مقالات

يستخدم القوة لمواجهة الضحك

نابليون ده كان واحد من أكبر عيوبه “الغرور”، شايف نفسه كدة وطموح زيادة عن اللزوم وبيحب يبقى شكله حلو ومنتصر قدام نفسه وقدام اللي يعرفوه، عارفهم إنت الناس دي اللي لو لابس كوتشي أبيض ودوست عليه بالغلط يفضل ينظف فيه ويتعصب ويسمعك الكلام أسبوعين قدام؟

أهو نابليون ده لما سيطر على القاهرة وعمل الدواوين وقضى على التمرد والدنيا هديت، حاول يغزو سوريا وبعد سلسلة من النجاحات، جه عند “عكا” وفشل في إنه يدخلها وجه الطاعون قضى على الباقي من جيشه، فقرر إنه يرجع على مصر.

خلي بالك مصر قبلها بكام شهر بس، كان نابليون ضرب الأزهر بالمدافع ودمره وأعدم رموز ثورة القاهرة الأولى وقتل ييجي ٦٠٠٠ واحد، يعني المصريين في مصيبة حقيقية، معايا؟

طب هيقابل المصريين بأنهي وش؟ دا راجل جيشه نقص ٦٠٠ بسبب الطاعون، و١٢٠٠ في رحلة العودة مشي في الصحرا، وشايل معاه ١٨٠٠ جريح كمان، وجعانين وعطشانين وباين على وشهم، يعمل إيه في الغرور اللي جواه؟

اقرأ أيضاً: في مندرة محمد الجيلاني

اضغط على الاعلان لو أعجبك

كوميديا سوداء

قالك بس، إحنا نخش من باب النصر، والجنود تجمع النخيل وترفع الرايات وتدق الطبول وتعمل ظيطة، كأننا انتصرنا يعني، وأنا هطلع أقول خطبة وأمثل إني انتصرت، وهتعدي على المصريين.. صباح الفل.

وحصل ده فعلًا، أول ما الجيش الفرنسي وصل عند القاهرة دخل من باب النصر، والناس تجمعت تتفرج على عادتها، ونابليون راسم ابتسامة على وشه أكنه فتح عكا حرفيًا، وقام واقف في النص وقايل خطبة كدة بتقول “أنا جيت وزي الفل زي ما إنتم شايفين وانتصرت في يافا ودمرت أسوارها وشكرًا شعب مصر العظيم” وحاجات من دي.

أول ما خلص الخطبة من هنا، لحظة صمت كدة، والمصريين هاتك يا ضحك!

إيه ده؟ بيضحكوا ليه دول؟ بيشاوروا علينا ليه؟ أصل إنتم متعرفوش المصريين، غاويين ضحك، بيهزروا في المصايب طول عمرهم كدة، وهو مكنش يعرف حاجة زي كدة، ووسط الضحك والتريقة والوشوشة على مناظر الفرنسيين وهما مهزومين وعاملين منتصرين وجايين يشتغلونا، نابليون أخد جنوده وانسحب من المشهد.

شعب “ابن نكتة”

نابليون بونابرت

المشكلة إن الضحك والهزار استمر حتى بعد الخطبة دي، الناس كانت تتجمع على القهاوي يشوفوا واحد فرنسي معدي يضحكوا عليه، يبقوا في الحمامات العامة ويدخل واحد فرنسي يبدأ الضحك والتريقة، جندي بس يغلط ويدخل السوق يشتري كيلو بانيه، يستلموه تريقة.

نابليون من كتر التريقة عليه وعلى جنوده حاول إنه يستخدم القوة لمواجهة الضحك المبالغ فيه ده، وأمر الشرطة إنهم يقتحموا الأسواق والحمامات والقهاوي يمنعوا الناس من الضحك والتريقة عليهم، بمنشور رسمي بيمنع ده، بس الناس كملت عادي ولا أكن حاجة حصلت.

حاول إنه يستخدم الدين، ونزل منشور بيقول فيه “من كان يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر فلينته ويترك الكلام في ذلك، فإن ذلك مما يهيج العداوة”، وبدأ يعممه على الناس، فالناس أخدت المنشور نفسه واتريقوا عليه وعلى نابليون نفسه، لحد ما في الآخر هدد رسميًا إنه هيطلق جواسيس في الشوارع، وإن لو واحد من الجواسيس قفش واحد بيترول عليه أو على جنوده هيتضرب وممكن توصل للقتل.

وبدأ تنفيذ القانون فعلًا، لدرجة إن جماعة من الناس اتقفشوا بيضحكوا على جنود فرنسيين وعاملين عليهم نكت، الجنود هجموا عليهم وضربوهم وأخدوا منهم فلوس غرامة “هزار”، ومع ذلك فضلت التريقة مستمرة من يوم الخطبة لحد شهر أغسطس ١٧٩٩م.

رحيل نابليون بونابرت فجأة من مصر

نابليون بسبب التريقة الكتير عليه، فقد الشغف، وشوكة الغرور اتكسرت، وفقد الأمل في مصر كلها، وبسبب هزيمته في عكا والطاعون وأسباب كتير تانية وطموحه يرجع فرنسا ويترشح للرئاسة، قرر إنه يسيب الدنيا كلها ويهرب، عارف إنت لما تحس إنك فقدت الشغف في الحياة كلها؟ مش عارف تكسب المصريين ونازلين فيك ضحك وتريقة؟ وخلاص مفيش حاجة تانية تتعمل؟ مش لاقي نفسي هناك؟

أهو ده اللي حصل، ويوم ٢٣ أغسطس بالليل، أخد معاه اتنين صحابه، وساب السلطة في إيد كليبر، وساب مصر كلها وركب السفينة ورجع على فرنسا، وفضلت الحملة كام شهر كمان لحد ما انهزمت في النهاية وانسحبت، بس هروب نابليون حقيقي كان غامض، الناس كلها استغربت من هروبه ده وليه في عز نجاحاته كدة يهرب.

مقالات ذات صلة:

الزلنطحي المُعاصر!

من القاتل الحقيقي لكليبر

هيراقليطس الباكي، وديموقريطس الضاحك!

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

محمد أمير

كاتب ومؤرخ وصانع محتوى