مقالات

أصبحت إسرائيل تبحث عن ديكور

أحيانًا أقابل من يدافع عن الكيان الصهيوني، ويستعمل الحجج وتزوير التاريخ والتفاصيل الكاذبة التي يعيش هذا الكيان عليها!

منذ قيام دولة إسرائيل في 1948 وهي تسوق لنفسها في العالم على أنها مجموعة من الأوروبيين المتحضرين الذين تعرضوا للظلم والاضطهاد في أوروبا، فبحثوا عن أرض جديدة لهم لبناء كيان متحضر، وسط بحر من العرب الهمج المجانين الذين يحبون القتل والصراع ولا يتقبلون هؤلاء المهاجرين الطيبين المتحضرين المساكين!

هذه الصورة طبعًا لاقت رواجًا كبيرًا في العالم والدعاية الغربية، لأنها تشبه إلى حد كبير صورة وهمية رسمها الغرب عن المهاجرين الأمريكيين الأوائل، الذين يهربون من صراعات أوروبا واضطهادها لتأسيس بلد في أرض بكر جديدة خالية (طبعًا يتناسون السكان الأصليين لأمريكا، تمامًا مثل تناسي الفلسطينيين في قصة إسرائيل الخرافية الرومانسية).

كما أن هذه الرواية كانت في منتصف القرن العشرين (وقت قيام إسرائيل) متناسبة جدًا مع عنصرية الغرب الاستعماري ضد العرب، وحب الغرب تشويه صورة العرب والمسلمين بسبب عقد نفسية عميقة وصراع طويل.

بل حتى العرب أنفسهم صدقوا هذه الصورة العنصرية عن أنفسهم! رغم أنها غير منطقية ولا علمية، كأن من يصدقها يؤمن أن حضارات الشرق الأوسط والإسلام كلها لم تكن موجودة، أو أن العرب كائنات فضائية وليسوا بشرًا مثل البشر كلهم، أو كائنات تشبه البشر تعرضت للإشعاع، وتختلف عن بقية شعوب العالم وحضاراته، من قصص صعود وهبوط وانتصارات وهزائم وإنجازات ونكسات.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

عنصرية إسرائيل ضد الفلسطينيين

لكن مع تطور العالم، وانكشاف خرافات العنصرية الأوروبية، وتزايد معرفة البشر حول العالم بجرائم إسرائيل العنصرية ضد العرب والفلسطينيين، أصبحت إسرائيل تبحث عن ديكور وبروباجندا للحفاظ على تعاطف العالم ومساعدته، التي لا تستطيع العيش دونها!

من ثم تجد من يقول لنا أن إسرائيل ليست بلدًا عنصريًا، بدليل أن 20% ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية عرب من السكان الأصليين، أو ما نسميهم عرب 1948.

لكن لا يقولون لنا حقيقة أن هؤلاء العرب الفلسطينيين يعانون الاضطهاد والتفرقة العنصرية، ويعاملونهم في إسرائيل أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، أو العاشرة، وعند أي مشكلة أو اشتباه يُقبض عليهم ويُنكل بهم، فضلًا عن المراقبة والتجسس عليهم 24 ساعة طوال الحياة تحت حجة مكافحة الإرهاب والتطرف! إلى آخره من الخرافات التي يستعملها أي نظام مستبد أو مستعمر لتخويف كل من يبحث عن الحرية والعدل واضطهاده، يعيش الفلسطيني في إسرائيل دائمًا في خوف مستمر، على الحافة، متهم إلى أن يثبت العكس.

تمامًا مثل معاملة الأمريكيين البيض للسود في الأربعينيات من القرن العشرين، أو نظام جنوب إفريقيا حين كانت العنصرية تسيطر عليها قبل التحرر.

نظام الفصل العنصري الإسرائيلي

عنصرية إسرائيل

لا يقولون لنا أن نظام إسرائيل العنصري يضع اليهود القادمين من أوروبا في أعلى درجة، لديهم حقوق كاملة، بما فيها حقوق امتلاك الأرض والهجرة إلى إسرائيل، والسفر والعمل وكل شيء يكون مميزًا فيه، ثم تحتهم يأتي اليهود القادمون من دول الشرق الأوسط والعرب من ذوي البشرة غير البيضاء، ثم تحتهم يأتي اليهود القادمون من إفريقيا.

ثم يأتي في القاع الفلسطينيون، الذين ليس لهم حتى حق امتلاك قطعة أرض أو شرائها، أو فلسطينيون في المنفى والشتات ليس من حقهم العودة إلى أرضهم الأصلية وبيوتهم وبيوت أهلهم وأسرهم، يظلون محرومين من أبسط الحقوق ويعيشون في خوف مستمر.

لذلك حين يجادلني أحدهم أن إسرائيل فيها عرب وأنها بلد لطيف لكن مظلوم لأنه محاط ببحر من العرب القساة الخطرين! أقول له: “اعطوا حقوقًا متساوية للفلسطينيين واليهود في إسرائيل!

لا تعامل غير اليهودي على أنه أقل، واسمحوا للفلسطينيين بالعودة إلى وطنهم الأم، ليعيشوا في مساواة مع اليهود، وقتها سيعيش الجميع في سلام”.

لكن طبعًا حين أقول هذا، يسكت الطرف الآخر ويهز رأسه، لأنه لا يجد إجابة يدافع بها عن إسرائيل العنصرية!

مقالات ذات صلة:

الغرب البدائي وتقديس إسرائيل

مذابح اليهود في فلسطين

ثقافة لوم الضحية

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس