مقالات

حاكمية العقل

حاكمية العقل

حاكمية العقل هي القضية التي اثارت الكثير والكثير من الجدال واللغط منذ ان عرف الإنسان التفكير على الأرض .. خاصة عندما يحدث ذلك النقاش القديم والجديد حول علاقة العقل بالدين وأيهما له الأسبقية …

والحقيقة أن الكثيرين يتصورون أن العلاقة بينهما – أي العقل والدين – لا تخلو عن احد احتمالين ،، فإما عقل محض ليس له حظ من الدين وإما تدين خالص ينظر للنص بلا تفكير ويعتبره أداة المعرفة الأولى والأخيرة !!

والحقيقة أن العلاقة بينهما لم تكن تحتاج لأغلب هذه المجادلات والمناقشات والتي خرج أغلبها انفعالياً هائجاً غايته الانتصار للفئة دون الاجتهاد للوصول للحقيقة..

إن مجرد التفكير البسيط في القضية يستنتج أن العلاقة تكاملية وليست إقصائية .. وأن ثمة احتياج وارتباط بينها.. فالدين يحتاج للعقل أبتداءً.. كيف لا والعقل هو من ينظر لما جاء به الدين وادعاه النبي ويعرضه على كلياته وبديهياته الفطرية أولاً ثم يحكم بصحته ويتعبد على وفقه ثانياً ..ولتوضيح القضية دعونا نتصور هذا السؤال : هل أن الإنسان يسلم بصحة دين ويثبت صدق مبانيه من واقع نصوصه نفسها أم أنه يعرض تلك المباني الكلية والمفاهيم العامة ( وأكرر الكلية وليس الجزئية والتفصيلية والتشريعية) على العقل أولاً كمرجعية في القضايا الكلية ( وكمثال قضية وجود الإله وتوحيده واليوم الآخر ) ؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وبصياغة أخرى هل يتم اثبات وجود الله ووحدانيته بكون النصوص تقول أنه موجود وواحد ؟! أم أنها قضية كلية لابد للعقل من البرهنة عليها أولاً ثم ينظر للدين الذي يتناول تلك القضية التي حسمها العقل ليحكم بمطابقة ما بينهما من مباني كلية عامة ؟!!

في مثل هذه النوعية من القضايا الكلية الكبرى يأتي الدين ليؤكد ما اثبته العقل ببراهينه القاطعة الحاسمة ليقول نعم أنا أؤكد ما حكم به عقلك المتجرد … ثم يطالب العقل بالانضباط والانصياع لما جاءت به الشريعة من أحكام عملية وتشريعات وتفصيلات مباشرة بعد عملية اثبات حجية الدين وصدقية النصوص التي قام بها العقل بلا أدنى شك ..

ثم إن العقل يحتاج للدين قطعاً .. فأني للعقل المدرك للقضايا الكلية الكبرى أن يعلم مراد الله منه .. بل كيف يتعرف على البرنامج الالهي المتكامل للهداية والسعادة إلا من منبعها ومصدرها ؟؟!!

وكيف لعقل صممه من خلقه لإدراك القضايا العامة الكلية أن يدعي المعرفة بالتفصيلات والجزئيات ؟!
ثم إنه بنفسه –أي العقل – هو من يعلم يقينا أن لاقبل له بالبرنامج التفصيلي، فلو كان هذا في متناوله فلا داعي للدين ولاحاجة للأنبياء الهداة !!

إن النبي الهادي المبلغ عن الله يحتاج عقولاً ليثبت لها صحة إدعائه النبوة .. وصحة اتصاله بالخالق .. فلو لم يكن العقل موجوداً بداية في الناس فمع من يتكلم النبي ومن يخاطب؟!!

كذلك فإن العقلاء الذين ثبت لهم صحة الدين وصدق النبي يحملهم عقلهم الحكيم على اتباعه لكونهم تأكدوا من اتصال النبي بالخالق ومن حمله لبرنامج السعادة المنشود ؟؟
حاكمية العقل تحتاج الى الدين لتكتمل …فلا الدين استغنى عن العقل ولا العقل يمكنه المسير بمفرده بدون الدين .

إن العقل يا سادة أصلاً هو محض الإنعام الإلهي على الموجود الإنساني . أودعه فيه الخالق ليدرك بواسطته حقائق الأشياء وكليات القضايا .. ثم يكمل المولى الكريم على مخلوقه الفريد نعمته بإنزال البرنامج الكامل الشامل التفصيلي لتحصيل السعادة والفوز بالهداية ..

فمن يقول بتلك المقولة فقد فهم طبيعة العلاقة الحقيقة بين العقل والوحي ..كلاهما مصدره الخالق لتكتمل النعمة ويتحقق الهدف من الوجود .. فمن وضع أحدهما في قبال الآخر أو وظف احدهما ليقوم بدور الآخر فقد افتقد الحكمة بوضع الأمور في غير موضعها ..

وفقدان الحكمة بداية النهاية وشرارة البدء في الصدام والجهل .. أعاذنا الله وإياكم من ويلاته وتبعاته المدمرة

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.