الرقم 13
الرقم ١٣ بيُمَثل في كتير من الثقافات الحظ السيئ والنحس، ولكن ليه؟ مش يمكن إحنا مُوجهين أننا ننبُذ اليوم ده ونلعن الرقم ده لأمر مُعين؟!
التلاعب بالعقول والأفكار هي لعبة عجيبة جدًا، يقدر من خلالها أي مُنتفع إنه يوجهك للإيمان بحاجات خاطئة من شأنها أنها تتلاعب بأفكارك كلها.
تخيل إنك ممكن يكون مغروس جُواك خوف من رقم مُعين، ومزروع جُواك فكرة مُشوّهة وأنتَ لا تدري؟
أنا جاي النهاردة أشرح لك حاجة مهمة، خرافة الرقم ١٣ هي خُرافة مفصلية لازم نتكلم عنها.
الخرافة بتختلف عن الأسطورة في هيكلية الصياغة وطريقة تراكم المعلومات اللي بتكَوّنها.
والأرقام عمومًا هي اللغة العالمية اللي الكل بيتكلمها ومتساوية في كل منطقة من العـالم مفيش عليها اختلاف، بس الأرقام مش لغة، الأرقام هي طريقة تعبيرية نقدر من خلالها نحسب معادلات صعبة ونعبر عن حلول لها.
المهم..
ما خرافة الرقم 13؟
من ضمن الخرافات المُتصلة بالرقم ده، أو البيانات اللي وردت لنا هي خرافة غريبة، الكويكب 99942 أبوفيس اللي بيتكوّن في مُعظمه من الحديد هيقترب من الأرض في أقرب مسار له، والبعض بيتوقع اصطدام عنيف بالأرض.
الغريب إن ميعاد الاصطدام ده اللي ممكن يؤدي إلى كارثة غير معقولة هو يوم الجمعة ١٣ أبريل سنة ٢٠٢٩!
الغريب إن قصة أبوفيس بتقول حاجة شبه دي، وهي إن الأفعى المُظلمة أبوفيس اللي بتحاول طول الوقت إنها تدمر العالم بس الإله “رع” واللي هو الشمس بيمنعها، وفي حرب بينهم والموضوع أنا كتبته قبل كده.
المهم إنهم سمّوا الكويكب ده على اسم الإله أبوفيس.
طيب نرجع لموضوعنا، إيه التوقعات اللي نستناها من اصطدام مُحتمل زي ده؟
العلماء متوقعين مثلًا إن الطاقة الهائلة اللي هتنتُج عن انفجار بالحجم ده هتوازي مثلًا مقدار قنبلة وزنها مليون ونصف طـن من مادة الـT.N.T شديدة الانفجار. وده هيُنتج طاقة تفجيرية تقريبًا ٤ آلاف مرة حجم انفجار هيروشيما! أنتَ مُتخيـل؟
العلماء بيقولك التفاصيل دي لو الاصطدام ده حدث على اليابسة، طب في المُحيطات والمياه؟ خُد دي..
رهاب العدد 13
الاصـطدام هَـيولد تسونـامي بـعلو ١٧ متر وبسرعة ١٠٠ كيلومتر في الـساعـة، وده هَيُنشئ فيضانات رهيبة ودمار كبير على الأرض، وتطاير حطام التدمير ده، من أدخنة وغازات لطبقات الغلاف الجوي، هتدخـل الأرض في شتاء مُستمر لمدة تزيد عن الثلاث سنوات! بمعنى Winter Is Coming، وهو ده النيزك على فكرة اللي بيقولوا عليه.
بس كل ده لسه بدري عليه فاضل تقريبًا ٩ سنين، ومش مُتأكدين منه أصلًا لأن ممكن مليون حاجة تانية تحصل قبل كده تغير الأحداث اللي ماشية بوتيرة واحدة دي.
أنا اللي يهمني حالة الذُعر من الرقم ١٣، واللي تحديدًا لما بييجي يوم جمعة بتكون الأمور بالنسبة للبعض نذير شؤم فوري.
بُص التاريخ ده كده “الجمعه ١٣” بييجي ٣ مرات سنويًـا بالتقريب، وعلى مدار التاريخ رصد الوعي الإنساني كوارث كتيرة حصلت لما بيجتمع الرقم ده مع يوم جمعة.
الرقم 12 في الحضارات
وأساسًا الموضوع ناشئ من فكرة إن الرقم ١٢ بيُمثل لثقافـات كتير رمز للكمـال، فالرقم اللي بيليه هو رقم مشؤوم.
- يعني مثلًا هتلاقي شهور السنة ١٢.
- عدد ساعات اليوم ٢٤، ويُقسم اليوم على اثنين بعدد ساعات الليل والنهار فيتقسم العدد لـ١٢.
- عدد الأبراج ١٢.
- الأسباط أو أبناء النبي يعقوب عددهم ١٢.
- حواريي السيد المسيح عددهم ١٢.
- والمذهب الشيعي يذهب لأن هناك ١٢ إمام، أولهم علي بن أبي طالب، وآخرهم المهدي الـمُنتظر.
وغيرهم من الأدلـة التي بيسوقها الباحثين في إبراز قوة الرقم ١٢ كرقم مثالي، فتلاقي بقى إن الشائع وسط العامة إن الرقم اللي وراء الرقم المثالي ده مشؤوم وبيُمثل الشر المُطلق.
عشان نفهم إحنا إزاي كمجتمع شرقي معظمنا النهاردة عارف موضوع الرقم ١٣ المشؤوم ده وإزاي اتـسرب لنا في ثقافتنا، هنشوف بدأ إزاي!
ما هو سر التشاؤم من الرقم 13؟
الموضوع بدأ مع الاعتقاد المسيحي السائد بعدد الحاضرين على طاولة العشاء الأخير واللي كان عددهم ١٣، فبدأ الاعتقاد بكون الرقم ده يُمثل الحظ السيئ لما حدث من تبعات بحسب المُعتقد المسيحي يعني.
فكان من المشؤوم إن يحضـر على طاولة الغداء بتاعتك ١٣ ضيف، والمُعتقد المسيحي ده كان مُنتشر في أوروبا.
الموضوع اترسخ مع فُرسان المعبد أو الهيكل، واللي حصلت معاهم حادثة غـيّرت مجرى رؤيتنا للتاريخ بكل أحداثها.
يوم الجمـعة ١٣ سنة ١٣٠٧ بدأ الملك فيليب الرابع حملـته للقبض على فـرسان الهيكل بـحجة انكشاف أمرهم وأنهم أعداء الرب.
الحجة الحقيقية في كون التنظيم ده كان بيتملك أموال كتيرة، والفترة دي فرنسا كانت بـتمر بأزمة اقتصادية طاحنة، فاللي حصل حاجة شبه التأميم كده.
فصدر الأمر بالقبض عليهم بس من ناحية بقى إنهم أعداء الله، وإنهم بيقوموا بطقوس شيطانية غريبة في أماكن مُغلقـة، مُستعينين بكتب السحر السفلي اللي لقوها في عمليات الحفر بالقدس في أثناء الحملات الصليبية، عشان تبدأ حملة القبض عليهم واحد وراء الثاني، ويتم إعدامهم في الميادين العامة قدام الناس.
فبدأت بعدها تظهر جرائم وهلع وخوف في الشوارع، وكان الموضوع مُلتصق بالجماعة دي، أو اللي هرب منهم يعني وإنها بترُد على الملك من خلال الجرائم دي. ما جعل الشعب يلعن اليوم ده ويلعن اليوم اللي بدأت فيه الأحداث دي كلها ويترسخ مفهوم أو تبدأ خرافة الجمعة الـ١٣.
اقرأ أيضاً:
لماذا ارتبط الرقم 13 بالشؤم في الثقافة الغربية؟
وبدأ الوعي الغربي يُرصد الأحداث المشؤومة اللي بتحصل في اليوم ده، فالموضوع انتشر بالتحديد وسط أوروبا ومنها انتشر في أمريكا ومنها للعالم كله بعد كده، عشان سنة ١٩٠٧ يُخرج كتاب من تأليف توماس ويليام لاوسون اسمه “الجمعة ١٣”.
الرواية كانت بتتكلم عن شخص بيلعب على لعنة الرقم ده في أنه يقدر يجمع أكبر قدر ممكن من الأرباح في سوق البورصة، وبدأ البطل يحكي عن حوادث كتير في التاريخ حصلت لما بيجتمع يوم الجمعة مع التاريخ ١٣.
كمان تم إنتاج مجموعة من أفلام الرعب الهوليوودية اتكلمت عن الخُرافة دي وقد إيه مُرعبة، ومُمكن تودي بحياتك نظير الحظ السيئ!
يعني قاتل متسلسل كده بيخطط طول السنة لعمليات قتل متتالية في نفس اليوم ده من كل سنة، ولمدة ٣ مرات في السنة اللي هو كل ما يـيجي يوم جمعة يُوافقه تاريخ ١٣!
الموضوع لحد كده مُقتصر على أمريكا وأوروبا يعني..
بس أمريكا عشان بتمتلك آلة إعلامية رهيبة، فأي حاجة بتمتلكها في ثقافتها وبيتم الترويج لها بقصد أو من غير بتنتشر في العالم كله زي النار في الهشيم! لدرجة إنك ممكن تلاقي لاعب كرة في نادي بني عبيد يرفض يلبس التيشيرت رقم ١٣!
أنتَ فاهم؟
لماذا يعد الجمعة 13 أكثر الأيام نحسا في السنة؟
يعني من ضمن الأحداث الشهيرة في يوم الجمعة ١٣ سبتمبر من عام ١٩٩٦، واحدة من ضمن الأحداث واللي أنا شخصيًا بشوفها مُهمة في تاريخ فن أنا بحبه زي الراب هو مقتل الرابر الأشهر توباك شاكور Tupac، الحادثة دي مش بس غـيّرت في الراب كفن، وإنما غـيّرت في ثقافة شعب كامل، وكانت حادثة مُهمة كده لها هيبتها.
كمان سنة ١٩٧٢ يوم الجمعة ١٣ أكتوبر طائرة الإنديـز من سلاح الجو الأورجواني تحطمت، وكانت شايلـه فريق الرجبـي الوطني، وبعد شهرين من البحث لقوا ١٤ شخص بس أحياء، ولما سألوهم إزاي فضلتوا عايشين؟ كانت الإجابة أغرب مما تتخيل! اتضح أنهم كانوا بيأكلوا لحم البشر اللي ماتوا وعايشين عليه! بس دي حادثة عادية ممكن تحصل في أي يوم تاني.
لكن هجمات فرنسا سنة ٢٠١٥ حصلت يوم الجمعة ١٣ من شهر نوڤمبر، فالإرهابيين اختاروا اليوم ده بالتحديد عشان يقوموا بعملية إرهابية، شملت انفجارات وإطلاق نار في أنحاء مُتفرقة من فرنسا، كأنهم بيردوا على مقتل فرسان الهيكل!
الأحداث اللي أنت غيرت صورة البروفايل بتاعتك عشانها من خمس سنين وكتبت Pray For Paris.
في أحداث كتيرة جدًا حصلت في اليوم ده وكلها بيتم ربطها بالحظ السيئ، بعض المباني السكنية في أمريكا كمان تلاقيها لا تستخدم الرقم ١٣ في الترقيم بين الطوابق، يعني من الدور الـ١٢ للدور الـ١٤ على طول.
ولكَ أن تتخيل أن البورصة الأمريكية خسرت بسبب رهاب يوم الجمعة ١٣ أكثر من ٩٠٠ مليون دولار منذ تاريخ إنشائها، ودي خسارة ملهاش علاقة بأي تفصيلة اقتصادية.
المهم نستخلص من كل ده إيه؟ بُص يا صديقي..
خرافات الأرقام بين الشرق والغرب
إحنا كشعـوب شرقية، بنؤمن بحاجات معينة تثير في نفوسنا الرعب، وكل ثقافة في العالم لديها ما يكفيها من التراث المرعب، واللي بيتشكل على حسب البيئة المحيطة بالنَشأة دي، يعني هنا الشعوب بتميل للإيمان الحسي.
فتلاقي الإيمان بكيانات مُظلمة زي النداهة وأبو رجل مسلوخـة، مُنتشر جدًا في المجتمعات الريفية أو المجتمعات اللي مش بيسودها المادة ولا النظرة المادية البحتة للأمور زي المدن الحضرية زي العواصم والمدن الصناعية.
فبيتم تطوير الأسطورة أو الخُرافة من دول بشكل مستمر في المجتمعات الريفية وتصديرها بعد كده للمجتمعات الحضرية، زي الـDelivery جاهز وسُخن.
كذلك الوضع لما بتروح لأي دولة في العالم طبّق اللي أنتَ فهمته ده على الثقافات الغربية، هتلاقيها هي هي وأنهم مش متطورين عننا ولا حاجة، هو نفس الذات، نفس الإنسان، بنفس الدماغ بذات الوعي!
يعني أنا لو قلت بعد كده إن يوم الأحد ٧ ده يوم مشؤوم ونحس هَتبدأ أنت بـوعيك تركز على الأحداث السلبية اللي ممكن تحصل في اليوم ده طول السنين، وتكتشف إن بالفعل ده يوم مشؤوم مثلًا.
الرقم 13 عند الماسونيين
لكن فكر فيها، مين من مصلحته يخلي العالم كله يلعن يوم جمعة تاريخه ١٣؟ مين الطرف اللي تم عليهم عمليات إعدام في ميادين عامة في يوم زي ده؟
فُرسان الهيكل مُمكن!
واللي هُمه يعتبروا بالنسبة للبعض حجر الأساس في تأسيس جماعة زي الماسونية مثلًا، واللي من أهدافها السيطرة على العقول من خلال بث الرموز والأرقام في الوعي الإنساني لأهداف غير مُعلنة؟
طيب قد يكون كلامي الأخير ده مُجرد زاوية رؤية للأمور كده، وقد يكون مُجرد تحليل، بس خُد بالك إن مفيش يوم مُرتبط بالنحس ولا رقم حتى وإن كل ده ما هو إلا تلاعب بالعقول.
حتى الكويكب أبوفيس، في مجموعة علماء تانيين قالوا إن كل اللي العلماء قالوه عن اصطدامه بالأرض كان غلط، وإنهم لما حددوا ميعاد اقترابه من الأرض تأثروا بخُرافة الجمعة ١٣ وكبروا الموضوع، في حين أنه هيمُر بجانب الأرض صحيح من مسافة قريبة، وهيحدُث بسببه كوارث نظير الجاذبية بتاعته لكن مفيش اصطدام ولا حاجة.
فتقدروا تشوفوا مدى تقديس الإنسان دلوقتي للخُرافة دي وصـولًا للعلماء مش الإنسان العادي البسيط!
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا