التعليم الإلكتروني وفوائده في العملية التدريسية
في ظل التطورات التي يشهدها العالم اليوم لا بد للطالب العربي أن يسأل نفسه أين موقعه في خضم هذه الثورات العلمية والصناعية، فما زال العالم العربي يعتمد أساليب التدريس التقليدية التي لا تتوافق مع الحياة العصرية وتفكير الطالب والمعلم في عصر التكنولوجيا والتطور.
كما أن التعليم التقليدي في الوقت الراهن لم يضفِ الجديد على المحتوى التعليمي للأجيال لأنه وحده لا يستطيع مواكبة الفكر العصري، كما أن العالم العربي يحتاج لنقلة بالكم والنوع لطلاب القرن الحادي والعشرين،
حيث أن مستوى التعليم متواضع مقارنة بالدول العالمية، وهذا لا يقتصر على مصر خاصة بل هو يشمل جميع دول المنطقة، لذا وجدت أن التوجه إلى تطبيق آليات تعليمية مساندة للتعليم التقليدي كالتعليم الإلكتروني لها القدرة على تحسين ودعم وبناء جيل متميز هو من أهم التحديات التي يجب علينا العمل عليها.
مفهوم التعليم الإلكتروني
التعليم الإلكتروني (بالإنجليزية E-Learning) هو التعليم المقدم على شبكة الإنترنت باستخدام التقنيات الإلكترونية الحديثة للوصول إلى كل ما يتعلق بالمواد التعليمية خارج حدود الصف التعليمي،
ومن أهم المصطلحات المستخدمة للتعبير عنه ووصفه هي التعليم عن بعد، والتعليم الإلكتروني المحوسب، حيث يكون كدورة تفاعلية عبر شبكة الإنترنت، يستطيع الطلاب فيها التفاعل مع المعلمين وتلقي مهامهم في ذات الوقت.
كما يعرف بأنه هو استعمال التقنية والوسائل التكنولوجية في التعليم وتسخيرها لتعلم الطالب ذاتيا وجماعيا وجعله محور المحاضرة، بدءا من التقنيات المستخدمة للعرض داخل الصف الدراسي من وسائط متعددة وأجهزة إلكترونية،
وانتهاء بالخروج عن المكونات المادية للتعليم: كالمدرسة الذكية والصفوف الافتراضية التي من خلالها يتم التفاعل بين أفراد العملية التعليمية عبر شبكة الإنترنت وتقنيات الفيديو التفاعلي.
بيئات التعلم الإلكتروني
وبناء على هذا التعريف فإن التعلم الإلكتروني يتم في ثلاث بيئات مختلفة وهي التعلم الشبكي المباشر، التعلم الشبكي المتمازج والتعلم الشبكي المساند،
ونقل عملية التعليم من مجرد التلقين من قبل المعلم وعملية التخزين من قبل الطالب إلى العملية الحوارية التفاعلية بين الطرفين هي الهدف الذي نطمح الوصول إليه لتحسين مستوى التعليم،
فالتعلم الإلكتروني يمكّن الطالب من تحمل مسؤولية أكبر في العملية التعليمية عن طريق الاستكشاف والتعبير والتجربة، فتتغير الأدوار حيث يصبح الطالب متعلما بدلا من متلق والمعلم موجها بدلا من خبير.
التعلم الشبكي المباشر
تلغي هذه البيئة مفهوم المدرسة كاملا وتقدم المادة التعليمية بشكل مباشر بواسطة الشبكة، بحيث أن الطالب يعتمد بشكل كلي على الإنترنت والوسائل التكنولوجية للوصول للمعلومة وتلغي العلاقة المباشرة بين الأستاذ والطالب.
لكن هذه البيئة يمكن أن تؤثر سلبا على التعلم، وذلك لأهمية المعلم والتفاعل المباشر بينه وبين الطالب.
التعلم الشبكي المتمازج
والذي يعتبر أكثر البيئات التعليمية الإلكترونية كفاءة، إذ يمتزج فيه التعليم الإلكتروني مع التعليم التقليدي بشكل متكامل ويطوره، بحيث يتفاعل فيه المعلم والطالب بطريقة ممتعة لكون الطالب ليس مستمعا فحسب بل هو جزء رئيسي في المحاضرة،
وتطبيقا على ذلك لنأخذ مثلا قراءة الطالب للدرس قبل الحضور إلى المحاضرة على أقراص قام المعلم بتحضيرها تحتوي على المادة بأشكال متنوعة كاستخدام الصوت لبعض منها والصور لبعضها الآخر، وبهذا يكون الطالب قد أخذ تصورا عن الدرس،
وعند قيام المعلم بالشرح يناقش الطالب بما لديه من أفكار كون المادة لا تطرح للمرة الأولى على ذهن الطالب، فقد أخذ مرحلة أولية في التصور والتفكير وأصبح قادرا على تطوير تفكيره والتعمق أكثر بالدرس.
وتعمل هذه البيئة على خلق روح الإبداع وتحفز على التفكير وتحمل المسؤولية للمتعلمين،كما أن تنوع الوسائل التكنولوجية وكيفية استخدامها والاستفادة منها وكيفية طرحها من قبل المعلم تتيح للطالب حرية اختيار الطريقة التعليمية؛
إذ أن تلقي المعلومة لدى البعض عن طريق مشاهدة الصور ومشاهد الفيديو تساعد على الفهم بصورة أسرع مقارنة بالاستماع والقراءة.
اقرأ أيضاً:
سلسلة المهارات الحياتية الواجب تعليمها للطلاب
جائحة كورونا التحدي.. والاستجابة
خصائص التعلم الإلكتروني
التكامل
درس التعلم الإلكتروني ليس مجرد مجموعة من المواد والوسائل التعليمية، وإنما هو وحدة تعليمية قائمة بذاتها تحتوي على المكونات الأساسية التي تجعل منها برنامجا متكاملا،
إنه منظومة تتكون من مجموعة من العناصر التي تتكامل مع بعضها، وتتفاعل تفاعلا وظيفيا لتحقيق أهداف محددة حيث أن التنظيم الجيد يجعل نشاط المتعلم هادفا ومركزا بصفة دائمة على تحقيق الأهداف المنشودة،
وأن الترابط بين عناصر درس التعلم الإلكتروني القائم على الحاسوب يحقق المنحى النظامي التكاملي للتعلم، ويجعل من درس التعلم الإلكتروني القائم على الحاسوب نظاما متماسكا، وفي كل خطوة من التصميم يتخذ العديد من القرارات، وتشكل مخرجات كل خطوة أساسا منطقيا لمدخلات الخطوة التي تليها حتى يكتمل البرنامج.
التركيز على موضوع محدد
يمكن أن يكون الموضوع المحدد علميا أو أدبيا أو اجتماعيا أو سياسيا.
يبنى البرنامج وفق استراتيجية التعلم المتقن: الإتقان أو التعلم الإتقاني وهي خاصية أساسية من خصائص درس التعلم الإلكتروني القائم على الحاسوب، حيث يتمكن كل متعلم من الوصول إلى درجة عالية من الإجادة في تحقيق الأهداف التعليمية.
مراحل التعلم الإتقاني
ويحتاج الإتقان إلى القيام بالمراحل الآتية:
- صوغ الأغراض السلوكية المتوقعة.
- تحسين شروط البيئة التعليمية التعلمية.
- إسهام المتعلم بنشاطه الذاتي في التعلم.
- تعزيز وتقوية التعلم بالتغذية الراجعة التقويمية.
- تقويم التعلم النهائي وفق الأهداف المرسومة.
مراعاة الفروق الفردية
أفضل أنواع التعلم ما انطلق من حاجة المتعلم ووفر الفرصة لتلبية تلك الحاجات في ضوء استعداده وإمكاناته، وهذا يتطلب تأمين خيارات للمتعلم يختار منها ما يناسب ميوله وحاجاته،
لهذا تتعدد نقاط البدء في درس التعلم الإلكتروني القائم على الحاسوب وتتفرع المسارات التي تناسب كل متعلم لتحقيق الأهداف الموضوعة وفق سعته الذاتية.
المشاركة الفعالة للمتعلم (التفاعل مع البرنامج)
التفاعلية هي الأسلوب الأكثر فاعلية للتعلم الذاتي أو الحصول على المعلومات، وهي العنصر الأساس في تحديد البرنامج وتميزه عن غيره من وسائل عرض المعلومات كالتلفزيون والفيديو والكتاب، فالمتعلم ينبغي أن يكون مشاركا نشطا متفاعلا في عملية التعليم والتعلم.
وهذا ما يمكن أن يسعى إلى تحقيقه درس التعلم الإلكتروني القائم على الحاسوب من تأمين تفاعل المتعلم مع محتويات درس التعلم الإلكتروني القائم على الحاسوب، لأنه كلما تعددت الحواس المستخدمة في التعليم والتعلم كان ذلك مفيدا للعملية التعليمية التعلمية.
