قضايا شبابية - مقالاتمقالات

تعمل إيه لو قولت لك أنك متراقب بشكل عمرك ما هتتصوره؟

لا بتكلم بجد.. أنت مُجرد رقم جوة الـMatrix واللي هي الإنترنت.

سنة ٢٠١٦ ضربت العالم فضيحة رهيبة، تخُص الفيسبوك تحديدًا، وكانت بتتكلم عنك وعني وعن كل الناس اللي على وسائل التواصل الاجتماعي وجاوبت عن سؤال مُهم جدًا، هو ليه منصات التواصل الاجتماعى بتشتغل بشكل مجاني دون هدفيـة الربح المادي المُباشر؟

مراقبة المستخدمين

الحقيقة اللي اتضحت إن المنصات دي كلها بتستخدمك أنتَ كشخص كمادة للبيع والشراء، بالظبط زيّ ما شوفت مثلا في فيلم The Matrix، إن أنت بيتم تحويلك وتحويل بياناتك إلى سلعـة تُباع وتُشترى، فأنت بتتحول إلى رقم وسط الأرقام في عالم الشبكة العنكبوتية المبني أساسًا على الأرقام.

أنت دون أن تدري تدريجيًا بالنسبة للشركات دي بتتحول إلى مجرد رقم على ترابيزة المُفاوضات لبيعك، وأهمية كل منصة بتكون من كثافة عدد سكانها.

بُص أنتَ أول ما بتفتح أي أبليكيشن في الدنيا بيـطلب منك full access لبياناتك من أرقام الموبايلات والصور والبرامج اللي بتستخدمها وكل البيانات اللي على موبايلك بتكون ملك فوري للبرنامج أو المنصة اللي بتستخدمها للتواصل.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مش بس كده..

مراقبة سجل البحث للمستخدم

المنصة ذاتها بيكون عندها القُدرة من خلال الـAI أو الذكاء الاصطناعي إنها تـراقب كل أفعالك وتواصـلاتك والـSearch History بتاعك، فتعرف ميولك من أبسطها لأكثرهـا سرية وحساسية زيّ الميول الجنسية مثلا، فأنـتَ بالنسبة للبرامج دي مكشوف كشفـة ممكن تكون أنتَ مـش مُدرك مدى فَداحتها.

يعني.. إيه أكتر ڤيديوهات بتشـدك وتكـملها للآخر هتلاقي منصة زيّ YouTube بتعرض عليك الڤيديوهات المُشابهة لها في الـHome بتاعك، وتحتها الڤيديوهات اللي تُشبه الڤيديوهات اللي أنتَ اتفرجت عليها بس مش كاملـة.

عملية تحديد الشبه بين الڤيديوهات دي مسؤول عنها برامج ذاتية جوة المنصة ذاتها، بتحلل بيانات ناس سبقتك وشافت الڤيديو الفُلاني وخرجت عشان تشوف ڤيديو شبهه، ومن خلال عملية تحليل مُعقدة جدًا بشكل حسابي يقدر الـAI يقترح عليك مجموعة الڤيديوهات اللي أنتَ ممكن تكون عايز تشوفهم فعلا.

وده ليه؟

أسباب مراقبة مواقع التواصل

مواقع التجسس الاجتماعي

ضمان بقاءك لمدة أطول

عشان منصة زيّ YouTube تقدر تحجزك عندها أطول فترة ممكنة وتعرض عليك إعلاناتها على أكتر من فيديو فيتحقق الربح لها. فأنتَ بتُعامل مُعاملة الزبون اللي هما عايزينه، زبون دائم يعني من غير ما تشعُر.

زيادة التفاعل

نفس الكلام بالنسبة لفيسبوك، بس الموضوع هنا غير ومُحكم أكتر، لأن المُنتج اللي هنا مش بس ڤيديوهات، المُنتج اللي هنا هو أنتَ كإنسان.

طيب مع ظهور الـCoronavirus هتلاقي إن في ناس مثلا انتابتها حالة ذُعر وهلع وبدأوا يكتبوا عن الڤيروس والمرض بشكل قهري، فَالفيسبوك يعمل إيه بقى؟

أيوة يعرض لك كل البوستات اللي بتتكلم عن الموضوع ده بشكلFirst priority على الـHome عندك، فتزيد حالة الرعب ويزيد التفاعل ويزيد عدد الناس اللي بتكتب في الموضوع عشان التفاعل الخُزعبلي ده. فيستغله بعض الجُهلاء ويجيبوا أفكار زيّ المليار الذهبي والشريحـة الإلكترونية والـ5G، وتلاقيهم زيطة بقى عشان يكسبوا التفاعل.

إخفاء الحقائق

الأفكار دي يا صديقي موجودة أون لاين منذُ قديم الأزل، وهي أول ما تصطدم به في نظريات المؤامرة اللي هي قمة السطحية واللي بتلاقي انتشار ساخن وسط مُحبي الغرائب والـParanormal، فأنت تلاقي شخصية بـتدعي الأهمية بتقوله فيتغلف قدامك بالـWow effect، وياخد مصداقية غير حقيقية. والحقيقة تتوه وسط الناس، والموضوع أو الـsubject الرئيسي زيّ ما هو بس حواليه شوية رتوش مُزيفة كده.

توجيه الأفراد

الموضوع يبقى Trend زيّ ما الفيسبوك شايف إن هو ده اللي ينفع يبقى تريند دلوقتي. وبعدين الـTrend يبقى وراه Trend، وهكذا يتم توجيهك لتصديق حاجات مُعينة تبقى هي الشاغل العام، زيّ قضية راجح لو فاكر اللي استغلها البعض ولعب عليها وكسب التفاعل والـFollowers الكتير بغرض أنهم بعد كده يروّجوا لمُنتجاتهم، مع إن كل يوم في قضية قتل شبهها بس دي كانت Trend.

تحليل الاهتمامات والميول

هو كـAI بيشـوف مدى ترددك على صفحات مُعينة، وفتحك لبوستات وصور مُعينة، ومُدة بقاءك قدام الصورة دي، والـZoom وكل Click عملته، بكلمك بجد.. أنتَ مـتراقب من الذكاء الاصطناعي بشكل عمرك ما هتتخيله.

هتلاقي في الـShop بتاع فيسبوك لو أنت ولد لعوب إعلانات بنات لابسة بيكيني، ولو أنت مُتدين إعلانات تـناسبك، ولو إنتي Fashionista هتلاقي هناك كل أشكال الموضة.

منصة زيّ Instagram بتعرض لك صور الناس اللي أنت بتحب تشوفهم وتخش عندهم أو الناس اللي شبههم، وعشان كده الشُهرة هناك أسرع، زيّ الـTikTok اللي برضه بيستخدم نفس الخاصية لتحليل توجهاتك واهتماماتك والحاجات اللي بتحب تتفرج عليها ويفضل يعرضها عليك هي واللي شبهها.

عرض الإعلانات المتوافقة مع الميول

شركة كمان بحجم Google ألزمتك يكون عندك حساب على Gmail عشان تقدر تستخدم مُنتجاتها وتقدر تحلل الـSearch History بتاعك، فأنت تفتح موقع تاني خالص تلاقي إعلانات مُتسقة وماشية مع اللي أنت غالبًا بتدوّر عليه.

فرض توقعات للمستقبل

مفيش موظفين سيادتك يراقبوا ٧ مليار مستخدم للإنترنت، فاللي بيحصل إن أصحاب الويب سايتس دي بيطوروا برامج للـAI تتعقبك، وكل واحد بعد ما كان على كل كتف له ملك بيسجل أفعاله، أنتَ كمان دلوقتي وراك AI خاص بيك بيراقبك وبيسجل اهتماماتك واحتياجاتك ويعرض عليك كل ما تتمناه.

المُهم إن أنا كمنصة إلكترونية دلوقتي معايا كل المعلومات دي عنك، فهـعمل إيه بقى، بروح مجمعها في حاجة زيّ File كبير كده فيه كل حاجة عنك، وFile جنب التاني عن كل مُستخدم بجمع اللي شبه بعض في مكان واحد أو File أكبر، ودي بقى اسمها Big Data Information، واللي بيها أقدر أنا كمـنصة إلكترونية أحلل توجه المجموعة دي من البشر، ومش بس كده أنا ممكن كمان عن طريق التحليل باستخدام الذكاء الاصطناعي أحط توقعات كتير جدًا لمستقبل كل شخصية أو لمستقبل الجماعة ككل بناءً على خبرات سابقة من أشخاص تانيين.

كمان مُؤخرًا الـAI بقى بيراقب الأصوات اللي حوالين الموبايل من خلال السماعات، ويقدر برضه يستنتج أنت بتتكلم عن إيه ويروّج لك المُنتجات اللي أنت اتكلمت عنها، والكاميرا برضه من خلالها تلاقي الـAI بيراقبك ويشوف أنت بتروح فين، مثلًا لو الكاميرا سجلت شكل ملابس كتير جدًا فهتلاقي عروض الملابس نازلة فوق دماغك!

اقرأ أيضاً:

لماذا يستخدم الناس الفيس بوك؟!

الحرب غير المعلنة

في عصر البيانات الضخمة: كيف تفكر تفكيرا بياناتيا؟

شركة كامبريدج أنالتيكا

مواقع التجسس الاجتماعيطيب بعد كل المُقدمة دي حصل إيه بقى؟

في التسعينات ظهرت شركة اسمها كامبريدج أنالتيكا، ودي كانت مُتخصصة في عملية تجميع البيانات وتحليلها وتقديمها للسياسيين علشان يقدروا يلعبوا على النقط اللي تخدم مصالحهم الشخصية.

استغلال بيانات المستخدمين قديما في الانتخابات

كانت زمان بتشتغل على الدول النامية زي الأرجنتين وجنوب إفريقيا، وتنزل في الشوارع عن طريق موظفين مُختصين يقدموا للناس استمارات استبيان يخلوهم يملوها عن طريق أسئلة بسيطة جدًا تبان إنها سـطحية، ولكن مع تجميع الإجابات بشكل كبيـر –أو الـBig Data Information بس بطريقة بدائية من غير الـAI– كانوا يقدروا يعرفوا التوجُه العام للمنطقة دي في المحافظة دي عامل إزاي،

وتوجه المسؤول السياسي أو المُرشح الانتخابي في خطاباته للضغط على المناطق والنقط دي، لو تم ذكر مثلا المنطقة دي أو في زيارته لها، بحيث يلعب على عامل الاحتياج وتلبيته للمواطنين. خدعـة بسيطة لكنها فعالة وزي طريق مُختصر كده.

فضيحة الفيسبوك وكامبريدج أنالتيكا

فضلت الشركة دي شغالة بالطريقة دي لحد ما ارتفعت أسهم الفيسبوك كمنصة عليها مجموعة ضخمة من المعلومات عني وعنك وعننا كلنا، فاتجهت شركة كامبريدج أناليتكا إنها تدخل وتطور برنامج داخلي كده جـوة الفيسبوك عشان تجمع منه بيانات المُستخدمين.

عارف أنتَ البرامج أو الـquizzes اللي أنت بتدخل فيها زيّ الأحمـق وتقولك أنت شبه مين من مسلسل البرنس، أو أنت هتجيب طفل شكله عامل إزاي؟

فقبل ما تدخل الـQuiz من دول يقوم يطلب منك الصلاحية للدخول على كافة بياناتك على فيسبوك، وأنت توافق عشان تعرف بس شكل طفلك المُستقبلي، وهووب يطلع لك وهووب توافق وتعمل Share وهووب اللي وراك يلبس واللي وراه واللي وراه! اللي بيحصل إن من ضمن الصلاحية اللي بيطلبها الـQuiz ده إنه بيطلب الصلاحية للدخول إلى قائمة أصدقائك، فبيبقى في إيده مش بياناتك أنت بس لأ في إيده بيانات صحابك كمان!

عشان أفـهمك الموضوع بشكل أبسط، بُص ركزّ معايا..

كامبريدج أنالتيكا تتسبب في نجاح دونالد ترامب

أنت وأنت داخل الفيسبوك أول مرة خالص بيطلب منك الباسورد والإيميل أو اسم المُستخدم وبيديك بعدها الصلاحية إنك تدخل للحقل الأزرق صح كده؟

طب لو أنت Already موجود جـوة الحقل الأزرق ده بس ليك عدد محدود من الأصدقاء واللي هو 5000 آلاف صديق وأنت عايز بيانات مليون شخص وأكتر تعمل إيه؟ تعمل زيّ Bug أو ڤيروس –واللي هو الجانب الشرير من الـAI– حشرة كده إلكترونية تزحف جوة البروفايلات تطلع منها كل البيانات اللي أنت عايزها وخلاص بلا وجع قلب.

بالظبط ده اللي عمله واحد من مؤسسي كامبريدچ أناليتكا سنة ٢٠١٦، وقدر إنه يستحوذ على بيانات ١٠٠ مليون مُستخدم وأكتر، ويبيع بياناتهم بعد تحليلها لحملة دونالد ترامب، ومن خلالها قدر ترامب وحملته إنهم يكسبوا الحرب الانتخابية. قيمة البيانات دي اتباعت بملايين سيادتك ومن خلالها سهلت نجاح ترامب اللي مكنش حد على الكوكب يتوقع إنه يكسب!

على إثر الموضوع ده مارك زوكربيرغ تم تقديمه للمحاكمة الجنائية، وهناك أنكر رقابة الفيسبوك على الـQuizzes دي، وكانت التُهمة إنه باع بيانات المُستخدمين لكامبريدج أناليتكا بمبلغ وقدره.

خطورة السوشيال ميديا

أنتَ وأنا متراقبين، معروف احتياجاتنا وأدق أدق التفاصيل اللي حتى أخوك ميعرفهاش عنك، والإنترنت عالم قبيح بس لو أنت شاطر هتقدر تتعامل معاه بكل سهولة، لو قدرت بس تفهم الـAI وتسيطر عليه ومتخليهوش هو اللي يسيطر عليك. أنا في رمضان مثلا كنت يوميًا بتفرج على Crazy Taxi، ومع الوقت أجبرت الـAI يعرض لي الحاجة اللي بحبها عمال على بطال، ليه بقى؟ لأن ده الغرض الأساسي الطيب اللي اتبنت عليه التكنولوجيا، إنها تخدمني مش تراقبني!

الموبايل اللي في إيدك ده ممكن يكون أكبر شيطان مُسلط عليك، أو إنك تعرف تستخدمه بشكل ميضركش، ودايمًا أقول مش بتفهم في السوشيال ميديا متفتحهاش عشان هي خطر عليك مش حاجة كويسة.

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. مصطفى محمود حسن

باحث وكاتب روائي