مقالات

عصر جديد

تنوعت استخداماته وتعددت أدواره، فمن صناعة المحركات الكهربية والسماعات إلى إنتاج الأقراص الصلبة والأجهزة الإلكترونية وتوليد الكهرباء فضلا عن مجال الطب والصحة، إنه المغناطيس الذي لم تقتصر استخداماته على ما ذكر وإنما تعدت إلى المجال الزراعي فكيف ذلك؟ هذا ما سنتعرف عليه في السطور القادمة.

التقنية المغناطيسية.. تاريخ موغل في القدم:

تم اكتشاف المغناطيس عن طريق الصدفة عام 600 قبل الميلاد، حين كان راعي غنم يوناني يدعى ماغنس أثناء سيره على أحد الجبال وقف يرتكز على عصاه ذات النهاية الحديدية، فلاحظ انجذابها لأحد الصخور ومن هنا جاءت التسمية مشتقة من اسم الراعي. كذلك هناك رواية أخرى تقول أن التسمية جاءت من مدينة مغنيسيا الإغريقية بالقرب من تركيا منذ ما يقرب من أربعة ألاف عام حيث وجدت بعض أنواع الحجارة التي لها قوة مغناطيسية لجذب المعادن.

وفي عام 1890 قام العالم Geheimrat لأول مرة بدراسة المعالجة المغناطيسية للماء ووجد لها آثارا مفيدة للحيوان. وبعد ذلك قامت شركة Solavite عام 1930 في فرنسا لأول مرة بتصنيع أجهزة معالجة مغناطيسية للمياه لمعالجة عسر الماء في الغلايات وغسالات الملابس والمبادلات الحرارية.

وبعد الحرب العالمية الثانية قام الاتحاد السوفيتي بإدخال هذه الأجهزة في الصناعة أيضا، فقد حصل العالم Linus Carl عام 1954 على جائزة نوبل في الكيمياء لدراسته الخواص المغناطيسية لهيموجلوبين الدم وكان لذلك أهمية كبيرة حيث أن عنصر الحديد هو الحامل للأكسجين والطاقة في الدم ثم في عام 1969 فسر العالم Marty nova  تأثير المجال المغناطيسي على الماء بزيادة في قطبية الروابط وزيادة في ذوبان الأيونات.

مم تنشأ القوة المغناطيسية؟

ترجع ظاهرة المغناطيسية في المغناطيس إلى الشحنات (الإلكترونات /Electrons) التي تشكل الأغلفة الذرية لنواة ذرات العناصر المختلفة التي يصنع منها المغناطيس (الحديد- النيكل- النيوديميوم) حيث يعتبر الإلكترون “شحنة متحركة  بالتالي ينشأ عنه مجال مغناطيسي”.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

تطبيقات التقنية المغناطيسية في الزراعة

تعتبر الكرة الأرضية المغناطيس الهائل، لذا فإن جميع الكائنات التي تعيش عليها تتأثر بشكل أو بآخر بالمجال المغناطيسي لها، ولا أدل على ذلك من احتواء أغلب الكائنات الحية على مركب الهيموجلوبين في الدم كناقل للأكسجين والذي يتركب بشكل أساسي من عنصر الحديد (الذي يتأثر بالمغنطة).

ونظرا لتدخل الإنسان في النظام البيئي بشكل أدى لتدهوره مما ترتب عليه حدوث خلل في مغناطيسية الأرض، فإن استخدام التقنية المغناطيسية بحد ذاته لا يعتبر شيئا غريبا، بل هو محاولة لوضع الأمور في نصابها وتصحيح الخلل، ومن ثم تعددت تطبيقات هذه التقنية في الزراعة، فتارة تستخدم لمعالجة المياه وزيادة إنتاج المحاصيل، وتارة للتغلب على مشاكل التربة من ملوحة وقلوية وغيرها.

ولكن قبل التعرض بالتفصيل لهذه التطبيقات لابد كبداية من التعرف على الأجهزة المستخدمة وكيف تعمل: يتركب جهاز مغنطة المياه في أبسط صورة من أنبوبة مثبت عليها مغناطيسات متعاكسة الأقطاب كما يتضح في الشكل التالي، وعند مرور الماء خلال الأنبوبة فإنه يتعرض للمجال المغناطيسي فتحدث تغيرات إيجابية في بعض خواصه، حيث تزداد قدرته على إذابة الأملاح واختراق الخلايا وتقل لزوجته ويرجع ذلك لتأثير Zeman أي زيادة استقطاب الإلكترونات فيزيد استقطاب الروابط خاصة الروابط الهيدروجينية، فتضعف وتنتظم جزيئات الماء بدلا من عشوائيتها كما يتضح من المقارنة التالية:

التأثيرات الإيجابية للماء المعالج مغناطيسيا:

ويجب التأكيد هنا على نقطة في غاية الأهمية وهي أن عملية المغنطة لا تغير شيئا في تركيب الماء ولا تنقيه (في حالة ما إذا كان ملوثا) بل فقط تعيد ترتيب جزيئاته، أي أن كل هذا التغير في خواص الماء يرجع فقط لترتيب جزيئاته وعند استخدام الماء المعالج بهذة التقنية في ري المحاصيل أو شرب الحيوانات المزرعية يكون له تأثيرات إيجابية نستعرضها بالتفصيل كما يلي:

على الإنتاج الحيواني
  • 1990م اكتشف Lin and Yotvat أن للماء المعالج مغناطيسيا تأثيرات إيجابية على الإنتاج الحيواني منها:-

_ زيادة في وزن الماشية والعجول والماعز والدواجن.

_ ارتفاع معدل إنتاج الألبان واللحم والبيض المصاحب لزيادة في الخصوبة والفقس.

_ تحسن في جودة بروتين اللبن واللحم والدهن والشكل الخارجي للحيوان.

على النبات
  • وفي عام 1999م قام  Bogatin et al  بدراسة تأثير الماء المعالج مغناطيسيا على النبات فوجدوا:-

_ زيادة في إنتاج المحصول بنسبة 10-15%.

_ تحسن في حجم وشكل الفاكهة وزيادة مستوى السكر وزيادة اخضرار الأوراق.

_ زيادة أكبر لذوبان الأسمدة الفوسفورية وتكوين الجذور بشكل كثيف.

_ حماية أكبر للتربة من الملوحة وتقليل استهلاك الماء بنسبة 20%.

وقد فسرت النتائج التي توصلوا لها بزيادة نفاذية التربة للمياه وزيادة ذوبان الأسمدة أي أصبح النبات أكثر قدرة على الاستفادة منها وبالتالي ارتفعت إنتاجيته.

على ملوحة الماء
  • تقليل تأثير الماء المالح، لأن التقنية المغناطيسية تعمل على تقليل تأثير الأملاح بنسبة تصل إلى 50%، بمعنى عندنا ماء درجة الملوحة له 2000 جزء في المليون، هذه المياه لا يمكن زراعة نبات الخيار عليها لأنه حساس للملوحة، ولكن في حالة استخدام التقنية المغناطيسية ينخفض التأثير فيصبح كأن درجة ملوحتها 1000 جزء في المليون، وهنا ينمو الخيار على هذه الدرجة من الملوحة.
على عملية الري
  • ترفع كفاءة عملية الري وتقلل من الاستهلاك المائي، حيث أن النباتات يتم ريها كل 13 يوما بدون هذه التقنية، ولكن في حالة استخدام التقنية المغناطيسية يتم الري كل 15-16يوما، أي أن المسافة بين الريات زادت وهذا يرجع إلى تأثير المياه المعالجة مغناطيسيا على تحسين صفات التربة سواء الكيميائية أو الفيزيائية.
على التربة
  • رفع كفاءة الأراضي الملحية و استصلاحها، حيث أن التقنية المغناطيسية أثبتت أن لها قدرة كبيرة على زيادة كفاءة عملية الغسيل للأملاح في التربة الملحية وانتقالها من حول المجموع الجذري إلى أسفل عن طريق عملية الغسيل. الأمر الذي يؤدي إلى زيادة خصوبة التربة ورفع درجة تصنيفها إلى درجة أعلى.
  • زيادة فى الفيتامينات والفينولات وزيادة فى إفراز صبغات الكلوروفيل الخضراء .
  • إرتفاع نشاط الإنزيمات المضادة للأكسدة CAT, APX, SOD والبرولين .
  • زيادة فى قدرة التبادل الأيوني بين الماء والتربة و النبات.
  • زيادة فى قدرة إرتفاع عمود الماء إلى الأوراق لزيادة الضغط الأسموزي وقلة التوتر السطحي للمياه.

المغناطيس

تأثير الماء الممغنط على حجم بللورات الأملاح فى التربة

المصادر:

  • كتاب الماء الممغنط – أ.د/مظفر حسين الموصلى
  • محاضرة (أهمية التكنولوجيا المغناطيسية في زيادة القيمة الشرائية للأراضي الزراعية) – د/محمد أحمد يوسف

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اقرأ أيضا:

الزراعة المصرية

مصر لم لا؟!

الخطر الداهم، الزراعة تستغيث

 

محمد طنطاوي

مدرس كيمياء الأراضي كلية الزراعة جامعة الأزهر أسيوط