التغذية الراجعة المستمرة
وتعني عودة جزء من مخرجات النظام إلى مدخلاته، وعندما يكون الناتج (المخرجات) صحيحا فإنه يعزز الإجراء أو السلوك، ويعيد النظام إلى توازنه الصحيح عندما تكون الإجابة مغلوطة.
أي أن التغذية الراجعة تقوّم العمل وتعززه وتصححه عندما يوجد خطأ، ولذلك فإن آلية التغذية الراجعة التقويمية تتضمن تحسين العمل والتقدم التدريجي نحو الإتقان وزيادة توازن نظام التعلم والتحكم بسلوك المتعلم للوصول إلى الإتقان،
ومن خلال التغذية الراجعة يستطيع المتعلم أن يوجه نفسه ويتعرف إن حادت استجابته عن الاستجابة الصحيحة المراد تحقيقها فيعيد توجيهها، ويؤكدها إن كانت تسير في الطريق الصحيح الموصل إلى الهدف. وتبين للمصمم فاعلية درس التعلم الإلكتروني القائم على الحاسوب الذي يبنيه من أجل إجراء التعديل والتحسين.
تغير دور المعلم
يصبح دور المعلم في درس التعلم الإلكتروني القائم على الحاسوب مؤلفا واستشاريا للمعلومات وعضوا في فريق تعاوني ومطورا للمنهاج ومرشدا أكاديميا ومصمما ومخططا للأهداف ومنظما ومرتبا ومديرا لمصادر التعلم والقيادة والتوجيه.
مرونة التداول
أي يمكن تداول درس التعلم الإلكتروني القائم على الحاسوب بسهولة ويسر دون مشقة، إذ يمكن الاستفادة من الدليل أو المرشد الذي يبين طريقة التعامل مع البرنامج.
أهمية التعليم الإلكتروني
يوجد الكثير من الفوائد التي يقدمها التعليم الإلكتروني والتي ستجعله يحل محل طرق التعليم التقليدية وذلك من خلال ما يلي:
- يعمل على تقليل التكاليف، حيث إنه لا حاجة لوجود منشأة خاصة أو بناء صفوف جديدة للقيام بعمل دورات وحلقات دراسية، بالإضافة إلى أنه لا حاجة للذهاب لمنشأة تعليمية وهذا من شأنه تقليل تكاليف التنقل.
- يتوفر لجميع الأفراد والفئات العمرية المختلفة، حيث يستطيع الأشخاص من جميع الأعمار الاستفادة من الدورات المطروحة على شبكة الإنترنت وكسب مهارات مفيدة لهم دون قيود المدارس التقليدية.
- يتسم بالمرونة، خصوصا أنه لا يوجد ارتباطات بموضوع الوقت، فيستطيع الأشخاص التعلم في أي وقت شاؤوا حسب الوقت الملائم لهم.
- زيادة التعلم وتقليل ضياع الوقت، حيث تُلغى فكرة التفاعلات بين الطلاب وضياع الوقت خلال الدردشة والأسئلة فتزداد كمية ما يتعلمه الفرد دون أية تعطيلات.
- يوفّر تعليما محايدا ومنظما، حيث يكون لدى الطلاب المحتوى التعليمي ذاته، بالإضافة لتقييم الاختبارات بشكل محايد، والدقة في تتبع إنجازات كل طالب وسجل نشاطاته الموجود على الشبكة.
- يعد صديقا للبيئة، نظرا لأنه لا حاجة لاستخدام الأوراق والأقلام وغيرها من المواد التي قد تضر بالبيئة عند التخلص منها.
ما تحتاجه بيئة التعلم الإلكتروني
- توفر الوسائل التكنولوجية وسهولة وصول المعلمين والطلاب إليها.
- تكافل المؤسسات والجامعات مع المدارس وبناء قيادة شابة ودعم إداري لإعداد المعلمين.
- مساعدة الطلاب والمعلمين من قبل مختصين لاستعمال التكنولوجيا بمهارة والاستفادة منها بأكبر قدر ممكن.
- التقييم المستمر لفاعلية التكنولوجيا المستخدمة والمنهاج المطروح ومواكبته للتطور المستمر.
- تجهيز الفصول المدرسية والمنشآت بمتطلبات دمج التقنية، من حيث الشبكة الداخلية وشبكة الإنترنت ومختبرات حاسب عديدة.
- أن تقوم الحكومة ببناء شبكة اتصالات ذات كفاءة عالية وتغطية لجميع مناطق الدولة.
راجع كلا من:
- الهادي محمد، التعليم الإلكتروني عبر شبكة الأنترنت، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 2005.
- غسان قطيط، الحاسوب وطرق التدريس والتقويم، دار الثقافة، عمان، 2009.
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا