مقالات

المثقف هو الأكثر عرضة للكآبة والإكتئاب والإحباط .. هل هذا صحيح ؟

لدينا صورة ذهنية أن المثقف هو فرد يمتاز بالكآبة وتشعر أنه مصاب بالاكتئاب ومن هنا تزداد الدعاوى وتنهال النصائح بأن دعك من القراءة والثقافة واستمتع بحياتك فإنك لن تعيش سوى مرة واحدة فلا تضيع تلك الحياة في تثقيف ذاتك والحصول على المعارف فنتائجها وخيمة ولن تجد نفسك سوى إنسانًا بائسًا مصابًا بالاكتئاب، ينفر منك الناس بل وقد تكون عبرة للآخرين ممن يودون أن ينحوا نحوك فيكون مصيرهم بائس مثلك!

تلك الصورة الذهنية تترسخ يومًا بعد يوم لدى الكثير من الناس بل وينشرونها و يدعمونها بضرب أمثلة لأشخاص قريبين منهم وكم أصبحوا بائسين بسبب كثرة اطلاعهم وقراءتهم!

أتذكر أنني في أحد الأيام كنت مع مجموعة من الأصدقاء وأثناء سيرنا وجدنا شخصًا مهندم المظهر ولكن يبدو عليه علامات الجنون فجميعنا تجاهلناه باستثناء صديق لي ذهب إليه ليتحدث معه ويفهم قصته فعلم منه أنه متخرج من كلية العلوم ومن خلال الحديث معه علم أنه على قدر عال من الثقافة والعلم وكم هو متابع جيد لكافة التطورات التي تحدث على الساحة العالمية ولكن قد أصابه الإحباط واليأس لما يحدث لأنه يرى أنه “مفيش فايدة”!

فهل حقا المثقفون بائسون؟ أو كما قال المتنبي:

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله *** وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فما السبب في ذلك؟!

كيف يصاب المثقف بالإحباط ؟ 

قبل أن نبحث عن السبب علينا أن نفهم أولا من هو المثقف ؟ وما هو الإحباط واليأس؟
كي نستطيع فهم العلاقة بين الثقافة والشعور بالإحباط واليأس،علينا أن ندرك أولا أنه وفي بعض الأحيان المنشغلون بالقضايا الكبرى والذين يحملون عبء التغيير للأفضل على عاتقهم، يكونون مترفعين عن سفاسف الأمور ويضحون براحتهم واستمتاعهم بالمظاهر المادية في سبيل هدفهم الأسمى، فيظن من يراهم أنهم مصابون بالاكتئاب واليأس والإحباط، فالأمر يبدأ بالإحباط ثم يصل بنا إلى حد الاستسلام والشعور بالعجز والرغبة في الانطواء‏.

والمثقف في عرفنا هو ذاك الشخص الذي لديه الكثير من المعلومات والمعارف لكثرة الاطلاع، ولكن كيف يصل المثقف من كونه شخص يحمل الكثير من العلم إلى شخص مصاب بالإحباط؟!

في هذه الحالة يكون دور المثقف هو جمع أكبر قدر من المعلومات والثقافة ويكون لديه مخزون كثيف من هذه المعلومات وتأتى المشكلة عندما يبدأ في إدراك الواقع المحيط به ومدى تأزم الأمور وبعدها ينظر إلى حصيلة علمه وثقافته ولا يعلم كيف يستفيد من ذاك العلم في تغيير الوضع السيء فيبدأ يتسلل إليه شعور بأنه عاجز عن المساهمة في التغيير وأن كل هذه القراءات ليس لها قيمة ومن ثم الاستسلام لمشاعر الإحباط واليأس والانطواء على الذات.

إذن ما الحل لكي نمنع أنفسنا من الانزلاق في براثن اليأس؟

هل نمتنع عن القراءة والاهتمام بقضايا المجتمع والتقدم والحضارة، وننغمس في تدبير أمور حياتنا اليومية؟!

ما الحل ؟

بالطبع ليس هذا بحل، الحل الصحيح هو أن نكون على وعي ودراية بكيفية استخدام تلك المعلومات بشكل سليم وصحيح كي نستفيد بها لجعل واقعنا أفضل ولنسعى لبناء مجتمع فاضل عادل ولا نكون كمثل الحمار يحمل أسفارًا.

لدينا الكثير من المعلومات والمعارف ولكن لا نعلم كيف نستخدمها أو نستفيد بها ومن ثم نصبح مجرد مخازن للمعلومات!

فلكي لا نقع في ما يسمى “كآبة المثقفين” لنتخلى عن وهم الثقافة ونتحلى بالثقافة الحقة التي قال عنها أحمد خالد توفيق: أن الثقافة هي أن تستخدم ما تعرف في تكوين مفهوم متكامل للعالم من حولك وكيفية التعامل معه.

 اقرأ أيضاً .. الحقيقة فى عصر الإعلام

اقرأ أيضاً .. رؤية نقاشية لأغنية ” داري يا قلبي ” لحمزة نمرة

اقرأ أيضاً .. أزمة العدالة والخير والشر

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

محمد محمود

باحث بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