ده الأكلة دي بتجيب سرطان! – كيف نميز حقيقة الشائعات؟
قصة التفاحة و الشائعات
يحكى أن بطة كانت نائمة في ظل شجرة تفاح، وإذا بتفاحة كالتي سقطت على نيوتن تسقط على البطة فتهب مفزعة مضطربة من وقع سقوط التفاحة عليها فتظن أن إحدى صائدي البط قد أطلق رصاصة عليها ليصطادها، فتهب مسرعة لنقل الخبر للأسد، ولتأخذ الغابة حذرها من هذا الصياد وإذا بها وهي تجري مهرولة يقابلها الأرنب فيسألها: ما بالك مسرعة هكذا فتقول إن صيادًا ومعه آخرين أتوا إلى غابتنا ليصطادونا، فقال لها الأرنب: أنا أسرع منك سأتولى أنا نقل الخبر إلى الأسد.
وفعلا يعدو الأرنب مسرعا بأقصى طاقته فيقابل الغزالة، فتسأله ما بك يا أرنب فيجيبها: هناك فرقة تزيد على عشرة من الصائدين أتت لتقتلنا وأنا ذاهب إلى الأسد لأخبره بتلك الواقعة فتقول له الغزالة: انتظر أنت. أنا أسرع منك سأبلغه بمضمون رسالتك، وتجري بدورها فيقابلها الحصان ويسألها ما بك: فتخبره بأن جيشًا عرمرم من الصائدين أتوا ليحصدوا رؤوسنا وأنا ذاهبة إلى الأسد لأخبره هذا النبأ العظيم.
فيقول لها انتظري أنا أقوى وأسرع منك، ويجري الحصان كأنه في حلبة السباق ويصل إلى ملك الغابة، يا أيها الأسد العظيم: أتيت بنبأ مخيف! إنها جيوش بني الإنسان أتت مجتمعة محملة بالمدافع والدبابات لتحصد وتقتلع جذور الغابة بحيواناتها وشجرها وزرعها. وهنا استشاط الأسد غضبا وأمر الهدهد أن يجمع كل الحيوانات لينظروا في هذا الأمر، وكلف الصقر أن ينظر في أمر تلك الجيوش، فيذهب الصقر محلقاً ليتكشف الحقيقة، ليجد أن الأمر ما هو إلا حبة تفاح سقطت على رأس البطة!.
مواقع التواصل والخبر
تلك القصة الرمزية ما هي إلا تمثيل لما يحدث كثيرا في الواقع وخصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي، فما أن يُسمع الخبر إلا وينتشر كانتشار النار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد لمس أغلبنا هذا الأمر، فيُنشر خبر وفاة طبيب القلب المشهور وتنتناقله الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي نهاية الأمر يتبين أن الرجل أطال الله في عمره ما زال حيًّا يرزق، وتلك لمحة بسيطة في خبر ما.
لكن الأدهى أن ينقل خبر يمس حياة البشر والمجتمع ويهدد أمنه النفسي أو أمنه القومي ويكون خبرًا كاذبًا، لكن من كثرة تناقله وتداوله بين الأفراد قد يصبح حقيقة مستساغة، وكمثال لذلك أن تنتشر إشاعة بأن المنتَج الفلاني سيصل سعره إلى 20 جنيها وحيث أنه منتج وسلعة أساسية يعتمد عليها أغلب المجتمع وأغلب المصانع في منتجاتها، تجد أن الخبر قد انتشر وتداولته وسائل التواصل الاجتماعي وتنبؤات الصحف اليومية، وتخرج علينا برامج التوك الشو مع خبراء الاقتصاد وتأثيرات تلك الأسعار على المواطنين، وفعلا يزيد السعر إلى ما دون الرقم المنتشر؛ ليحمد الشعب ربه أن السعر لم يكن20ج بل 13 جنيها فقط، وأنه لتفضل وكرم أن يكون السعر فقط 13ج!.
فالإعلام هو أكبر بوق لتمرير تلك الشائعات على العقول مستخدما كافة منظوماته الضخمة في تفريغ تلك الشائعات على أنها حقائق في آذان المجتمع البشري، وقديما سنها جوبلز وزير إعلام الحزب النازي قائلا≪اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس≫ وهناك مقولة سمعتها من أحد الأفاضل يقول كرر كرر حتى يصبح مقررا؛ فتناقل الأخبار أمر لا يسلم منه إلا من رحم الله .
الشائعات والهزيمة النفسية
وقد استخدم جيش التتار تلك اللوثة التي تصيب بني الإنسان في نقل الشائعات فكانت جيوش التتار قبل أن تزحف إلى بلد ما لتنهب ثرواته كانت تشيع في أهل البلد أن التتار قوم جبارون ذو وحشية وقوة مفرطة فالرجل منهم قادر على أن يطيح بعشرة رجال بضربة واحدة من سيفه، ولا يستطيع أن يتغلب عليهم أحد؛ فكانت الهزيمة قبل المعركة تأتي بالنفوس وتخر لها العزائم.
وقديما كان الاستعمار يتم عن طريق تجييش الجيوش، ولكن أدركت القوى الإمبريالية فداحة التكلفة من سلاح وعتاد فاستعاضت عن ذلك بجيوش الإعلام وامتلاك ناصيته فاستعمرت الإعلام وبثت فيه ما أرادت لتستعمرعقول الأفراد، وما الأفلام الأمريكية منا ببعيد، وكيف أن الكثيرين قد فتنوا بالرجل الأمريكي والجندي الأمريكي وما له من كرامات وأنه الرجل السوبر مان أو الرجل الخارق الذي لا يقهر، ويدمر كل من يعاديه؛ فهو القوي الذكي الحصيف الذي لا يقدر عليه أي بشري.
هو حامي الكون وليس حامي الأرض فقط، والحقيقة أن هذه البروباجندا ما هي إلا إشاعات وأكاذيب؛ فَكَمٌّ كثيرٌ من الإحصائيات تؤكد أن هناك الكثير ممن رجعوا من العراق في حالة نفسية سيئة ويتم علاجهم في المراكز النفسية بالولايات المتحدة الأمريكية ويمكن الرجوع إلى تلك الإحصائيات الرسمية من وزارة الدفاع الأمريكية-البنتاجون.
طريق الحل
ومن ثم فالسبيل الوحيد إلى عدم الوقوع في براثن الشائعات وما يطلقه الإعلام هو الحذر وعدم تلقف أي خبر إلا بعد الرجوع إلى مصدره والتوثق من حقيقة هذا الخبر، وهناك العديد من الوسائل لبحث هذا الأمر: وهو الاطلاع على مدى منطقية الخبر وهل مصدره موثوق به أم لا؟
أي أن المصدر ومنطقية الخبر هما الأمران المهمان في عملية التثبت من صحة أي خبر وهناك العديد من المواقع المحترمة التي يمكن الرجوع إليها في هذا الأمر. فليس كل ما يقال صحيح، فعلينا أن نكون واعيين لكل ما ينقل لنا، علينا بالتفكر؛ فنعمة العقل والنقد هي من النعم التي يجب أن نحمد الله عليها، والحمد يكون بالشكر واستخدام تلك النعمة لا تعطيلها.
اقرأ أيضا:
هاري بوتر والجمل الطيب .. تأثير الإعلام والأضرار التي يقدمها لأطفالنا الصغار
يعني ايه تربية؟ ( الجزء الثاني ) – دور البيئة في عملية التربية وصناعة الإنسان
حكايات الحاجة ” عائشة ” لتحيي في نفوس الصغار روح الحق والعدالة
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.
ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.