مقالاتقضايا شبابية - مقالات

عفوا، ولكن قد يكون الطلاق حلًّا – لماذا أصبحنا نشمئز من فكرة الطلاق؟

­­­ترددت كثيرا في الكتابة عن الطلاق فأنا أعلم مقدار الحساسية الإجتماعية لهذا الموضوع الشائك ولكني وجدت أن الحديث عنه أمر غاية في الأهمية فنجد الحديث عنه يأتى للتنفير منه وأنه لا يجب أن يكون حلا على الإطلاق. ونجد من يقدمه في هيئة إحصائيات مرعبة وأنه سبب تفكك وانهيار المجتمع، أو من يجده فرصة يتسلل من خلالها للترويج لأفكار غريبة عن مجتمعاتنا العربية.

وأثناء بحثي عن موضوع الطلاق وجدت أن هناك فريقين: فريق يراه عارًا ويحمله كل ما يترتب من تفكك أسري وكل ضرر يلحق بالأسرة بعد الطلاق بل ويصل إلى أبعد من ذلك.. إلى التجريم والتحريم والبعض وصف من تلجأ إلى الطلاق بأنها في النار! وفريق آخر يشجع عليه ويراه حلًّا سهلا لإنهاء أي مشكلة قد تتعرض لها الأسرة.

ولكن ماذا لو لم يكن هناك حلًّا غيره

فلماذا لا يلجأ إليه البعض ويصروا على تحمل صعوبة الحياة بين شريكين وسعت الفجوة بينهما.

يتعرض الإنسان للكثير من المواقف في حياته منها ما يكون غير قابل للتعديل، مواقف نَصِفها بأنها قدرية.. لا نملك سوى أن نتعلم منها ونكمل حياتنا بعدها. أما الزواج فليس الجميع يحسن الاختيار وليس الجميع لديه القدرة على التحمل ولذلك نجد أن الطلاق قد يكون حلًّا.

لو قام شخص بعمل دراسة جدول لمشروع تجاري ما واتخذ القرار بتنفيذ المشروع  ولكن بعد فترة وجد أن المشروع لا يدر ربحًا وأنه عليه أن  ينهي خسارته بتوقف النشاط. بالتأكيد سيفعل وسيبدأ من جديد وسيفكر بمشروع آخر وسيتجنب أخطاءه السابقة وسيكون ما فات هو تجربة  استفاد منها  ليبدأ من جديد.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لماذا لا ننظر للطلاق على أنه فرصة أُخرى يمنحها الله لمن لم يحسن الاختيار من البداية فلعله يتعلم من أخطائه فقد يكون الطلاق مانحا بداية أفضل لكلا الطرفين.

بالتأكيد ليس المقصود هو -التهوين- من أمر الطلاق ولكن أيضا التهويل في أن ما بعد الطلاق هو ضياع أمر غير مقبول أيضًا. علينا أن نُغير نظرة المجتمع للطلاق فهو ليس عارًا في ذاته وليس نهاية الحياة ربما يكون تجربة مؤلمة يتعلم منها الطرفين ليبدأ كل منهما من جديد.

في مجتمعاتنا العربية للزواج طقوس وأعراف في بعض الأحيان تتجاوز المنطق وتغيب عنها الحكمة ولكن الطلاق حينما نتحدث عنه كمشكلة أو كأزمة نظرًا لتجارب قاسية تعرض لها الكثير وتداولها الإعلام وضخمتها الدراما ولكن لم تناقش على أنها حلًّا صعبا يلجأ إليه البعض لينهى معاناة أحد الطرفين أو كليهما.

وهذه المعاناة تنشأ بالأساس نتيجة تجاوزات بشرية؛ فالنفوس عندما تمتلئ بالحقد والرغبة في الانتقام  ينتج عنه صراعا شرسا يكون له ضحايا، ويكون ذلك نتيجة حتمية متوقعة عقب سنوات من تحمل الطرفين ما لا يطيق من الطرف الآخر.

أما حالات تشرد الأًسر والتي تأتي عقب الطلاق هي مشكلات ناتجة عن عدم تحمل أي من الطرفين للمسئولية أولًّا فليس كل من لجأ للطلاق حلاً تخلى عن مسئولياته وشرد أسرته وبالتالي فهناك مسئولية تقع على عاتق الطرفين، فهي قضية أخلاقية في الأساس كما أن هناك غياب تشريعي وفجوة كبيرة بين ما يُقره القانون وما يملكه من سلطة تُلزم الأطراف بتحمل مسئولياتها كاملة.

بالتأكيد التأني في اختيار شريك الحياة ووجود توازن بين العقل والقلب  سيوفر علينا العناء بعد ذلك ولكن من لم يحالفهم التوفيق هل يصبح قدرهم تحمل حياة شاقة رغم وجود الحل؟!

ضغوط وصعوبات الحياة كثيرة وإن لم يُشكل الشريكين جبهة قوية لمواجهة تحديات وأعباء الحياة أصبح كلًّا منهما عبئًا على الآخر.

رغم الطلاق، لاتنس مسؤولياتك

العقول الواعية والتى تدرك الأزمة مبكرا تتصرف بشكل مختلف والتى وإن اختارت الطلاق حلًّا فهى لا تنسى مسؤولياتها والتزاماتها وتخرج بأقل خسائر ممكنة.

وحتى لا يكون أبغض الحلال حلًّا فإن إعمال العقل والتفكير والتوصل لمصالحة حقيقية بين العقل والقلب وتحكيم العقل في اختيار شريك الحياة يساعدنا على اجتياز الكثير من العقبات التى تقابلنا أثناء رحلتنا في هذه الحياة. كما أن الاعتماد على الحوار كسبيل راقٍ لحل أي مشكلة يجنبنا اللجوء للصمت الطويل والذي ينتهى إلى انفجار هائل لا يُحمد عقباه.

وأسأل الله للجميع بأن يرزقهم حسن الاختيار من البداية وأن ينعموا بحياة يقودها العقل وتزينها المودة والرحمة؛ لنكوِّن بذلك أسرة عاقلة لمجتمع فاضل.

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط

ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب

 

شيماء ماجد

عضوة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالإسكندرية