الزواج لا يلبي احتياجاتي

قال لي الشاب: الزواج لا يلبي احتياجاتي، لذلك قررت الانفصال.
قالت لي الشابة: الزواج لا يلبي احتياجاتي، لذلك قررت عدم الزواج!
قالت لي السيدة الشمطاء: لو الزواج لا يلبي احتياجاتي، يبقى ما لوش لزوم!
السؤال هنا: ما احتياجاتك التي تتوقع أن يلبيها الزواج ولم تحدث، فقررت عدم الزواج أو الانفصال؟
هنا سمعت الإجابات، كلام سطحي مضحك، كلام الأفلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
احتياجاتي هي السعادة والأمان، احتياجاتي هي القلب الحنون، احتياجاتي هي متعة ممارسة الجنس والطعام اللذيذ والبيت النظيف، احتياجاتي هي الأوقات الجميلة الممتعة!
أصلك ما تعرفش هو عمل إيه، أصله عمل كارثة، أصلها عملت مصيبة، لأنني لا أقبل كذا، كرامتي لا تسمح لي بتقبل هذا الموقف أو تلك التصرفات!
كلها تتحدث عن احتياجات متقلبة متغيرة، تتغير من يوم لآخر!
يعني حضرتك اليوم استمتعت بالجنس أو شريك حياتك قدم لك شوية عواطف وفلوس وهدايا، يكون الزواج يلبي احتياجاتك، تكمل، وغدًا لم تستمتع بالجنس وطعم الأكل وحش، وشريك حياتك لم يوفر لك ما يكفي من الفلوس والعواطف والهدايا، يبقى نلغي الزواج ونعمل طلاق؟
يعني الموقف الذي تعده غير مقبول وكرامتك بتنقح عليك، والغضب العارم، هل هذا نهاية العالم؟ هل فعلًا الحياة والأيام لن تمر وتنساه وتأتي بعده أيام أخرى بحلوها ومرها؟
هل الناس كلهم اللي مروا بهذا الموقف قبلك، كلهم كلهم دمروا مشروع حياتهم علشانه؟ ولا هناك من نجح في تخطي هذه الأزمة وما هو أشد منها وأكمل استثمار حياته؟
الزواج ليس مطعمًا تدخله، لو لم يعجبك تتركه، الزواج ليس سوبر ماركت، لو لم تجد السلعة التي تبحث عنها تترك المحل وتبحث عن محل آخر!
الزواج ليس مشهدًا في فيلم، ولا قصة كتبها شخص مجهول ومريب لا تعرفه على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا حدوته يحكيها إنفلونسر!
الزواج مشروع استثمار طويل الأجل، استثمار للعمر، تفاصيل كثيرة متجددة ومتغيرة، زمن طويل، سنين.
ومثل أي مشروع طويل الأجل، أيام مكسب وأيام خسارة، واستكشاف للاحتياجات وطرق النجاح، وتجارب يمر بها الطرفين، إلى أن ينجح المشروع بالصبر والاستمرار والإصرار.
المشروع طويل الأجل لا ينجح بأشخاص متقلبين، اليوم غير سعيد، يلغي المشروع، واليوم سعيد، يعمل في المشروع!
المشكلة أن الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وبتوع النصائح الأسرية يستعملون قواعد العلاقات قصيرة الأجل، لتُطبق على الزواج، علاقة طويلة الأجل!
تطبيق قواعد الاستعجال على استثمار طويل!
يعني في الغرب حيث الدعارة والانحلال الجنسي، تصاحب واحد أو واحدة، ما تستريحش معاها، تسيبها وتبحث عن واحدة تانية.
في حين العلاقة الطبيعية بين الرجل والمرأة، هي رحلة استكشاف مستمرة، وبالتدريح عبر السنين يتعلم كل طرف ويفهم الطرف الآخر بعمق، يتعلم ما يسعد شريك حياته وما يغضبه، ما يتقبله وما لا يتقبله، ما يمكن أن يتغافل عنه وما لا يمكن أن يتغافل عنه.
رحلة الزواج رحلة طويلة من التطور المستمر والاستكشاف، تستغرق عشرين سنة، ثلاثين سنة، خمسين سنة، وليست رحلة شهر أو خمس سنوات وعشر سنوات!
الزوج والزوجة يتعلمان بالتدريج، ما يسعد شريك حياته وما لا يسعده، في المعاملات، في التصرفات، وفي الجنس.
رحلة استكشاف تستغرق وقتًا، وليست كما يقدمها السطحيون، أن الرجال كلهم يعجبهم كذا، والنساء كلهن يحببن كذا، الرجالة كلهم كذا، والستات كلها كذا!
التعميم المخل السطحي الخطأ، تعميم ليس له أي علاقة بالواقع وحقيقة الحياة المتداخلة! من يثابر في هذه الرحلة، يصل إلى بر الأمان ونجاح المشروع ونجاح الاستثمار.
في حين من يمشي وراء نصائح العلاقات المتقلبة السطحية، وأفكار الغرب عن العلاقات قصيرة الأجل وسهولة الانفصال، يخسر ويفشل.
هذا للأسف جزء من التفكير الغربي الذي يشرحه كتاب الحياة المكثفة، أن الناس تحاول أن تستمتع بكل شيء بسرعة واستعجال، فلا تحقق أي متعة ولا سعادة ولا طمأنينة.
يريدون أن تستمتع بالجنس بسرعة وتستمتع بالعواطف بسرعة وتستمتع بالرخاء بسرعة، وحين يتأخر الموضوع أو يأخذ وقته الطبيعي في التطور، تعد هذا فشلًا، وتهرب لتبحث عن هذه السعادة في مكان آخر، وبالطبع لا تجدها، فتهرب مرة أخرى، وتتحول الحياة إلى مطاردة الوهم وسراب السعادة، وحياة متقلبة تعيسة.
الزواج استثمار طويل الأجل، يحتاج صبر ومثابرة واستمرار لعشرات السنين، تمامًا مثل زراعة شجرة وسقايتها كل يوم إلى أن تكبر، حرمان الشجرة من الماء لن يساعدها، وأيضًا الاستعجال وإغراق الشجرة بالماء الكثير لن يجعلها تكبر بسرعة.
رحلة تدريجية يمشي فيها شريكين في الحياة، رجل وامرأة، بأيام حلوة وأيام صعبة، وأيام سعيدة وأخرى حزينة، وتحديات، وانتصارات وهزائم، وفرح وألم، ونجاح وفشل
لكن الاستمرار فيها هو ما يجعلها تنجح ويجعل الاستثمار يؤتي ثماره.
مقالات ذات صلة:
العلاقة بين الأزواج تنافسية أم تكاملية؟
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا