإنسان إلى مراحل كبيرة جدًا من الجهل، من أهمها نكران الجميل والنعم الربانية التي أنعم بها الله عز وجل على عبادة من صحة وستر وأولاد.

خطورة اعتياد النعم دون استشعارها

لذلك من مؤشرات سوء حال الإنسان نكران ذلك الفضل، وبالمقابل نجد أن الشكر وحفظ الجميل من مؤشرات الحال الجيد، ويمكن القول إن من أسباب نكران الجميل الذي يصيب كثيرًا من الناس وجود كثير من الملكات الأخلاقية مثل الحسد، فالإنسان الحاسد دائمًا ناقم لا يشكر، بل يشعر دائمًا بالضيق لما في أيدي الآخرين، غافلًا عما يملك لذلك لا يشكر، وليس الحسد فقط بل نجد أن النظرة المادية والكبر وتضخم الأنا وحب الظهور كلها من الأمور التي تساعد على سوء الحال نتيجة خطورة تجذرها في نفس الإنسان.

الإنسان الشاكر غالبًا سيكون راضيًا، لن يكون له طمع فيما عند الغير، لا يحسد غيره لامتلاكه ما لا يملك هو، فالشكر يؤسس لكثير من حسن الحال في نفس الإنسان ويزيل كثيرًا من أسباب سوء الحال.

الإنسان غير الشاكر يبحث عن أمور غير موجودة وغير واقعية بدرجة كبيرة، ظنًا منه أنها تسبب له الراحة، وفي نفس الوقت لا يرى الأمور الحقيقية والواقعية المتوفرة للوصول إلى الحال الحسن.

لو تعود الإنسان على الشكر واعتاد ذهنه على ذلك فإنه بذلك قد فتح بابًا من أهم أبواب حسن الحال.

يتبع..

مقالات ذات صلة:

الجزء الأول من المقال

قبل أن نتهم الخصوم، فلنسأل أنفسنا ماذا نفعل نحن؟

اخشوشنوا

*************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا