مقالاتقضايا وجودية - مقالات

القوى الكامنة في الإنسان .. لماذا نحن مميزون بالعقل (1)

اختلفت الكثير من النظريات في تمييز الإنسان عن غيره من الكائنات، فبعض النظريات نظرت للإنسان على أنه مجرد حيوان ولكنه فى مرتبة أرقى، وأن سعادته مرتبطة بتوفير الاحتياجات المادية فقط؛ حيث تقوم تلك النظرة بإغفال أو رفض الجانب المعنوي الروحي للإنسان و القوى القادرة على التمييز لديه.

وهناك نظريات أخرى رفضت الجانب المادي تماما، وقالت أنه شرٌّ مطلق وأن الشهوات التي توجد فى الإنسان يجب قتلها حتى يسعد الإنسان في حياته.

لا إفراط ولا تفريط

فما بين الإفراط والتفريط صيغت نظريات شتى في رؤية الإنسان وتحديد سبل سعادته، لكن هذه النظريات ليست هي الوحيدة التي تكلمت عن حقيقة الإنسان وطريق سعادته فهناك النظريات التي رصدت وحللت الطبيعة الإنسانية بنظرة أكثر منطقية وواقعية، وحددت احتياجات مادية مرتبطة ببقاء الإنسان في حالة جيدة، وحسته على المحافظة على جسده والتمتع بالمأكل والملبس الذي يحتاجه الإنسان لسد احتياجاته المادية،

ولكنها لم تغفل في الوقت نفسه الاحتياجات المعنوية الروحية للإنسان والمتمثلة في حب المعرفة والرغبة الدفينة في التخلق بكل ما هو قيمي ذات طابع أخلاقي، تلك الرغبة الموجودة بداخل كل منا حتى وإن لم يستطع الوصول إليها أو لم يكن من الممارسين لفضائل الأخلاق، وقد حددت تلك النظريات المنطقية الواقعية سبل وطرق الوصول للسعادة الإنسانية.

ولكن ليس هذا موضوع بحثنا ولكن كان لا بد من تلك المقدمة…

اضغط على الاعلان لو أعجبك

القوى العاقلة في الإنسان

ولنرجع مرة أخرى إلى السؤال عنوان المقال (لماذا نحن مميزون عن باقي الكائنات بالعقل) ومقصودنا بالعقل: هو القوى القادرة على التميـيز بين الصواب والخطأ وتحديد معايـير للتعامل والتساؤل عن الأسباب والعلل والتي من خلالها استطاع الإنسان أن يجيب عن أسئلة مصيرية في حياته سواء كانت إجابات صحيحة أم خاطئة، استطاع أيضا أن ينتج ويراكم العلوم حتى امتلك رصيدًا هائلًا من المعرفة جعلته يغير نمط حياته ويتحكم أكثر وأكثر بالطبيعة

هذا هو مقصودنا بالعقل، ولكن لم نمتلك تلك القوى الفريدة التي نتفرد بها عن سائر المخلوقات؟ وللإجابة عن هذا التساؤل يجب أن ننظر إلى القدرة الهائلة التي يتمتع بها العقل وحينها نستطيع بسهولة الإجابة عن التساؤل الرئيسي في بحثنا هذا.

وبالنظر لقدرات العقل على التحليل والتدقيق والبحث نجد أن كل هذا له غرض جوهري وهو أن نستطيع باستخدام تلك الميزة على تقديم ما يسمى {قيمة اضافية} -إن صح التعبير- ومقصودنا هنا بالقيمة الإضافية يتضح من خلال مجموعة من الأمثلة التي توضح مرادنا بهذا التوصيف –فنجد مثلا أن الإنسان قد تعرف على مجموعة من المواد الموجودة في الطبيعة تشترك في صفات معينة دون غيرها فجمعها وصنفها وأعطى لها توصيفًا كالمواد الصلبة وأخرى سماها الغازية وأخرى سماها السائلة واستطاع أيضا أن يصنف كلًّا منها إلى تصنيفات أخرى والأمثلة كثيرة ومتنوعة في المجال المادي،

كما استطاع على المستوى المعنوي أن يفطن إلى أن الممارسات التي تقوم على مبدأ إعطاء الحقوق هي مبادئ حسنة فتوصل لمبدأ كلي يقول {أن العدل حسن} وأن المعاملات القائمة على العدل هي المعاملات الإيجابية التي تنمي وتقوي العلاقات الإنسانية…

لم الإنسان هو السيد في الكون ؟

كل هذة الأمثلة وأكثر توضح أن الإنسان امتلك تلك القوى العقلية حتى يتوصل ويقدم تلك القيمة المضافة، لا أن يعيش يأكل ويشرب فقط، وهذا لا يعني أن الأكل والشرب أمر غير ضروري ولكن ما نقوله هو أن الإنسان المميز بالعقل له دور أكثر أهمية من الأكل والشرب، هو دور يوضح لم هو السيد في هذا الكون؟ فبدون أن يقدم الإنسان قيمة مضافة لنفسه ولمجتمعه سيكون فاقدًا للحقيقة والتي بغيابها يجد الإنسان نفسه في حالة من التشتت والضياع الفكري والنفسي والسلوكي لأنه قد غابت عنه حقيقة وجوده

وسنكمل باقي الموضوع في مقالات أخرى

اقرأ أيضاً .. لماذا أفشل دائماً؟

اقرأ أيضاً .. نهاية العالم

اقرأ أيضاً .. لماذا بالعقل نبدأ ؟