الركود أو الذبول .. الجزء الثاني

ويعرف مصطلح الذبول والركود (languishing) في قاموس علم النفس الصادر عن الجمعية الأمريكية لعلم النفس (2018) بأنه “حالة غياب ملامح الصحة النفسية أو مؤشراتها، قوامها: الفتور والملل واللا مبالاة والخمول وفقدان الاهتمام بالحياة” (APA Dictionary of Psychology, 2018).
وعليه كيف أعرف أني أعاني حالة الركود والذبول في الحياة؟ (So how do I know if I am languishing؟)
• الأفكار المتعلقة بحالة الذبول أو الركود أو وضعيته في الحياة:
عامة يمكن أن تتبدى الأفكار المتعلقة بوضعية الذبول والركود في الحياة والمقترنة بها فيما يلي:
- لا يوجد أي شيء في الحياة يستحق الاهتمام.
- على رسلك ربما غدًا أو بعد غدٍ أفعل.
- لم تكن أحداث الحياة بكل ما فيها جيدًا على النحو الذي أتوقعه.
• الانفعالات المتعلقة بحالة الذبول والركود في الحياة:
- البلادة الانفعالية.
- الفتور واللا مبالاة.
- افتقاد الدافعية.
- التسطح الانفعالي واللون الانفعالي السائل وغير المحدد.
• السلوكيات المتعلقة بحالة الركود والذبول في الحياة:
- تجنب العمل الذي يتعين عليك القيام به وإلهاء الذات وتشتيتها بأفعال لا قيمة لها ولا فائدة منها.
- نقص جوهري واضح في روتين الحياة أو العادات الحياتية الإيجابية.
- صعوبة التركيز وعدم الانشغال بسلوكيات تطوير الذات والارتقاء بها.
اتساقًا مع التناول النظري السابق قد يكون من المفيد الاجتهاد في الإجابة عن السؤال التالي: هل حالة الذبول والركود في الحياة مرضًا نفسيًا؟ (Is languishing a mental illness?) الإجابة باختصار شديد ومباشر “لا”، الذبول والركود في الحياة وفقًا لتصورات كوري كيس ليس مرضًا نفسيًا ولا تصنف تحت أي فئة إكلينيكية مرضية. وربما يكون هذا هو السبب في ندرة مناقشة هذه الحالة حتى وقت قريب في ميدان الصحة النفسية. إذ إن مقاربة قضايا الصحة النفسية غالبًا ما تختزل في ثنائية “مرض نفسي” في مقابل “عدم وجود مرض نفسي”. ورغم ذلك فإن الصحة النفسية الإيجابية أو الحقيقية إن جاز التعبير تتطلب غياب مؤشرات المرض النفسي + حضور مؤشرات طيب الحياة أو الهناء في الحياة أو العافية النفسية. ومن ثم يمكن صياغة معادلة الصحة النفسية على النحو التالي:
- الصحة النفسية = غياب ملامح ومؤشرات المرض النفسي + وجود ملامح ومؤشرات العافية وطيب الحياة والهناء فيها (Positive Mental Health = absence of mental illness Features + presence of mental wellbeing).
وبناء على ذلك يمكن القول عمومًا أن “حالة الذبول والركود في الحياة” ترتبط بحالة المرض النفسي على مقياس مختلف. فمعاناة الشخص حالة الذبول والركود أو السكونية في الحياة ربما تكون ممهدًا أوليًا أو في واقع الأمر ظرفًا شارطًا لازمًا لتكوين ملامح الاعتلالات والمرض النفسي، لكنه ليس شرطًا كافيًا بذاته خصوصًا إذا تعرض الشخص لأحداث حياتية ضاغطة وظروف حياتية صعبة على نحو مستمر أو متكرر مع وجود حالة الركود والذبول.
بما يعني إمكانية صياغة معادلة المرض النفسي على النحو التالي:
المرض النفسي دالة للتفاعل بين = التعرض المتكرر والمستمر لضواغط الحياة وشدائدها × الظروف الحياتية الصعبة والسلبية × هشاشة التكوين النفسي للشخص × حالة الذبول والركود أو السكونية (Mental Illness Is a function of = Repeated and continuous exposure to life’s stresses and hardships × Difficult and negative life circumstances × fragility of the psychological makeup of the person × Psychological languishing).
ووفقًا لهذه الثنائية بين “المرض النفسي” و”طيب الحياة والهناء فيها” (Mental wellbeing) يعامل المرض النفسي وفقًا للمنظور أو النموذج المرضي الذي يتبناه اختصاصيو علم النفس الإكلينيكي التقليدي (Traditional Clinical Psychology). في حين تقارب قضايا “طيب الحياة والهناء النفسي فيها” من منظور أنصار علم النفس الإيجابي (Positive Psychology) على أنها انتقال بالشخص من حالة الركود والذبول والتلاشي إلى حالة الازدهار والارتقاء النفسي في الحياة.
مقالات ذات صلة: