سفر فلسطين .. المسيح بيننا
“شكرا أيها الرئيس ترامب، شكرا يا نيكي هايلي”
استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق “الفيتو” على مشروع قرار في مجلس الأمن لرفض إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بأورشليم القدس عاصمة لإسرائيل. “شكرا أيها السفيرة الأميركية نيكي هايلي وخلال عيد الحانوكا تحدثت مثل مكابية”.
هذا المنشور كان على صفحة من صفحات الكيان الصهيوني الموجهة للعرب، وتلك الجمل كانت على لسان بنيامين نتنياهو رئيس وزراء دولة الاحتلال.
في ظل عودة القضية الفلسطينية للأذهان، وهو أمر طال انتظاره ننتظر منه أن يعطر جلساتنا بعد أن نتن العالم من سوء الفكر والسلوك، وفي ظل هذا الحراك الفكرى الذي أثاره الكاوبوي الأمريكى الذي نشكره بالمناسبة على تجديد شرف الأمة بقراره الأرعن، في ظل هذا الحراك لا ينبغي أن نغفل ما تقوله صفحات الكيان الصهيوني ومنابره الإعلامية لنعلم تحركات وتوجهات هذا اللقيط ورؤيته للأحداث، وفي الحقيقة وبمتابعتنا مؤخراً -بعد قرار ترامب- عرفنا مدى فرحة الإسرائليين بالقرار واعتباره خطوة تاريخية نحو تحقيق حلم إسرائيل، ويبدو أن القرار جاء فى وقت احتفالات اليهود بأحد أعيادهم القومية ولا تعلم هل هذه صدفة أم هدية من روما الحديثة إلى الشعب المضطهد اعتذاراً عن خذلان روما القديمة لهم؟
عموما نعلم أنه لا صدفة في السياسة
التاريخ الروماني حافل بالصراعات مع الطائفة اليهودية التي عاشت فى مستعمرة فلسطين ومليء بالقلائل والثورات ولعل ثورة المكابيين حدث مهم فى تاريخ هذه الطائفة، سنتكلم عن المكابيين بعد قليل، والآن نتكلم قليلا عن الفكر الديني الحالي في الخطاب الإسرائيلي، وعن وجود علامات وإشارات لا تدع مجالاً للشك أن إسرائيل خرجت من رحم التأويلات المتطرفة لكتابات التوراة لتضع لنا كابوساً في المنطقة يمهد لنبوءات عن عودة المسيح المُخلص.
إن المقال ليس عن المُخلص وحقيقـته بل عن العقيدة التي وراء الدولة، وأن العقيدة يمكن أن تغير وجه التاريخ إن كانت عن إخلاص وتضحية وإيمان حقيقي، الحديث عن نصوص الكتاب المقدس التي تتعهد لشعب إسرائيل بأن يكون لها يد عليا على باقي الأمم، عن اسم (إسرائيل) وهو الاسم العبراني للنبي يعقوب والذي تم اختياره ليكون اسم دولة الاحتلال، عن جيش الدفاع الذي يتم الإعلام عنه في كل وقت أنه يقوم بمهام “مقدسة” وهي حماية الوجود الصهيوني، دولة إسرائيل يتم الترويج عنها بشكل ديني فى كثير من الأوقات وأن وجودها يمثل إرادة الرب نفسه، وهذا على سبيل المثال ظهر في تصريح نتنياهو الذى استهللنا به المقال حينما تحدث عن المكابيين.
حتى تتضح الصورة هناك حزبان حاكمان في أمريكا، الديمقراطي والجمهوري، حزب الحريات وحزب المحافظين، الليبراليون والبروتستانت، الحزب الجمهوري هو حزب عودة المسيح وحاكمية الكتاب المقدس، وهو الحزب الذي يساند إسرائيل لأن وجودها ممهد لعودة المسيح، فالنبوءات تقول أن المسيح يعود بعد بناء الهيكل في إسرائيل في زمن قيام روما الجديدة، وهي نبوءات مجمعة تم تفسيرها من عدة مواضع في الكتاب المقدس منها سفر الرؤيا وإشعياء وأرمياء ودانيال، ويمكن لمن أراد أن يلم بها أن يجدها بسهولة على شبكة الإنترنت أو أفلام هوليوود التي تتكلم عن نهاية العالم، وفي تلك النبوءة نجد ثلاث مراحل مهمة لا بد من حدوثها لعودة المسيح: الأولى هي قيام الإمبراطورية الرومانية من جديد وهو أمر فسره دارسو الكتاب المقدس على أنه الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة الأمريكية، والثاني هو قيام إسرائيل وقد تم باحتلال الأراضي الفلسطينية، والثالث وهو الأخير بناء الهيكل مكان القدس وهو الأمر الذي كان مستصعباً بسبب المقاومة وتمسك الفلسطينين بالقدس -هنا نفهم لماذا تكره أمريكا المقاومة وتصفها بالإرهاب لأنها توقف آمالها في المنطقة- وتبعات قرار ترامب بإعطاء القدس كلها لإسرائيل، الآن والآن فقط يمكن لإسرائيل هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل الذي سيكون حدثاً عالمياً تدعو إليه كل العالم وتبدأ تؤرخ تاريخ العالم من بعده.
الآن من هم المكابيون الذي قال نتنياهو على السفيرة المريكية أنها منهم؟
المكابيون (بالعبرية: מכבים مكابيم أو מקבים مقابيم) هي مجموعة عسكرية يهودية قامت بثورة على حكام سوريا السلوقيين. تمكن المكابيون من تكوين السلالة الحشمونية التي حكمت فلسطين من 164 ق.م. وحتى 63 ق.م. قبل وقوعها في يد بومبي الروماني. اشتهر المكابيون بعصبيتهم الدينية حيث ركزوا على دور الديانة اليهودية في الحياة اليومية، وحدّوا من انتشار اللغة والثقافة اليونانية في المنطقة.
تروي الترجمة السبعونية للكتاب المقدس تاريخ المكابيين في سفري المكابيين الأول والثاني بما يسمى بالأسفار القانونية الثانية.
** محور السفر:
+ ترقب مجيء المسيح.
+ الغلبة بالإيمان.
+ الجهاد.
+ المكابيون هم كهنة من العشيرة الحشمونية من أبناء يهوياديت (1 أي 24: 7)، أول من أخذ هذا اللقب هو يهوذا بن متاثيا وهو يهوذا الملقب “بالمكب” ومعناه المطرقة، ومن ثم اتخذ الاسم “مكابيين”، ثم أطلق بعد ذلك على كل العشيرة بل وعلى كل من قاوم الحكام السلوقيـين.
وهذا السفر يروي تاريخ فترة من الزمن تمتد إلى أربعين سنة من جلوس أنطيوخس أبيفانيوس على العرش (أنطيوخس الرابع السلوقي) (175 ق.م) وقام باضطهاد اليهود ليلزمهم بعبادة الأوثان، فقد طلب الملك من متاثيا الكاهن أن يقدم ذبيحة للوثن حتى يقـتدي الكل به؛ فرفض، ولما ضعف رجل يهودي وتقدم نحو المذبح قام متاثيا بقـتله هو ونائب الملك وانطلق إلى الجبال ومعه كثيرون.
أرسل الملك يحاربهم يوم السبت فقتل نحو ألف منهم دون مقاومة، لكنهم أدركوا الأمر وقاموا بالهجوم وهدم المذابح الوثنية إلخ… ولما مات متاثيا تولى القيادة ابنه الثالث (يهوذا المكابي) وكان شجاعا وحكيما فأحبه الشعب، وقد غلب يهوذا في مواقع كثيرة وطهر أورشليم من الوثنية وبنى مذبحًا جديدًا وعيدوا ثمانية أيام وفي السنة الثالثة وفي نفس اليوم الذي تدنس فيه الهيكل رسم “عيد تجديد الهيكل” سنة 165 ق.م. ثم مات أنطيوخس سنة 164 ق.م. بعد هزيمة جيوشه وتمزق جسمه بقوة الله (2 مك 9: 11، 12).
وفي سنة 161 ق.م. بعد أن غلب يهوذا نيكانور السلوقي قتل يهوذا وخلعه يوناثان أخوه. هذا الأخير أسره قائد الجيش السوري تريفون وقـتله عام 142 ق.م. فتولى أخوه شمعون الزعامة وكان قويا لكنه اغتيل بيد صهره بطولمايس سنة 135 ق.م. فخلعه ابنه يوحنا هركانوس (135 – 105 ق.م.)… إلخ.
+ يعتبر سفر المكابيين المصدر التاريخي الوحيد الذي يتكلم عن جهاد اليهود في سبيل الاستقلال الديني والسياسي خلال تلك السنوات وخاصة في أزمات الاضطهاد والأزمات الحادة لأنه ينفث في قارئه روح الولاء والإخلاص حتى الموت.
هذه هي قصة المكابيين، المقاومة اليهودية ضد الاحتلال الروماني، أين الشبه بين السفيرة الأمريكية والفيتو الأمريكي وبين المكابيين؟ لا شيء هي مجرد وسام ديني يمنحه صهيوني لمحاميه، محامي الشيطان.
لقد أصبحت إسرائيل مثلها مثل روما واحتلت أراضي ليس لها فيها حق، واضطهدت التراث الديني والشعبي لأهل هذه الأرض، وصار شعب فلسطين كالمكابيين يقاوم من أجل وجوده وهويته، صارت حكومة الاحتلال مثل أنطوخيوس السلوقي تضطهد أهل الأرض في سبيل وهم السلطة والسيادة وحق القوة.
فلنكتب سفرا يسمى سفر الفلسطينيين، سفر عن الغلبة بالإيمان وعن الجهاد والمقاومة، والأهم عن المسيح الذي يمسك بالحجارة ويقذف الدبابات والذي يقصف المستوطنات والذي يدعو إلى سبيل المقاومة والعدالة في كل المنارات.
اقرأ أيضاً:
غاية الفصيح في الاحتفال بعيد ميلاد المسيح, الكريسماس بين المحتفلين والمهنئين
في يوم الأرض، الأرض كل الأرض لنا!
الدائرة المفرغة للعبودية الحديثة … الخدمات الإستهلاكية والشركات الرأسمالية