العقل ومدارس الفلسفة الإسلامية .. الجزء الثاني والسبعون
المدرسة المشَّائية: (70) أبو سليمان السجستاني: الفيلسوف ومؤرخ الفلسفة، وكتابه: "صوان الحكمة" [7] تأريخ عالمي للفلسفة: اليونانية والإسكندرية والصابئية والمسيحية والإسلامية: منهجية أبي سليمان في تأريخه الفلسفي
تحدثنا –صديقي القارئ صديقتي القارئة– في الدردشة السابقة، عن أبي سليمان السجستاني: الفيلسوف ومؤرخ الفلسفة، وكتابه: “صوان الحكمة” [6] تأريخ عالمي للفلسفة: اليونانية والإسكندرية والصابئية والمسيحية والإسلامية: منظور أبي سليمان للتأريخ الفلسفي: منظومة حضارية واحدة.
ولنواصل –في هذه الدردشة– مقاربتَنا التأويليةَ: أبو سليمان السجستاني: الفيلسوف ومؤرخ الفلسفة، وكتابه: “صوان الحكمة”.
منهج تأريخ الفلسفة: منهج العرض القصير
طريقة السجستاني في تأريخه هي “منهج العرض القصير”، بما في ذلك كبار الفلاسفة سقراط وأفلاطون وأرسطو، فالغاية :المسح الشامل لتأريخ الفلاسفة، الرؤية العامة للأفكار الفلسفية، البانوراما الكلية، شريط الأحداث المتتابع، الإحصاء من أجل الاحتواء، على حد تعبير حسن حنفي. يقول السجستاني: “وليس يمكن في هذا الكتاب (صوان الحكمة) ذكر سيرة كل واحد ممن مضى من الأطباء، إذ كان يحتاج في ذلك إلى ألوف من الأوراق. والغرض ها هنا الإيجاز وتجاوز مثل هذه الأقاصيص إلى ما هو الأهم والمراد: من إيراد حِكَم الفلاسفة ونوادرهم والمستحسن من كلامهم”.
منهج تأريخ الفلسفة: شخصيات الفلاسفة والمذاهب الفلسفية
يذكر السجستاني في تأريخه الفلاسفةَ أفرادًا ويذكرهم أيضًا ضمن المدرسة أو المذهب الفلسفي الذي ينتمي إليه الفيلسوف، أو ضمن المنهج الذي يتبعه الفيلسوف، إن كان هذا الفيلسوف المُؤرَّخُ له منفردًا وينتمي أيضًا إلى مذهب أو منهج فلسفي معين. فيذكر أسماء الفلاسفة –دون ترتيب زمني دقيق– واحدًا تلو الآخر: أرسطو من أفلاطون، وأفلاطون من سقراط، وسقراط من فيثاغورس، ثم يظهر اسم الفيلسوف –مرة أخرى– ضمن المدرسة الفكرية أو المذهب أو المنهج الفكري، وهو ما قد يفسر التكرار لأسماء الفلاسفة، إذ يذكر الفيلسوف مرة منفردًا، ومرة ضمن المدرسة أو المذهب أو المنهج الفكري الذي يتبعه وينتمي إليه فيتكرر ذكرُه وتأريخُه أكثر من مرة.
صورة الفيلسوف كما أرّخ لها السجستاني: عناصرُ عشر
يبدع أبو سليمان فن رسم السيرة الشخصية للفلاسفة عن طريق رسم عناصر عشر أو بعض منها، في شخصية كل فيلسوف، وهي، كما أوردها حسن حنفي، على النحو الآتي:
1. اسم الفيلسوف ومكان ميلاده وعمره ونسبته، مثل: (طاليس الملطي والسرخسي والقمي والحراني والدمشقي والسجزي والبغدادي والأنطاكي والصيمري والنيسابوري)، ودينه، مثل: النصراني، ومذهبه، مثل: الحنفي أو الصابئي (ثابت بن قرة).
2. النسب الفعلي للفيلسوف، مثل: حنين بن إسحاق وابنه إسحاق بن حنين، أو النسب المعنوي، مثل: أفلاطون شريف النسب، أو الفكري عن طريق التتلمذ، مثل: أفلاطون تلميذ سقراط، أرسطو تلميذ أفلاطون، وأرسطو معلم الإسكندر، أو الوضع الاجتماعي، مثل: القطيطوس غلام سقراط، وذكر المعنى الاشتقاقي للاسم، مثل: أفلاطون الذي يعني العريض الواسع.
3. الأهمية وعصر الفيلسوف، مثل: أول من تفلسف في مصر، واستتباب المُلك في اليونان أيام الإسكندر، وأثره في المدرسة التي أنشأها، مثل: تأسيس أفلاطون الأكاديمية، وأرسطو للوقيون.
4. لقب الفيلسوف الذي يدل على المهنة أو الاتجاه الفكري حقيقةً أو مجازًا، مثل: أبقراط الطبيب، أوبروس الشاعر، أرشميدس المهندس، ديوجانس الكلبي، ديمقراطيس الطبيعي، جالينوس الحكيم (الطبيب).
5. أسفار الفيلسوف، مثل: طاليس الذي أتى إلى مصر، ثم رجع إلى اليونان، ثم ذهب إلى مالطة، وأفلاطون الذي أتى إلى مصر، الهجرة في سبيل العلم. واليونان تلاميذ المصريين.
6. السيرة الشخصية للفيلسوف وسماتها، مثل: سقراط الذي أعرض عن الدنيا، وشجاعة سقراط الذي أعلن خلافه مع اليونانيين في الدين، وأفلاطون الذي عبد ربه وسماه أرسطو العقل أو الروحاني.
7. علاقة الفيلسوف بالدولة والأمراء، أي بالسلطة السياسية، مثل: علاقة الكندي بأحمد بن المعتصم، وأرسطو بالإسكندر، والسجستاني بملك سجستان وعيسى الوزير.
8. فلسفة الفيلسوف، مصادرها وسماتها وأساليبها، مثل: استدلال طاليس بقول هوميروس، وكذلك اعتماد أرسطو على هوميروس، وتكوين سقراط وفيثاغورس وإقليدس وأرشميدس وأفلاطون مدرسة واحدة. وأرخوطوس من شيعة فيثاغورس. واستعمل أفلاطون الرمز واللغة كراهيةَ اطلاعِ أحدٍ على أسرار الحكمة ليس من أهلها. كما هو الحال في “المضنون به على غير أهله”، وعدم إقدام الكسول عليها، بل العاشق لها، وتشحيذ الطبائع وإفراغ الوسع والجهد للفهم، كما ذكر السجستاني في أسباب غموض كتب الفلسفة.
9. المؤلفات وشهرتها وتصنيفها، مثل: تصنيف أرسطو الكتب المنطقية وترتيبه الأبواب الطبيعية والإلهية. ويُحال إلى بعض الأعمال الجزئية.
الأقوالالمباشرةدونالنظرياتأوالسيرةالشخصيةمماينبئببزوغالقول كوحدةللتحليلعند: ابنهندو،والمبشربنفاتك .10.
في الدردشة القادمة –بإذن الله– نواصل رحلتنا التأويلية مع أبي سليمان السجستاني وكتابه: “صوان الحكمة” [8] السجستاني مؤرخ الفلسفة: تأريخ عالمي للفلسفة: اليونانية والإسكندرية والصابئية والمسيحية والإسلامية: تأريخ الفلاسفة اليونان.
مقالات ذات صلة:
الجزء الواحد والسبعون من المقال
الجزء الثامن والستون من المقال
الجزء التاسع والستون من المقال
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا