مقالاتقضايا شبابية - مقالات

فلسطين ومركزية القضية

 

كما أن حركة الإنسان مستوحاة بالضرورة من فكره، فحركة المجتمع لا بد وأن تكون مستلهمة من هويته، وإذا نظرنا لمجتمعاتنا سنجد الهوية العربية الإسلامية غالبة عليها، ودور المثقفين أو النخب المثقفة هي الحفاظ على هذه الهوية وتنميتها وتأصيلها بين عامة الشعب، ومن أدوار النخب الثقافية أيضا معرفة ما هو دورنا تجاه المجتمع وقضاياه، فمثلا هل دورنا كمجتمع أن نناضل من أجل حرية أوطاننا فقط؟ أم أن دورنا نشر أدبيات وثقافة مقاومة الغزو الفكري والسعي للاستقلال الفكري والمجتمعي والاقتصادي في مجتمعات أخرى؟

الإجابة هي أن مجهودات النخب الثقافية موجهة للعالم ككل بلا استثناء، والسعي لتحرير كل الأوطان من الاحتلال سواء كان خارجيًا أو داخليًا، وهنا يظهر سؤال: هل يوجد ما يسمى بالاحتلال الداخلي؟ نعم، فالتجربة أثبتت أن هناك أعداء للشعب بالداخل بطريقة أو بأخرى وهم تابعون للعدو الخارجي بأشكال التبعية المعروفة فكريا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا) وهذه الفئة هم من نسمعهم في هذه الفترة يهاجمون حق الفلسطينيين ويشوهون المقاومة ويمجدون دولة الاحتلال وأنصارها من الدول المجاورة.

لماذا غابت شمس قضية المقاومة وخط الدفاع الأول عن الوطن؟

هل هذا بسبب التغيرات التي حدثت في الأعوام السابقة (منذ أواخر عام 2010) أم بسبب تطبيع الحكومات مع العدو الأول للشعوب أم بسبب توغل ثقافات المادية والحرص على المال والاستهلاك في مجتمعاتنا؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الإجابة هى كل ما سبق، فمع اشتعال الثورات اكتشف الكيان الصهيوني قوة الشعوب الحقيقية وأن وجوده مازال مهددًا؛ فالشعوب مازالت تقاوم، وإن قامت ونهضت لن ترضى بوجود الغاصب وأعوانه في أراضيها وذلك ما دفع دولة الاحتلال بأن تغير من استراتيجيتها و أن تسعى للتحالفات مع الدول المجاورة لتقوى شوكتها، وهذا أدى لظهور ثقافة التطبيع التى خلقت أفرادًا لا يرون مشكلة في وجود كيان محتل ما دام بيننا وبينه علاقات طيبة لا يعكر صفوها شيئا وأنه حليف إقليمي مهم.

هنا يجب أن يبرز دورنا في كسر تلك القيود؛ فيجب على المثقفين تغذية ثقافة الشعب بأن القضية الأساسية التي يجب أن تكون بوصلتنا هي فلسطين وعلينا ترتيب أولويتنا على ذلك لأن فلسطين تمثل الدور المحوري في عقيدتنا السياسية والدينية والإنسانية، ووجود الكيان الصهيوني يقوم على رفض ثقافتنا وهويتنا وسنن الحضارة والتاريخ، وضرورة الوقوف بجانب الحق والدفاع عنه مهما كلفنا هذا، وعليه يجب أن تكون القضية ثابتًا من الثوابت لدينا؛ فلا تظهر أو تختفي بناء على الظروف السياسية وأن تكون القضية نابعة عن قناعاتنا، هذا إن كنا حقا رافضين لتحكم الاستعمار بمصيرنا ورافضين للغزو الفكري وساعين لنهوض بلادنا! علينا أن تكون قناعتنا هي أن زوال هذا المحتل وأعوانه من بلادنا هو أمر حتمي وضروري حتى إن كنا ضعفاء ولا نستطيع خلق حراك من أجل تحقيق مصالح الأمة، فهذا ليس معناه ضعف الفكرة نفسها، والحقيقة إذا نظرنا لواقعنا سنفهم أننا لسنا بضعفاء، ففي الأيام الماضية أثبتت الأمة أن مازال لفلسطين مساحتها الكبيرة في ذاكرة وقلوب الشعوب وأثبتت أيضا بعض الشعوب الغربية تضامنها مع القضية، قضية التحرر من المحتل وهي نظرة للقضية من جانب إنساني.

علينا دائما أن نذكر وننشر الوعي بالقضية في كل المناسبات ولا نستهين بأي فعل قد نقوم به في سبيل نصرة القضية؛ فالتحدث إلى الأصدقاء والرد على الشبهات خطوة مهمة نختبر بها وعينا بالقضية المركزية، كذلك التضامن عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمشاركة في الحراك ومقاطعة البضائع وعلينا أن نتذكر أن المقاومة درجات ونحن علينا أن نقاوم حتى نرتقي للدرجة التي تتناسب مع الواقع في بلادنا حتى نصل لحد التأثير المباشر.

 

دامت فلسطين لنا بوصلة والمقاومة لنا درع

محمد مجدي

عضو بفريق بالعقل نبدأ القاهرة