معضلة الأسود
مطلوب من الأسود أن تقود وتسود وتجود، تقود الغابة واختلافاتها، وتسود على كل الصراعات بها، وتجود بالعدل التام على سكانها! مطلوب منها أن تخفي أحزانها، وتداري توترها، وتكتم جهلها، وتصارع دهشتها! فالغابة تنتظر من الأسود القوة والحسم والدقة والسرعة، فلا يجوز لها ضعف أو توتر! وإن حدث شيء من ذلك، فلا يجوز إظهاره وكأنها كائنات مثالية وليست حيوانات طبيعية تتعرض لما يتعرض له غيرها من حيوانات الغابة، فهي في بؤرة التركيز، هي النموذج والمثال! هي القدوة والتطلع! هي الواقع والخيال!
كثيرًا ما تفقد الأسود بساطتها الداخلية نتيجة لكثرة ما تتعرض له من متطلبات وقيود! وبسبب ما يهاجمها في كل لحظة من التزامات وحدود! واجباتها أكثر من المحتمل، وواجبات مكانتها وشهرتها وتفردها ورياستها تفرض عليها كثيرًا!
حرب الأسود مع حيوانات الغابة
عليها مراقبة أفعالها قبل أفعال الحيوانات الأخرى!
عليها رفض إطراء القرود المنافقة!
عليها الاحتياط من الضباع الطامعة!
عليها الحذر من إحراج الأشبال الجشعة!
عليها تجنب رأي الحمير الخَرِفة!
عليها تحذير الذئاب المفترية!
عليها التدقيق في ادعاءات الخراف المبالغة!
عليها تهميش أدوار الأرانب المتكاثرة!
عليها كشف الخنازير التي تدعي النظافة!
صراع الأسود
الكل يطمع في مكان الأسود ومكانتها، بغض النظر عن القدرة والمسؤولية!
وتحاول الأسود أن تربي الأشبال على نفس المسؤوليات والضغوط!
الكل يطمع في نصيب الأسد مما له! ويزهد فيما عليه!
لعنة المثالية
مع المميزات والتفرد والتميز والشهرة، قد تتحول الأسود إلى التكبر والتجبر والغرور! فتغتر بالسيطرة، وتتعالى على كل الحيوانات الأخرى، لا تقبل نقدًا أو مراجعةً، ولا تتحمل حوارًا أو نقاشًا!
قد يشغل الأسود صورتها أكثر من حقيقتها! فتحاول أن “تظهر” دائمًا في المثالية الكاملة التامة المبهرة! فلا يعترف الأسد الناضج بضرورة مروره بمرحلة الشبل الساذج الذي يدفعه الأمل ويحفزه الفضول! فلا يعترف بالنقص سعيًا للكمال! ولا يقتحم التجريب طلبًا للتدريب!
أيها الأسد المتعثر، الأسد في الشكل والشبل في العقل! كيف تبدو أمام الغابة؟! وكيف تبدو أمام نفسك؟! قد تدفعك الإجابة على أسئلة من هذا النوع لملازمة العرين، والابتعاد عن المشاركة، عن الصيد، فلا تغامر بمطاردة قد يفشل صيدها! أو زئير قد لا يُسمَع في أطراف الغابة! فتجنبًا لزئيرٍ ليس قويًا بالقدر الكافي، أو عاليًا بالقدر الكافي، أو مرعبًا بالقدر الكافي، تصمت الأسود!
سعيك للكمال ولصورتك المثالية يدفعك للابتعاد من احتمالات نقص أو صورة بها سلبية الواقعية! فتنتهي إلى لا شيء! نظرًا لاهتمامك “كيف تبدو” أو لحرصك على مثالية دائمة كاملة ناجحة “زائفة”!
كن نفسك ولا تكن وجهة نظر الآخرين فيك
كل الحالات التي يسيطر فيها هوس الأسود بالكمال الشامل التام، وبــ”كيف تبدو” تنتهي إلى لا شيء! أو في أفضل الأحوال يؤدي ذلك إلى القليل جدًا الضعيف جدًا البسيط جدًا! وتضيع أوقات الأسود الساذجة في محاولات مستمرة ساذجة لإثبات أنها الأسود!
أيها الشبل الأسد، في كل حالات النضج المتوهم، اِسْتَعِدَّ للتعلم المستمر، وأَعِدْ واسْتَعِدْ فضول الشبل داخلك! لا تنزعج من كثرة الخنازير أو تصدر الضباع! لا تتورط بالزئير على الحمير! لا تقارن نفسك بالطاووس أو تتحسر على عدم امتلاكك لفضاء العصافير أو أعماق البحيرة! كن نفسك واستمتع بتجربتك في الغابة وإضافتك لتنوعها! لا تنشغل بتصور ما تقوله الغابة عنك! لا تنشغل بكيف تبدو!
معضلة الأسود أن أهميتها وشهرتها تفرض عليها كثيرًا كي توافق الصورة التي يتوقعها وينتظرها الجميع! فتظل معضلة الأسود بعيدة عن “ما هي عليه”! معضلة الأسود في “كيف تبدو”!
مقالات ذات صلة:
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا