مقالات

يقولون أن التغيير ممكن ولكن كيف؟!

حلم التغيير

أيصبح الحلم حقيقة؟ أنصل لما نصبو إليه؟ أحقًا لدينا القدرة على التغيير في المجتمع وفي مجرى التاريخ؟

أم نحن فقط كالسراب نحيا ونموت على الهامش؟ أذهاننا منشغلة بمصائرنا الشخصية وكذلك بالمصير الجمعي للشعوب والمنطقة التي نحيا بها. يئس الكثير من الواقع وظنوا أنه لا مفر مما نواجهه من فقر وبطالة وتخلف علمي وتقني وانحسار للأخلاق وانتشار للرذيلة حتى بات أحد التساؤلات الأكثر ترددًا بين أوساط المجتمع والشباب خاصةً «هو لسه في أمل؟».

كثير منا الآن خاصة بعد أن فشلت العديد من ثورات الربيع العربي كفروا بقضية التغيير أو كفروا بالأمل حتى بات الخطاب الجماهيري على ساحات التواصل الاجتماعي هو خطاب «مفيش فايدة». الخوف من المستقبل والاكتئاب بعد كم الإحباطات التي واجهها هذا الجيل تنسيه أن سنن التغيير في الكون راسخة.

التنمية البشرية والتغيير

ومع غياب مشاعل الأمل التي كان عليها أن تضيئ الطريق تظهر أطروحات التنمية الذاتية والتي من الممكن أن يكون لها بالفعل دورًا في تنمية بعض المهارات الفردية ولكنها تغفل الجانب الأهم وهو الجانب المجتمعي؛ فحدوث التغيير لا يكون بالوقوف أمام المرآة والنظر إليها مرددين «نحن ناجحون» «نحن نستطيع» عشر مرات كل صباح قبل الانطلاق إلى العمل.

على نفس منوال عبد المنعم مدبولي في فيلم مطاردة غرامية «أنا مش قصير وقزعة أنا طويل وأهبل».

اضغط على الاعلان لو أعجبك

قد يكون الأسلوب الذي تتبعه التنمية الذاتية يتم استخدامه في العلاج النفسي حينما يريد الطبيب أن يزيل فكرة من ذهن المريض، فيخبره بأنه عليه أن يخبر نفسه بما هو عكس تلك الفكرة ليزرع في لا وعيه أمرًا؛ آملًا أن تتغير قناعة الشخص مع الوقت ومع عدة أنواع أخرى من العلاجات كالعلاج السلوكي المعتمد على الممارسة السلوكية لما تخشاه النفس.

قد يكون ذلك مفيدًا في العلاج النفسي حقًا لزرع فكرة في اللاوعي لدينا ولكن حينما نكون في معرض الحديث عن الإنجازات الفعلية على أرض الواقع فإن ذلك لا يقاس بالنية وفقط أو بالحلم والخيال.

التغيير ممكن

ونحن لا نحتاج لطبيب نفسي كي يخبرنا بحقائق جلية ينتبه إليها كل متدبر في التاريخ، فبحسب الوقائع التاريخية بطريقة استقرائية بحتة وبحسب أيضًا البرهان العقلي فإن التغيير ليس فقط سنة من سنن التاريخ، ولكنه ممكنٌ دائمًا، وحتى ينتقل من خانة الممكن الوجود إلى خانة الواجب الوجود فيجب أن يكون هناك مُرجح لوجوده وهو النفس البشرية «نحن» أنا وأنت.

إذن هذا ما يدل عليه العقل، وهو أيضا ما تدعمه سير الصالحين، فعلى يد النبي محمد تحولت أمته خلال 23 عامًا من أمة ترعى الغنم إلى أمة ترعى الأمم. وكان النبي نوح – الذي دعا قومه قرابة الألف عام ولم يؤمن معه إلا قليل- يجمع الحطب على اليابسة من أجل شيء لا يراه رأي العين ولصناعة منتج لم يعهده قومه من قبل، ولم يكن يفعل ذلك إلا من أجل التغيير.

إن عمل المصلحين والأنبياء على مدار التاريخ وفي مختلف الشعوب امتد لعشرات السنين وبعضهم رأوا آثار ما غرسته أيديهم وبعضهم ماتوا قبل أن يروه، فمن أراد التغيير بصدق وبحيادية تامة لا يصح أن يلهيه استعجال النتائج عن مواصلة السعي.

فحينما يسعى المعلم – الآن- في غرس معلومة في طفل قد يظهر أثرها في حفيد هذا الطفل كمؤرخ عظيم رباه أبوه على ما رباه جده على ما رباه المعلم.

وخلاصة القول أننا قد نحصد ما نزرع ونحن أحياء وقد لا نحصد. فلا ينسينا ذلك سنة التغيير. وأن التغيير حتمي ولن يحدث إلا إذا أخلصنا السعي قدر استطاعتنا آملين رؤية النتائج خلال حيواتنا، مدركين أننا قد نراها أو لا نراها.

اقرأ أيضا:

هاري بوتر والجمل الطيب .. تأثير الإعلام والأضرار التي يقدمها لأطفالنا الصغار

يعني ايه تربية؟ ( الجزء الثاني ) – دور البيئة في عملية التربية وصناعة الإنسان

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط

ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب

حازم خالد

طبيب امتياز – كلية الطب جامعة المنصورة
باحث بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة