عزمت السفر لتحصل على فرصة في الحياة؟ هل تعلم كم أضرار هذ القرار على الرغم من مميزاته؟
كثير منا يسعى إلى فرصة السفر ليهرب من مساوئ وتحديات يواجها فى حياته ويظن أنّ الهروب هو الحل الأمثل لكل ما يقابله من المشاكل ساعيًا إلى حياة مجهولة يرى فيها الخلاص من كل ما يؤلمه، فهو ينظر إلى أي بلد غير بلده نظرة المتعطش من خلال ما يراه وما يسمعه متلهفًا إليه دون أن يتحقق من مصداقية هذا العالم: أحق ما يتمناه أم هو وهم نسجه له خياله؟ كالطفل الذي يحبو ويأمل أن يمشي ليركض ويلعب ينظر إلى حلمه غافلًا عن الجزء الذي يتنازل عنه من الدلال وما يتحمله من المسؤولية؛ فكل فترة من حياة الانسان تسلبه شيئًا وتكسبه شيئا آخر فلكل مرحله سماتها.
هكذا نحن ننظر إلى ما نتمناه ونغفل عن مسؤوليتنا التي سنتحملها عند اتخاذ قرار السفر.
تبعات السفر
إنّ السفر ليس فقط مجرد تغيير مكان إلى مكان أفضل بل هو تغيير عادات وسلوكيات وقد يكون تغييرًا إلى مشاعر جديدة وهذه المشاعر للأسف قد تكون مشاعر جامدة.
فنرى الأب والأم المتلهفين لأبنائهم ليكونوا لهم سندًا ولكن الأبناء يعملون بالخارج سعيًا إلى حياة أفضل ومع مرور الوقت يتضائل السؤال عنهم بسبب الانشغال.
نرى فيمن حولنا قصصا محزنة: الأب الذي توفي وكان يتحدث لولده يرجوه أن يراه قبل أن يفارق الحياة فيتحجج الابن بقلة الإمكانيات وانشغاله وقد يموت الأب ولا يراه فيسمع الولد بالخبر فتهتز مشاعره للحظات ثم يعود إلى حياته الجديدة وقد لا يستطيع الحضور ليتلقى عزاءه! أهكذا وصلت بنا الغربة لذلك؟!
ونرى مشهدًا آخر محزنًا: الأب الذي يترك زوجته وأبناءه لسفره متخليًا عن مسؤوليته لزوجته لتتحملها فتقوم بدور الأم الحنون والأب الحازم في ذات الوقت، ويحرم ابنه منه وهو على قيد الحياة، وهذا ما نسميه باليتم، فهو أقسى درجات الحرمان: غياب الأب رغم وجوده على قيد الحياة! وهو ما يسبب له كثير من المشاكل النفسية وقد يكون طفلًا عدوانيًا لأنه نشأ في أسرة غير مكتملة يجد نفسه وحيدًا بلا أب موجّه وبلا صديق يستشيره في أمور حياته.
أيها الأب المسافر
أيها الأب المسافر تاركًا أسرتك لا يكفي أن تتواصل معهم عبر وسائل الاتصال فهي وسيلة تعارف واطمئنان وليست وسيلة تربية ولا بديلا عن دور الأب.
إن الأموال التي تسعى لتحقيقها والمكانة التي ترغب فيها ليست أهم من دورك كأب، فأبناؤك مسؤولون منك وكما تسعى لتحقيق الجانب المعيشي الكريم لهم لا بدّ أن تسعى لتحقيق الاستقرار النفسي لهم.
فعليك ألا تقرر السفر لمدة طويلة وأن يكون ذلك فقط عند الضرورة، لذلك فمن الأفضل أن يكونوا معك ليجدوا أسرة مكتملة من أب وأم، فالأسرة لا تقوم بطرف واحد مع وجود الطرف الآخر متخليا عن مسؤوليته لغيره.
أيها الأب إنّ وجودك مع أبنائك وزوجتك في بلد غير بلدك يجعل على عاتقك مسؤولية شاقة وهي أن تحافظ على هويتهم وسلوكياتهم فلا تجعلهم ينجرفون مع العادات الجديدة خاصة إذا كانت مخالفة لما ربيتهم عليه فستجد تساؤلات عن ما يجدونه من ثقافة في المأكل والملبس وغير ذلك فلا بدّ أن تتناقش معهم وتعلمهم ما ينبغي فعله وما يجب عليهم تركه ولا أعني بذلك العزلة التامة، فهم أصبحوا جزءا من المجتمع ولابدّ من تعايشهم معه مع المحافظة على الضوابط التي تحميهم من الانقياد الأعمى وراء كل ما هو جديد وغريب.
فقد تجد ابنك يفاجئك بتغيير فى شكل لبسه وتسريحة شعره فهو مقلد لما يراه فلا تمنعه بالقوة بل ناقشه بالحسنى واللين واجعل له قدوة بديلة عمّا يسعى لتقليده وطور من شخصيته وعلمه أن انتشار موضة معينه لا يعني بالضرورة أنها صحيحة وموافقة لعادتنا فقد تكون دخيلة على ثقافتنا.
وأخيرا أيها المتلهف لهذه الفرصة فإن قرار السفر ليس قرارًا سهلًا على الإطلاق بل هو قرار يحتاج منك إلى تفكير ومفاضلة بين مدى المكاسب التي ستجنيها من قرار السفر ومدي خسائرك من هذا القرار لتتمكن من أخذ القرار المناسب لك بأقل خسائر فالسفر ليس فرصة ذهبية لو أصبح مقابله أن تخسر ذاتك وتدمر أسرتك.
اقرأ أيضاً:
السبع فوائد: المسافر يتأقلم مع الغربة
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.
ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.