أسئلة عامةعلم نفس وأخلاق - مقالاتمقالات

علاج النرجسية .. تعريف الشخصية النرجسية، أعراضها، أسبابها، وخطورتها

انتشر في الفترة الأخيرة مصطلح (علاقة توكسيك) أي (علاقة سامة)، وهي لوصف العلاقات المسيئة والمؤذية لأطرافها أو لأحدهما، وبالنظر إلى تلك العلاقات نجدها تشترك في أن أطرافها -أو أحدهما- يمتلك الكثير من الأنانية أو النرجسية،

وما يستتبعها من سمات الشخصية النرجسية من حب النفس المفرط، وما قد تعانيه تلك العلاقة من آثارها وخاصة مع صعوبة علاج الشخصية النرجسية وما تمثله من خطورة على نفسها وعلى من حولها.

تعريف الشخصية النرجسية

النرجسية هي حب النفس والتعلق بها والأنانية، والشخصية النرجسية هي الشخصية المحبة لنفسها حتى ترى فيها مركز العالم ومحور الكون، فيتملك المريض بتلك الحالة النفسية الشعور المبالغ فيه بأهميته والبحث الحثيث عن اهتمام الآخرين حوله.

سبب تسمية النرجسية بهذا الإسم

علاج النرجسية

(نارسيس) صياد من ثيسبيا، عرف عنه جمال هيئته بصورة خيالية، حتى أحبته طبقًا للأساطير الإغريقية (إيكو)، والتي رفضها وتعالى على حبها، لتعدها (أفروديت) إلهة الجمال بالانتقام من المغرور (نارسيس)، وكان الانتقام بسيطًا للغاية، فكل ما فعلته (أفروديت) أن أرت (نارسيس) انعكاس صورته على سطح مياه النهر!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ونظرًا لإعجاب (نارسيس) الشديد بنفسه حد الغرور، فقد وقع في غرام صورته من النظرة الأولى، ولكنه عانى كثيرًا، لم لا؟

وقد كان سطح مياه النهر يهتز وتتشوه الصورة كلما حاول تقبيلها، حتى ساءت حالته النفسية وضعف جسده بعدما ترك الطعام والنوم حزنًا على عدم قدرته على تقبيل صورته على صفحة مياه النهر،

حتى تُوفي إثر مرضه، لتنمو بدلًا من جسده تلك الزهرة الخلابة (النرجس)، تاركًا خلفه مصطلحًا يصف ذلك الشخص المحب لنفسه بصورة مرضية وهو (النرجسية).

سمات الشخصية النرجسية

١- الاعتقاد الدائم بتميزه

فمع الشعور المبالغ فيه بحب النفس، فهو معتقد تمام الاعتقاد باستحقاقها لهذا الحب نتيجة لتميزها وكونها استثنائية.

٢- صعوبة تكوين علاقات إنسانية

فيصعب على النرجسي قبول أي شخص آخر، ببساطة لأنه يرى كل من دونه أقل منه ولا يستحق الحب أو الإعجاب. كما أنه يتجاهل مشاعر الآخرين، فهي لا تستحق الاهتمام أو العناء.

٣- الرغبة الدائمة في تلقي كلمات المديح

تتغذى الشخصية النرجسية على المديح، الذي ترى أنها تستحقه تمامًا، فيعظم من كل ما يخصه، وتصبح أفعاله مهما كانت بسيطة نجاحات مذهلة.

٤- دائم اللوم والنقد للآخرين

فكما يتغذى على المديح، يتغذى على نقد الآخرين والتقليل منهم ومن أي نجاح لهم.

٥- سهولة الغضب وقلة الصبر والاحتمال

فالنرجسي شخص يسهل استفزازه، حيث يرفض أن يعترض أحد على أرائه، فهي منزهة عن الخطأ لا تستحق إلا الإعجاب والثناء، كما يغضب إذا لم يجد طاعة وانقيادًا ممن حوله، فمن منظوره شخصيته لا تستحق إلا أن تطاع.

٦- الغيرة

فالنرجسية والغيرة لا يفترقان، يظن أن الجميع يغار منه ويغار هو من أي نجاح لشخص آخر، غيرة تتحول بسهولة إلى حسد، فالنرجسي يؤمن بأنه يستحق كل نجاح، وكما يرى أن الآخرين أقل منه فهم كذلك لا يستحقون أي نجاح.

٧- طموح بشكل غير واقعي

فمع الحب الزائد للنفس، يرى النرجسي في نفسه قدرات خيالية، واستحقاق غير عادي، تصعب معهم رؤية أية نواقص أو قصور في نفسه أو صعوبات قد تواجهه، فيضع أهدافًا لا تنتمي للواقع.

٨- لا يرى نفسه مخطئًا

فأخطاؤه مهما عظمت تظل -في نظره- زلات بسيطة غير مؤثرة.

أعراض الشخصية النرجسية

  1. علاج النرجسيةالمبالغة في تقدير أنفسهم: فيرى في نفسه كمالات لا وجود لها، وتصبح أخطاؤه نتاجًا لحكمة غير مرئية.
  2. المبالغة في استعراض نجاحاتهم: أو كما يقول المثل الشعبي الشائع “قطتهم جمل”، أي أن نجاحهم في أي أمر بسيط أو عادي، يتحول إلى نجاح استثنائي ناتج عن قدراتهم الخارقة.
  3. استغلال الآخرين: فمع غياب قدرته على التعاطف مع الآخرين وقبولهم، يسعى النرجسي للتلاعب بهم واستغلالهم لإشباع حاجاته.
  4. التعلق بالممتلكات المادية الفارهة: فيسعى لامتلاك الأفضل الذي يرى أنه لا يستحق غيره.
  5. العزلة: فيجد النرجسي صعوبة في إيجاد شريك حياة أو صديق، حيث أن معاييره في العلاقات الإنسانية خيالية وغير واقعية، تنبع من نظرته الخيالية لنفسه.
  6. الغضب وسهولة الاستفزاز: حدوث أي أمر غير متوقع يغضبه، فالنرجسي يظن استحقاقه لأن يسير العالم وفق هواه ويغضبه ما دون ذلك.

اقرأ أيضاً:

 أعراض الاكتئاب النفسي

إضطراب الشخصية النرجسية

معرفة النفس 

أسباب الشخصية النرجسية

علاج النرجسية

تدور الأسباب بشكل أساسي في تكوين الشخصية النرجسية حول النشأة الأولى للطفل:

  • المديح الزائد للطفل: الإعجاب الزائد من الأهل أو التشجيع الزائد.
  • النقد الزائد للطفل: التدخل من الأهل في كل تفاصيل الطفل، وانتقاده الدائم والانتقاص من كل ما يفعل.
  • الإيذاء النفسي: فبعض الحوادث والصدمات قد ينتج عنها رد فعل نفسي بتكوين الشخصية النرجسية.

خطورة النرجسية

النرجسية مرض نفسي وأخلاقي خطير، فكما اتضح مما سبق النرجسي محمل بأفكار خطيرة، قد ينتج عنها سلوكيات وتوابع أخطر.

عقائديًا وفكريًا

ينسب النرجسي لنفسه الفضل في كل شيء، فلا يستطيع رؤية فضل الله عليه ونعمه، كما أنه يرى الآخرين أقل شأنًا، فيسخط على أي نعم أو نجاح يحصلون عليه. وهنا قد يقع النرجسي في خطأ أكبر وأخطر، حيث يرى أن القسمة الربانية غير عادلة، لأنها أعطت غيره -غير المستحق- نعمًا ونجاحات!

سلوكيًا

يسهل على الشخص النرجسي إيذاء الآخرين واستغلالهم، إما حسدًا أو غضبًا من معارضتهم إياه، وتأتي سهولة إلحاق الأذى بالآخرين من تجاهله وقلة اهتمامه بمشاعر الآخرين.

مراحل العلاقة مع الشخصية النرجسية

والعلاقة مع الشخصية النرجسية كما أسلفنا هي علاقة سامة ومؤذية، ففي حين تدور أية علاقة صحية حول أطرافها، علاقة شخصية أو عائلية أو عاطفية،

فإن الشخصية النرجسية ترى في نفسها محور العالم ومركز الكون، فالعلاقة لديها لا معنى لها، والطرف الآخر دوره فيها محدود بما يقدمه من لذة المديح والشعور بالأهمية.

لذا تجد العلاقة مع النرجسي تبدأ من تعامل مثالي، حيث تصبح الشخصية النرجسية جذابة ومهتمة، بحثًا عن إشباع لذة مديح الطرف الآخر، فإذا ما استطاع جذب اهتمام الطرف الآخر، هنا فقط تظهر مساوئ الشخصية النرجسية،

بداية من قلة الاهتمام والفتور، مرورًا بالأنانية، وانتهاءً بالنقد المستمر، وفي الختام تأتي المرحلة الختامية وهي التجاهل التام والبرود من الشخصية النرجسية.

فالشخصية النرجسية تستمتع بالتلاعب بمشاعر الآخرين والحصول على اهتمامهم وإطرائهم.

الشخصية النرجسية والزواج

لا نستطيع التأكيد بما يكفى على عدم استعداد الشخصية النرجسية للزواج أو لدخول علاقة صحية، فالشخصية النرجسية أنانية لا تستطيع الانصهار في المنظومة الاجتماعية التكاملية (الزواج)،

غير قادرة على استيعاب مشاعر الآخرين أو التعاطف معهم، وغير قادرة على الاهتمام بأي شيء خارج ذواتهم، قادرين على تصدير الشعور بالذنب للطرف الآخر،

والأهم هو عدم وجود حد لقدرتهم على الإيذاء، حيث يرى النرجسي أن ما يصدر عنه هو عين الصواب، وأن كل من دونه مستحق للأذى، ولا يملك أي تعاطف مع الضعيف.

علاج الشخصية النرجسية

علاج النرجسية

لعلاج النرجسية يجب أولًا على النرجسي الاعتراف بخطورة النرجسية على حياته وعلى الآخرين حوله، ومن ثم بدء العلاج:

١- العلاج النفسي

حيث يعمل على علاج ردود أفعاله وعلاقاته بالآخرين وعاطفته تجاههم وتجاه نفسه.

٢- العلاج المعرفي

وهنا يجب على النرجسي العمل على معرفة نفسه بشكل أفضل، معرفة تبدأ بكونه مخلوق ضعيف فقير ومحتاج إلى الله دائمًا وأبدًا، والإيمان بأن كل ما فيه من فضل وخير هو من الخالق جل وعلا.

٣- العلاج السلوكي

يجب على الشخص النرجسي -ولو تكلفًا- وضع نفسه في مواضع تُذكّره بفضل الله عليه، كزيارة المرضى مثلًا أو المحتاجين،

ومحاولة السيطرة على الغضب في مواقف مختلفة، والتغلب على الشعور بالغيرة والحسد على الآخرين من خلال الاعتراف في السر والعلن لاستحقاقهم لتلك النعم والنجاحات.

حيث أن المداومة على تلك السلوكيات ولو تكلفًا قادرة على إحياء القلب مرة أخرى، ومساعدته على الشعور بالتعاطف مع الآخرين.

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

محمد صابر

مهندس حر

باحث في علوم التربية وفلسفة التعليم بمركز “بالعقل نبدأ”

دراسات عليا في كلية التربية جامعة المنصورة

حاصل على دورة إعداد معلم (TOT) من BRITCH FOUNDATION TRAINING LICENSE المعتمد من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة

حاصل على دورة في الفلسفة من جامعة إدنبرة البريطانية