مقالاتمنطق ومعرفة - مقالات

سلسلة شرح الفلسفة السياسية ( الجزء الخامس ) : نشأة المجتمع الفاضل

كيف ينشأ المجتمع الفاضل ؟

المجتمع الفاضل هو مجتمع يهدف لتحقيق السعادة الحقيقية للجميع كما سبق، ويكون ذلك عبر تحقيق العدل، وتحقيق العدل يحتاج إلى أن يكون القائمون على المجتمع هم الأعلم بحقوق الأفراد، والأعدل في إعطاء هذه الحقوق لأصحابها.

معرفة حقوق الأفراد تحتاج إلى:

والعلم بهذه الحقوق يحتاج إلى التفكير السليم، والعلم بما هو كائن في الطبيعة والإنسان والكون وغير ذلك، والعلم بما ينبغي أن يكون في الأخلاق وإدارة المنزل والسياسة، والعلم بظروف الزمان والمكان الخاصة بالمجتمع وشؤونه وأحواله.

والتفكير السليم يحتاج إلى عقل سليم، وإلى وسائل إدراك سليمة تمده بالمعلومات كالحس والخيال، ويحتاج إلى معرفة قواعد التفكير السليم.

والعلم بشكل كلي بما هو كائن وما ينبغي أن يكون يحتاج إلى استخدام هذا العقل في النظر فيما حولنا، وفي النظر في أفعال الإنسان، وبشكل جزئي وتفصيلي يحتاج إلى استخدام الحواس والتجارب والأخبار الصحيحة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

والعلم بظروف الزمان والمكان يحتاج إلى ذلك أيضًا، بالإضافة لقوة الخيال.

كيف ينشأ العدل

والعدل ينشأ من المعرفة بالحقوق، بالإضافة للتحلي بالأخلاق القويمة، وخاصة العفة والشجاعة والحكمة والكرم، ويكتسب الإنسان هذه الأخلاق بتهذيب النفس وتربيتها، ويكون ذلك باستعلاء العقل وتحكمه في الشهوة والغضب، عن طريق تحكمه في أدوات الإدراك المختلفة كالحس والخيال والوهم، وتقوية الإرادة العقلية بممارسة الأفعال المتماشية معها، ويعين على ذلك الزهد والعبادات والمواعظ والألحان والأوزان الحسنة والتفكر والصحبة والقدوة.

كما يحتاج العدل أيضًا لقدرة الإنسان على أداء هذه الحقوق وهو ما يكون بتنمية ما سبق، وبتنمية وتقوية الجسد بالرياضة البدنية.

ولكي يتحقق العدل في المجتمع يجب أن يتصف القائمون عليه بأعلى الدرجات في الصفات السابقة، فإن اجتمعت في شخص واحد فهو يقود المجتمع، وإن تفرقت في عدة أشخاص فيقومون سويا بذلك من خلال مجلس مثلا، ويرأس المجلس الأعلم والأعدل فيهم. واكتساب فرد أو مجموعة هذه الصفات يتم تدريجيا، وبعمل ومجهود مستمر، واكتساب فرد لها لا يغني عن حاجته لآخرين يعينونه في القيام على شؤون المجتمع.

العقل

وكل إنسان لا يعرى من عقل، هذا العقل له مدركات بديهية، وله ميول فطرية طالبة للكمال، بهذه المدركات والميول يصبح لكل إنسان قدرة على تمييز الصواب من الخطأ والكمال من النقص بشكل عام، وميل طبيعيي للكمال والصواب ورفض للنقص والخطأ.

هذا العقل مشترك بين الجميع، لكن البعض يطورونه -كما سبق-، والبعض أقل تطويرًا له وهم العوام.

وبمخاطبة الفريق الأول للفطرة العقلية عند العامة فإنهم يقبلون الحق والخير، ويقبلون العدل، وكلما نمت هذه الفطرة لدى العامة زاد إدراكهم للحق والخير، وتنميتها تتم بالتعليم والتربية بمعناهما العام.

توزيع المهام والأدوار في المجتمع الفاضل

وحسب درجة العلم والفضيلة والتمايز في المهارات والصناعات يترتب هذا المجتمع بشكل طبيعي، فلكل فرد مهمة ودور في هذا المجتمع، فمنهم الإداريون والقائمون على حفظ المجتمع وشؤونه، ومنهم الصنّاع أهل الإنتاج والخدمات النافعة، ومنهم الحراس ضد الأخطار الخارجية والداخلية.

وقد ذكرنا في المقالات السابقة بعض صفات المجتمع الفاضل ، بقي أن نعيد التذكير بأن غرض هذا المجتمع الفاضل هو السعادة للجميع.

اقرأ أيضاً .. أزمة العدالة والخير والشر

اقرأ أيضاً .. متى ينتهي الظلم ؟

اقرأ أيضاً .. عدالة اقتصادية

أحمد عزت

د. أحمد عزت

طبيب بشري

كاتب حر

له عدة مقالات في الصحف

باحث في مجال الفلسفة ومباني الفكر بمركز بالعقل نبدأ للدراسات والأبحاث

صدر له كتاب: فك التشابك بين العقل والنص الديني “نظرة في منهج ابن رشد”

حاصل على دورة في الفلسفة من جامعة إدنبرة البريطانية

حاصل على دورة في الفلسفة القديمة جامعة بنسفاليا