قضايا شبابية - مقالاتمقالات

العلاقة بين الرجل والمرأة

في الإعلام اليوم والحضارة الغربية يقدمون العلاقات بين الرجل والمرأة على أن كل طرف لديه نقطة قوة يجب أن يستعملها للحصول على أفضل أنواع العلاقات مع الجنس الآخر: المرأة تستعمل جمالها وجسدها، والرجل يستعمل المال والمنصب.

تقول لك وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي كلها: “لو رجل عليك أن تكون غنيًا وقويًا، وقتها سوف تجري النساء وراءك، ولو امرأة استعملي جسدك وجمالك بأقصى قدر ممكن، سوف يجري الرجال وراءك. طبعًا تقضي عمرها في معركة خاسرة ضد تغيرات العمر وترهلات الزمن وتراجع الهرمونات والنضارة والخصوبة!

هذا محور العلاقة وفق النظرة الغربية التي يسوّق لها الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

لذلك نجد مثلًا المتحدثة باسم البيت الأبيض في فريق ترامب، فتاة جميلة عمرها 27 سنة، يسمونها عروسة البيت الأبيض، لأنها من أجمل المتحدثات وأصغرهن سنًا في تاريخ البيت الأبيض: كارولين ليفيت.

عشيقها، الذي ظلت معه لسنوات رجل أعمال، مقاول عمره 60 سنة، يعني أكبر منها بـ33 سنة، وتزوجها منذ سنة بعد أن أصبحت حاملًا منه، وأنجبت الطفل مؤخرًا، مبروك للعروسين!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

هذا هو المثال الكلاسيكي؛ هو يقدم المال وهي تقدم الجمال، صفقة واضحة!

لكن في الحقيقة هذه الصفقة دائمًا خاسرة، دائمًا! لماذا؟ ما دام الطرفان راضيين؟ لماذا؟

لأن المرأة في العشرينيات دخلت برأس مال جمال جسدها، هذا الرأس مال يتناقص مع الوقت، لأن الرجل على العكس، يبدأ حياته شابًا، لكن فقير قليل المال، لكن يتزايد في المال والمنصب مع مرور الوقت.

يعني الشباب، شاب فقير لا ترضى به الشابة الجميلة، عجوز غني يأخذها! ثم يتركها الرجال حين تفقد جمالها، للبحث عن فتيات أصغر سنًا ولديهن الجمال والنضارة، يعني منحنى النساء عكس منحنى الرجال في هذه العلاقة المادية التبادلية.

فلا يجد الشاب الفقير في بداية العمر الذي يبحث عن علاقة طويلة فتاة جميلة تقبل به، ولا تجد الفتاة التي تبحث عن علاقة طويلة الرجل المناسب لها في العمر وفي الوقت نفسه غني وصاحب منصب.

لكن في الإسلام العلاقة بين الرجل والمرأة مختلفة؛ سكن، مودة، رحمة، مشروع مشترك للبناء طويل الأمد، نجد الإسلام يأمرنا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحث عن زوج: “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”، وفي البحث عن زوجة: “فاظفر بذات الدين تربت يداك”.

كلام واضح، المعيار ليس المال ولا المنصب ولا الجمال، المعيار الدين والأخلاق، لبناء علاقة قوية لا تعتمد على الجمال الذي يزول ولا المال المتقلب ولا المنصب غير المضمون، لكن يعتمد على علاقة طويلة بين رجل وامرأة.

سكن؛ سكون في حضن بعض، وسط ضوضاء العالم في الخارج. مودة؛ الود المبادرة بالحب والعطف دون انتظار للمقابل والثمن، من الذي يملك نحو الذي يحتاج أو لا يملك. رحمة؛ التغاضي عن نقاط الضعف والتسامح في الأخطاء البسيطة، الرحمة تكون من القادر نحو غير القادر، من القوي نحو الضعيف، من الهادئ نحو القلق، من الساكن نحو المضطرب.

في الإسلام العلاقة بين الرجل والمرأة مبادرة بالعطاء دون انتظار للمقابل، وهذا هو الحب الحقيقي بين زوجين.

الحب في الإسلام ليس تجارة، الحب في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت والحضارة الغربية تجارة، تعطيك جسدها وجمالها مقابل المال والمنصب، تمامًا مثل علاقة العاهرات التي تبيع جسدها مقابل المال، مع فارق بسيط هو العقد والإشهار!

لذلك ترتفع نسبة الطلاق، لأنها تفقد جمالها، ولأنه يزهد فيها بعد أن يكبر ويكسب المال، فيبحث عمن هي أصغر سنًا وأكثر شبابًا، ويجد كثيرات مستعدات لتقديم أجسادهن مقابل المال والمنصب!

في الإسلام العلاقة بين الرجل والمرأة هي الحب الحقيقي طويل الأمد، سكن مودة رحمة، شيء يستمر لعشرات السنين، يستمر بعد الشيخوخة، لأنه علاقة عميقة تتضمن الجسد والروح والعقل والعواطف والدين، بناء أسرة مسلمة، هدف مشترك وحلم مشترك، نية لوجه الله، تستمر من لحظة التعارف إلى أن يلقى كلاهما ربه.

مقالات ذات صلة:

الزواج هكذا يجب أن يكون

الفارق بين الرجل الشرقي والغربي

هل الزواج غاية أم وسيلة؟

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس